تداعيات الأزمة الأوكرانية.. هل تلجأ روسيا لاستخدام «الغاز» كورقة ضغط على الغرب؟

حسام السبكي

حسام السبكي

أزمتان عالميتان، باتتا تشغلان مساحات شاسعة في التغطيات السياسية والاقتصادية، لمختلف وسائل الإعلام حول العالم، أما الأولى فهي الخاصة بارتفاع أسعار الطاقة، خصوصًا مع حلول الشتاء القارس، وكثرة الطلب على مواد الطاقة المختلفة، ومن بينها الغاز الطبيعي، بينما كانت الأزمة الثانية متمثلة في التهديد الروسي باجتياح أوكرانيا، وهو ما يقابل بمقاومة أوروأمريكية على نطاق واسع، ويتصدر المشهد حلف شمال الأطلسي الناتو.

وبما أن روسيا أحد أشهر وأغنى منتجي الغاز الطبيعي في العالم، فهل تلجأ موسكو – رغم نفيها المتكرر لذلك بالإضافة إلى عدم نيتها التوغل لدى جارتها أوكرانيا – لاستخدام الطاقة أو الغاز تحديدًا كسلاح استراتيجي، تضغط به الغرب من أجل وقف تهديداته لروسيا في شرق القارة العجوز، بالإضافة لاستغلاله من أجل تمرير خط “نور ستريم 2″، والذي يوصف بـ«المغضوب عليه أمريكيًا»؟!

أزمة الغاز

121069261 gettyimages 1235815063

مع نهاية الأسبوع الماضي، أظهرت بيانات من مشغل الشبكة الألمانية جاسكاد، أن خط أنابيب يامال-أوروبا الذي عادة ما يرسل الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية كان يعمل في وضع عكسي لليوم الرابع يوم الجمعة ويشحن الوقود من ألمانيا إلى بولندا.

ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية إلى مستوى قياسي هذا الأسبوع بعد أن غيرت يامال اتجاهها ، لكنها تراجعت يوم الجمعة.

من جانبها، قالت روسيا إن انعكاس التدفق ليس تحركا سياسيا، رغم أنه يتزامن مع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بشأن أوكرانيا، وكذلك نفت أن يكون أداة ضغط لتمرير برنامج نورد ستريم 2.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس الماضي إن تحويل مسار الغاز يرجع إلى عدم وجود طلبات من المشترين، وقال بعض المشترين الرئيسيين للغاز الروسي إنهم لم يطلبوا إمدادات إضافية.

بدورهقال نائب رئيس الوزراء الروسي، أليسكندر نوفاك،  إن الأخطاء التي ارتكبها السياسيون الأوروبيون في إدارة سياسة الطاقة ، بما في ذلك التحركات لخفض صفقات إمدادات الغاز طويلة الأجل لصالح السوق الفورية ، كانت من بين الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع أسعار الغاز.

هذا، وأظهرت نتائج المزاد يوم الجمعة أن جازبروم ، التي تحتكر صادرات الغاز الروسي عبر خط الأنابيب ، لم تحجز سعة نقل الغاز للصادرات عبر خط أنابيب يامال-أوروبا في مزاد 24 ديسمبر.

وكشف مسؤول روسي كبير يوم الجمعة، إن أوروبا خسرت إمدادات روسية إضافية وسط تأخيرات في خط أنابيب نورد ستريم 2.

ويواجه نورد ستريم 2، الذي اكتمل في سبتمبر ، مقاومة من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية بما في ذلك بولندا وأوكرانيا ، التي تقول إنها ستزيد من نفوذ روسيا على القارة.

أصبح المشروع أيضا نقطة محورية في مواجهة أوسع بين الغرب وروسيا وسط التوترات بشأن أوكرانيا، ويتوقع نائب رئيس وزراء روسيا، الكساندر نوفاك نوفاك حصول نورد ستريم 2 على تصريح في منتصف عام 2022.

والشركاء الغربيون لعملاق الغاز الروسي غازبروم في المشروع هم يونيبر الألمانية ووينترشال ديا التابعة لشركة باسف وشركة شل العالمية للنفط وشركة أو إم في النمساوية وإنجي الفرنسية.

طمأنة روسية

بينما تبدو هنالك حالة من الشك والريبة من الموقف الروسي في قضية الغاز على وجه التحديد، من الجانب الأوروبي، سعت بعض الدول وعلى رأسها صربيا، إلى النأي بنفسها عن هذا الصراع، باحثة عن مصالحها المباشرة.

في هذا السياق، قال الرئيس الصربي، ألكسندر فوسيتش، إنه يعتزم طلب كميات إضافية من الغاز لبلاده خلال محادثات هاتفية يجريها السبت مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين.

وقال فوسيتش فى مقابلة تلفزيونية الليلة الماضية “سيكون لدينا أكثر من 6 ملايين متر مكعب من الغاز. غدًا سأجرى محادثة هاتفية أخرى مع الرئيس بوتين .. سأطلب كميات إضافية من الغاز من بين أشياء أخرى، وسنناقش أيضًا جميع القضايا الأخرى، ونحلل كل ما حدث خلال العام”، بحسب ما نقلته وكالة أنباء “تاس” الروسية.

وكان الرئيس الصربى قد صرح قبل أيام بأنه يأمل أن تتفق بلاده قريبًا على مشتريات إضافية من الغاز الروسى بسعر مخفض، كما سبق أن صرح بأن الرئيس التنفيذى لشركة “غازبروم” الروسية، أليكسى ميللر، أكد له أن صربيا لن تبقى بدون غاز، مضيفًا أن بلجراد وموسكو تناقشان إمكانية شراء المزيد من الغاز بسبب الطقس البارد.

وتحتاج صربيا حاليًا إلى 6 ملايين متر مكعب إضافى من الغاز يوميًا، والتى لا يمكن شراؤها إلا من بورصة السلع بسعر مرتفع.

الأزمة الأوكرانية

211022 nato russia

لا تزال معضلة “الضمانات الأمنية”، أكثر ما يؤرق الساسة في روسيا، جراء مخاوف موسكو من تمدد حلف شمال الأطلسي – الداعم المباشر لأوكرانيا – شرقًا باتجاه روسيا.

في هذا الإطار، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن المناقشات المرتقبة بين موسكو وواشنطن حول الضمانات الأمنية ستركز على عدم توسع الناتو شرقا رغم تصريحات الطرف الأمريكي عن رفضه بحث هذا الموضوع.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، في بيان أمس (السبت): “ظهرت في الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية تصريحات جاء فيها أن المناقشات المرتقبة في الوقت القريب للمقترح الروسي حول وضع الضمانات القانونية الأمنية لن تتطرق إلى موضوع عدم توسع الناتو. في هذا السياق نشدد على أن عدم توسع الناتو وعدم نشر منظومات الأسلحة التي تهدد أمننا على حدودنا بالتحديد يمثلان القضيتين الأساسيتين والمحوريتين في المحادثات المرتقبة مع الولايات المتحدة والناتو”.

وأضافت زاخاروفا: “هذا الأمر يجب أن يفهمه بكل جلاء هؤلاء الذين لم يدركوا حتى الآن جوهر الموقف الروسي”.

ربما يعجبك أيضا