17 ديسمبر في تونس.. ذكرى ثورة شعب استغلها الإخوان لإسقاط الدولة

مراسلو رؤية

رؤية_كريم بن صالح

يحيي التونسيون، اليوم (الجمعة)، الذكرى الحادية عشر لاندلاع الثورة التي أطلق عليها ثورة الياسمين أو ما بات يُعرف بالربيع العربي في خضم أزمة اقتصادية وخلافات سياسية.

ورغم أن الاحتفال بالثورة السنة الحالية ليس كسابقاتها بعد أن تمكن الرئيس الحالي قيس سعيد من إخراج حركة النهضة الإسلامية من السلطة من خلال الإجراءات الاستثنائية ثم طرح مواعيد لإجراء استفتاء وانتخابات تشريعية سابقة لأوانها لكن التونسيين لا يزالون يشعرون يقلق حول مستقبلهم في ظل التهديدات الإخوانية المستمرة.

وقبل 11 سنة أقدم الشاب محمد البوعزيزي على إضرام النار في جسده أمام مقر ولاية سيدي بوزيد وسط البلاد لتندلع بعدها احتجاجات أدت إلى إسقاط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي خير مغادرة البلاد نحو المملكة العربية السعودية.

ورغم الأخبار والتقارير والمعطيات الجديدة حول ظروف مغادرة بن علي السلطة ودور المخابرات الأجنبية في دفعه إلى الهروب من البلاد بالتعاون مع جهات داخلية نافذة لكن سقوط نظامه في 14 يناير 2011 فتح المجال أمام التيار الإسلامي للسيطرة على دواليب الدولة تمهيدا لإضعافها ومحاولة إسقاطها.

واليوم يعيش التونسيون نتيجة 10 سنوات من حكم حركة النهضة الإسلامية في أزمات اقتصادية واجتماعية حيث تمكن الفساد من التغلغل في أجهزة الدولة وتفشى الفقر والبطالة فبعد أن طالب جزء من الشعب بالحرية والكرامة الوطنية انتهى بهم المطاف إلى خسارة السيادة وامتهان الكرامة بل والسقوط في فخ التطرف والإرهاب.

وحتى عائلة محمد البوعزيزي خيرت اللجوء إلى كندا كدليل على أن الوضع في تونس أصبح لا يطاق في ظل سيطرة الإسلام السياسي على السلطة.

ذكرى ثورة بلا إسلام سياسي

ويرى مراقبون أنه بالرغم من الفترة السوداء التي عاشها التونسيون بعد الثورة لكن ما يعطي الشعب الأمل هو تمكن الرئيس من إبعاد الإسلاميين على السلطة وسعيه لإنهاء حقبتهم السوداء.

ولعل قرار الرئيس قيس سعيد بتغيير عيد الثورة من 14 يناير إلى 17 ديسمبر دليل على أنه يفرق بين من أشعلوا الثورة لأسباب اقتصادية واجتماعية ورفضا للغبن والحيف وبين من استغل تلك التحركات الشعبية وتغيير دفتها لفسح المجال أمام الإسلاميين للركوب على الحدث للسيطرة على الحكم.

وفي هذا الصدد قال الرئيس قيس سعيد إن “يوم 17 ديسمبر هو يوم عيد الثورة وليس يوم 14 يناير كما تم الإعلان عن ذلك في العام 2011”.

وأكد الرئيس التونسي أن “الانفجار الثوري انطلق من سيدي بوزيد، ولكن للأسف تم احتواء الثورة حتى يتم إقصاء الشعب عن التعبير عن إرادته وعن الشعارات التي رفعها”.

وفي الحقيقة فإن تصريح الرئيس قيس سعيد يردده الشعب التونسي الذي يشعر بأن ثورته تم احتواؤها من قبل أطراف لم تسع يوما إلى انتشاله من وضع اقتصادي صعب كان يعيشه في أواخر حكم بن علي بل كانت تخطط للإجهاز على النظام لتحل مكانه دون برنامج.

وكان الغنوشي أقر يوم سقوط نظام بن علي أن الأحزاب بما فيها حزبه لم يشاركوا في التحركات الاحتجاجية لكنه عندما تمكن من الوصول إلى الحكم غير موقفه قائلا إن النهضة ساهمت في الحراك الثوري من 17 ديسمبر إلى 14 يناير في استمرار لازدواجية الخطاب التي عرف بها.

ويؤكد الرئيس قيس سعيد أنه جاء لتصحيح ذلك الوضع ومحاسبة كل الأطراف التي تورطت في الإضرار بمصالح الشعب وأوصلته إلى حافة الانهيار بعد أن استغلت ثورته.

تصحيح مسار الثورة

ويرى مطلعون على الشأن التونسي أن الرئيس قيس سعيد يعمل على تصحيح مسار الثورة من خلال جهوده الحالية لتعليق دستور أعده الإخوان على مقاسهم في 2014 والإعلان عن مواعيد لإجراء الانتخابات والاستفتاء للمرور الى مرحلة جديدة.

ولعل حديث الرئيس عن تشريك الشباب في الجهات الداخلية في الحوار الوطني من خلال المنصات الإلكترونية محاولة من الرئيس لمنح الفرصة لمن شاركوا في الثورة ميدانيا في تقرير مصير بلادهم عوض الأحزاب التي استفادت من تضحيات هؤلاء الشباب لجني ثمار الحكم.

ويقول رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري إن الرئيس قيس سعيد يريد فتح المجال أمام أجيال جديدة للمشاركة في بناء بلادها عوض الأحزاب التقليدية التي أوصلت البلاد إلى المجهول.

وينتظر التونسيون من الرئيس قيس سعيد حل حزب النهضة لإنهاء حقبته بشكل كامل بناء على تقارير محكمة المحاسبات التي كشفت تورط الحزب في التمويل الأجنبي والتعامل مع جهات أجنبية لإسقاط الدولة.

ولا يريد التونسيون غلق قوس الثورة وإنما العمل على تصحيح مسارها حتى يكون الشعب هو المستفيد الأول منها وليس اللوبيات وأصحاب المصالح الضيقة.

ربما يعجبك أيضا