بزوغ فجر عصر جديد لسباق تسلح في الفضاء

آية أحمد

كتبت – آية أحمد

سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين تمر بمراحل متغيرة؛ حيث استمرت واشنطن فترة طويلة في مرحلة الإنكار: فمنذ فترة  تولي الرئيس الأمريكي الأسبق “باراك أوباما”، كان هناك اعتقاد بأن الصين سوف تصبح أشبه بالولايات المتحدة أو على الأقل سوف تلعب بقواعدها، ثم مع بداية الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، دخلت واشنطن في مرحلة الغضب: وذلك لأن الصين أصبحت تلعب دور الولايات المتحدة مما دفع الولايات المتحدة –آنذاك- إلى التصدي لها، ومع صعود الرئيس الحالي “جو بايدن” إلى سدة الحكم، بدا أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين تتخذُ مسارًا آخر يختلف عن الذي كانت تنتهجه واشنطن في عهد “ترامب”، مفارقة أن الولايات المتحدة في عهد “بايدن”، تؤمنُ بأن المنافسة المحتدمة بين البلدين لا تحولُ دون المحافظة على خيوط اتصال نشيطة معها، كما أنها لا تتجه نحو الصراع، سواء كان مقصودًا أو غير مقصود.

التحول من الحرب التجارية

بعد أن كانت الولايات المتحدة تخوض مع الصين معركة تجارية مريرة؛ تمثلت في فرض رسوم جمركية على البضائع بين البلدين والتي وصلت قيمتها إلى مليارات الدولارات، والاتهامات بممارسات تجارية غير عادلة وبسرقات في مجال حقوق الملكية الفكرية. بدأ التحول من عصر” الحرب التجارية” -التي استمرت قرابة العامين- إلى “حرب الفضاء”، وأصبحت البلدان تخطو شوطًا جديدًا في تطوير الأسلحة الفضائية؛ حيث تحول مفهوم الحرب من كونها حرب تقليدية على الأرض إلى حرب في الفضاء تستعين بكافة القدرات التكنولوجية والمعلوماتية والاستخباراتية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتي من الصعب التوقع بمداها.

حرب الظل في الفضاء

إن احتمال نشوب حرب في الفضاء ليس جديدًا. فبدافع خوف الولايات المتحدة من الأسلحة النووية التي تنطلق من مدار حول الأرض، بدأت في اختبار أسلحة مضادة للأقمار الصناعية منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي حتى الآن.

وفي الآونة الأخيرة -ووفقًا لما ذكره الجنرال ديفيد طومسون، النائب الأول لرئيس العمليات في القوة الفضائية، لصحيفة “واشنطن بوست” خلال منتدى هاليفاكس الأمني الدولي، المنعقد خلال الفترة (19-21 نوفمبر 2021)- في الوقت الذي يُحذر فيه المسؤولون والخبراء في واشنطن من مخاطر حدوث سباق تسلح في الفضاء، فإن خصوم الولايات المتحدة (روسيا والصين) يقومون باستمرار بعمليات ضد الأقمار الصناعية الأمريكية التي تلتف حول الخط الفاصل بين عمليات الاستخبارات وأعمال الحرب، “وتزداد وتيرة الصراع حدة وتتسع يومًا عن يوم.

وقد أوضح الجنرال “طومسون” أن الولايات المتحدة يجب أن تتعامل مع “الهجمات العكسية على الأقمار الصناعية الحكومية الأمريكية ” – أي الهجمات التي لا تلحق أضرارًا دائمة بالأقمار الصناعية- التي تحدث كل يوم عبر أدوات غير حركية مثل الليزر وأجهزة التشويش على التردد اللاسلكي والهجمات الإلكترونية، ووفقًا لـ”طومسون” ترجع رغبة الصين في تقويض الجهود الأمريكية لعسكرة الفضاء إلى جملةٍ من الأسباب التي يأتي في مقدمتها رغبة الحكومة الصينية في تعطيل الأقمار الصناعية الأمريكية، والتي كانت تستخدم في الكشف عن معسكرات المعتقلين من مسلمي الإيغور وحقول الصواريخ النووية الصينية الجديدة، كما كشف عن أن هناك تقارير تفيد بأن الصين كانت تطور قمر صناعي يمكنه أن يهاجم جسما آخر في الفضاء بذراع آلي أو خطاف مصارع.

وأكد الجنرال أنه عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا الفضاء الخارجي، “تصبح الولايات المتحدة الأمريكية هي الأفضل في العالم، من حيث القدرة بوضوح” ولكن الصين ‘تلحق بالركب بسرعة، وأشار إلى أن الصين تقوم ببناء نسختها الخاصة من النظم العالمية لتحديد المواقع بواسطة السواتل – مركبة تدور في فلك الفضاء الخارجي- هذا بالإضافة إلى “المائتين” من أقمار الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع التي نشرتها الآن لمراقبة أي جزء من العالم.

الآفاق

البوادر تنذر بحرب باردة طويلة بين العملاقين، إلا أنه يظل هناك متغيرات كثيرة تحكم العلاقة بين البلدين، وبات صناع القرار في الولايات لمتحدة على وعي تام بالتحدي الإستراتيجي الذي تشكله القوة الصينية بالنسبة للهيمنة الغربية على العالم.

ربما يعجبك أيضا