داعش يدق جرس الإنذار.. والخلافات ثغرة أعادته للعراق

دعاء عبدالنبي
داعش في العراق

كتبت – دعاء عبدالنبي

كابوس داعش يراوغ من جديد للانتشار في البلاد التي دحر فيها قبل سنوات، مستغلًا المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وهو ما حدث بعد سيطرته على قرية شمالي العراق لعدة ساعات، ليدق جرس الإنذار حول ضرورة التعاون لبسط الأمن وإنهاء الخلافات السياسية.

عمليات داعش

في حادثة شكلت منعطفًا حاسمًا في العراق، سيطر “داعش” قبل أيام على قرية “لهيبان” بقضاء الدبس في محافظة كركوك (شمال)، ومع أن الأمر لم يستمر لأكثر من ساعات، إلا أنه بعث برسائل تحذيرية من خطر استغلال التنظيم المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، لإعادة انتشاره من جديد في البلاد.

هجمة داعش لم تكن الأولى، فقد سبقها هجمات متتالية على قوات البيشمركة أوقعت عشرات القتلى والمصابين، الأمر الذي دفع رئيس إقليم كردستان العراق، نيجرفان برزاني، للمطالبة بضرورة تعاون الجيش العراقي والبيشمركة لمواجهة داعش، فضلًا عن دعوته للتحالف الدولي إلى ضرورة ملء المناطق الواقعة بين البيشمركة والقوات العراقية على حدود محافظة نينوى مع الإقليم.

وبحسب المحللين، فليس من المتوقع أن يكون لداعش سيطرة على أي أراض ومناطق في البلاد لعدة أسباب منها أنه لم يعد بتلك القوة التي مكنته سابقاً من السيطرة عام 2014 بعد تعرضه لهزيمة كبيرة وقتل العدد الأكبر من عناصره وهروب أعداد أخرى إلى العديد من الدول في أوروبا وآسيا وإفريقيا هذا من جهة، ومن جهة أخرى جاهزية القوات الأمنية والعسكرية العراقية.

لكن في ظل الأوضاع الراهنة ليس من المستبعد أن تتزايد العمليات الإرهابية لتنظيم داعش الذي غالبا ما يستغل الأزمات السياسية في القيام بنشاطاته وأعماله الإرهابية.

خلافات عميقة

ومن هذا المنطلق، تعد المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم من المناطق التي تتأثر سلباً بالأوضاع والتطورات السياسية والبعض منها تحت سيطرة قوات البيشمركة التي لا تمتلك قدرات القوات الأمنية الاتحادية مما يجعلها عرضة للهجمات الإرهابية.

وفي سياق متصل، فإن التصعيد الملحوظ لتنظيم داعش في مناطق محاذية لإقليم كردستان العراق خلال أقل من أسبوع، مؤشر قوي على استغلال التنظيم المتشدد لـ”غياب التنسيق” الأمني في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وفقا لمحللين ومسؤولين.

ومن أبرز المناطق الخالية من قوات الأمن، وينتشر فيها عناصر داعش، تمتد من جبل قره تشوغ، ومناطق غرب كركوك في الحويجة والعباسي، إضافة لقضاء الدبسن، ومناطق شاسعة، بين قضاءي كفري، وطوزخورماتو جنوب غربي كركوك.

ويستغل تنظيم داعش، كذلك، التضاريس الوعرة لسلسلة تلال حمرين التي تمتد من شمال ديالى وحتى جنوبي الموصل، فضلا عن مناطق في قضاء قولهجو وناحية جلولاء في ديالى التي تمتاز بكثافة بساتينها وانتشار المسطحات المائية التي يستغلها عناصر التنظيم في التخفي.

الخلافات بين القوات العراقية وقوات البيشمركة حول “من يمسك الأرض” ساهمت في تزايد الأنشطة الإرهابية، الأمر الذي يستدعي التعاون الأمني الوثيق وليس مجرد تفاهمات لا تصل لحد التنسيق الأكبر الذي يمكن من خلاله مواجهة داعش.

كيف عاد التنظيم؟

وبحسب تقرير للأمم المتحدة صدر في فبراير الماضي، أشر إلى أن “تنظيم داعش يحافظ على وجود سري كبير في العراق وسوريا، ويشن تمردًا مستمرًا على جانبي الحدود بين البلدين مع امتداده على الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقا”.

ويرجح الخبير الأمني العراقي أمير الساعدي استمرار هجمات داعش “ما لم تتمكن أجهزة الأمن تطوير قدراتها، وخاصة في مجال المعلومات الاستخبارية لملاحقة التنظيم في تلك المناطق على أقل تقدير”.

خلافا لسنوات سيطرته على أجزاء واسعة من العراق انطلاقا من 2014، يرى خبراء في الجماعات المسلحة أن داعش اتجه نحو التأقلم مع المتغيرات عبر اعتماد تكتيك حرب العصابات، في خطوة تعرف بأنها من أكثر ما يرهق الجيوش النظامية.

وعلى هذا النحو استغل التنظيم حالة “الاطمئنان” السارية عقب دحره عسكريا، وعمل على الاحتفاظ بقدرات خلاياه النائمة بالمناطق الوعرة وعلى الحدود مع سوريا، ليتمكن من بعدها من شن حرب عصابات لا مركزية.

وهنا يمكن تفسير عدم قدرة بغداد على القضاء نهائيا على التنظيم، رغم عشرات الحملات الأمنية والعسكرية التي شنتها ضد بقاياه بالسنوات الماضية، ورغم الإسناد والدعم الذي قدمته قوات التحالف الدولي، ما يعني أن العراق لا يزال بحاجة للعمل أكثر على هذا الجانب لهزيمة داعش بشكل نهائي، من خلال وضع استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب، تتجاوز سياسة الاعتماد القوة العسكرية.

ربما يعجبك أيضا