«قانون المالية 2022» يثير مخاوف التونسيين.. والرئيس يطمئن الشعب

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

لا يزال الشعب التونسي وقواه الحية تنتظر تفاصيل قانون المالية لسنة 2022 قبل أقل من أسبوع من بداية السنة الجديدة وسط مخاوف حقيقية من تداعيات عدد من الفصول على الوضع الاجتماعي المتردي في البلاد نتيجة عقد من حكم الإخوان وفشلهم في تحقيق نمو اقتصادي.

وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية مع حصول عجز بأكثر من 10 مليارات دينار في ميزانية 2021 ناهيك عن فشل حكومة هشام المشيشي السابقة المدعومة من حركة النهضة الإسلامية في تحقيق نسب نمو مع ارتفاع المديونية.

ورغم الدعوات المستمرة الموجهة لرئيس الجمهورية قيس سعيد من قبل القوى السياسية أو الخبراء الاقتصاديين بضرورة الكشف عن تفاصيل قانون المالية لسنة 2022 وذلك بعد اتخاذه الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو الماضي القاضي أساسا بتجميد البرلمان المخول بمناقشة الميزانية العامة والمصادقة عليها ثم الإعلان في ديسمبر عن أن عملية التجميد ستتواصل الى غاية إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر 2023 لكن الرئيس خير التريث قبل إعلان عن تفاصيل الميزانية مرة أخرى لحساسية الموقف.

وأمام قرار التريث قبل نشر تفاصيل الميزانية الجديدة عبر كثير من الخبراء الاقتصاديين عن مخاوفهم مما ستحويه فصول قانون المالية الجديد مع الحديث المتواتر عن إمكانية إلغاء صندوق الدعم والرفع في سعر المحروقات وإمكانية وقف الانتدابات في الوظائف الحكومية وما تردد كذلك عن جهود لتخفيض كلفة الأجور بنسبة 10 بالمائة وذلك في إطار إصلاحات يراها صندوق النقد الدولي ضرورية قبل الدخول في مفاوضات لمساعدة تونس ماليا.

كما عبر عدد من المختصين عن مخاوفهم عما تردد من ترفيع أسعار بعض المواد الأساسية والتي ستكون له تداعيات سلبية على المقدرة الشرائية للمواطنين.

وأكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في تصريح لرؤية أن العجز في الميزانية سيؤدي إلى فرض تمويل البنك المركزي للميزانية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وهذا سينعكس سلبا على التضخم المالي والقدرة الشرائية وقيمة العملة الوطنية مشيرا إلى أن الطبقات الفقيرة ستتحمل تبعات الإصلاحات الضرورية.

حديث عن إجراءات صعبة في إطار الإصلاح

وعمدت عدد من وسائل الإعلام التونسية إلى نشر بعض المعطيات حول مشروع قانون المالية المقبل بما فيها الحديث عن 27 إجراء ضريبيًا جديدًا والترفيع في بعض المواد الأساسية بل وإمكانية تسريح موظفين في القطاع الحكومي والتخلي تماما عن الدعم.

لكن الرئيس قيس سعيد أجاب على كل تلك التكهنات قائلا إن ما يتم تداوله لا أساس من الصحّة مشددا على أن إعداد مشروع الميزانية تم ّ في إطار حرص الدولة على بعث رسائل إيجابية لمختلف الفاعلين الاقتصاديين في الداخل وشركاء تونس والأطراف المانحة في الخارج، فضلا عن البحث عن تحقيق استقرار التوازنات المالية العمومية سنة 2022 لانطلاق التعافي على المدى المتوسّط.

وقال سعيد وفق بيان من مؤسسة الرئاسة إن برنامج الإصلاحات المضمّنة في مشروع قانون المالية لسنة 2022 سيمكن من تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، وتحسين مناخ الأعمال وإعادة الثقة مع شركاء تونس حتى تظل تونس وجهة جاذبة للاستثمار، بالإضافة إلى المحافظة على الدور الاجتماعي للدولة وإرساء ضرائب عادلة لا تثقل كاهل المؤسسات والأفراد، وتحسين حوكمة القطاع العام، وتعزيز إجراءات مجابهة تداعيات الأزمة الصحية.

الدولة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي

ويؤكد الرئيس التونسي أن مشروع ميزانية 2022 يحوي عدة إجراءات اجتماعية من أهمّها الترفيع في الإعانات المسندة إلى العائلات الفقيرة، وإسناد إعانة شهرية لفائدة أبناء العائلات محدودة ومتوسطة الدخل دون 6 سنوات، والمحافظة على المساعدات والتحويلات الاجتماعية، ومواصلة إسناد منحة الاندماج في الحياة الجامعية لكل ناجح في السنوية العامة ينتمي إلى عائلة ضعيفة أو متوسطة الدخل اضافة لتخفيف العبء الضريبي على رياض الأطفال المنخرطة في برنامج النهوض بالطفولة المبكرة الموجه لأطفال العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل.

وأكد سعيد أن مشروع الميزانية يهدف إلى تدعيم عمليات تعهد وصيانة المؤسسات التربوية وتحسين ظروف الإقامة المدرسية خاصة بالجهات الداخلية، العمل على وضع لجان قيادة برنامج السكن الاجتماعي، وإحداث خط تمويل يخصص لمؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وإحداث حساب خاص في الخزينة مخصص لتنويع مصادر تمويل صناديق الضمان الاجتماعي، وتمويل مشاريع صغرى لفائدة الفئات الهشة والمعاقين، والمحافظة على القدرة الشرائية من خلال التحكم في أسعار بيع المواد الفلاحية والأعلاف، فضلا عن المحافظة على أسعار بيع المواد المدعمة الموجهة للمواطن.

وأكد أن الميزانية تضمنت إجراءات اقتصادية لمساندة المؤسسات الاقتصادية وتشجيع المبادرة الخاصة وخلق رص العمل، وتعبئة الادخار لدفع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومقاومة التهرب الضريبي والتهريب وإدماج الاقتصاد الموازي و إحداث صندوق الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وتدعيم الأموال الذاتية للمؤسسات وتيسير حصولها على التمويلات، والتسريع في إحداث الشركات عن بعد، بالإضافة إلى مضاعفة الاعتمادات المخصصة لتشجيع إحداث المشاريع الفردية للشباب.

وأكد سعيد أن الميزانية ترمي إلى تشجيع الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة والتحول الطاقي، والتشجيع على استعمال الطاقات البديلة والمحافظة على البيئة وتمويل عمليات مراقبة وفرز وتثمين النفايات.

كما تضمن مشروع الميزانية وفق الرئيس إجراءات لمجابهة تداعيات الأزمة الصحية من بينها إحداث خط تمويل للمؤسسات الصغرى والمتوسطة المتضررة جراء جائحة كورونا، ومساندة المؤسسات السياحية والصناعات التقليدية، ومساعدة أجراء القطاع السياحي والصناعات التقليدية والأدلاء السياحيين.

وبالتالي فإن الرئيس قيس سعيد لم يتخل عن الدور الاجتماعي للدولة ودورها في حماية الطبقات الفقيرة من خالال مشروع ميزانية 2022 مثلما روجت لذلك بعض القوى القريبة من حركة النهضة.

ربما يعجبك أيضا