التخلي عن برامج التحفيز.. طوق نجاة العالم من التضخم في 2022

آية أحمد

كتبت – آية أحمد

استجابة للركود المصاحب لجائحة كوفيد-19 والمحطم للأرقام القياسية؛ تبنت العديد من الحكومات سياسات غير مسبوقة في مجال التحفيز المالي لم يسبق لها مثيل، ورغم أن السياسة المالية المناهضة للتقلبات الدورية فعَّالة في مكافحة حالات الركود التقليدية، إلا أنه لا يُعرف عن فعالية السياسة المالية إلا القليل من الدول في البيئة الحالية مع انتشار سياسات(الإغلاق) وما يرتبط بها من قيود كبيرة على النشاط الاقتصادي.

مخاطر التضخم

علينا الاعتراف بالمخاطر المحيطة بقضيتنا الأساسية (التضخم) سواء على الجانب الإيجابي أو السلبي، وفي الوقت نفسه، تعمل البنوك المركزية على تنفيذ أطر جديدة تغير كيفية استجابتها للتضخم والمخاطر الناجمة عن متحورات فيروس كوفيد-19 الجديدة، والذي ارتفع بشكل ملحوظ على مستوى العالم خلال عام 2021، ولكن استمرار ذلك الارتفاع خلال العام المقبل سيضع حياة الأفراد اليومية والشركات محل ضغوط مستمرة، وحسب أحدث توقعات صادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن التضخم السنوي في الاقتصادات المتقدمة سيصل إلى الذروة عند متوسط 3.6% في نهاية عام 2021، قبل أن يرتد إلى معدل 2% في النصف الأول من عام 2022، بما يتوافق مع أهداف البنوك المركزية، وستشهد الأسواق الصاعدة ارتفاعات أسرع حتى تصل إلى متوسط 6.8% ثم يتراجع هذا المتوسط إلى 4%، والواقع أن عدداً من العوامل سوف تدفع التضخم إلى الانخفاض في عام 2022، فوفقًا لـ”بلومبرج”، فقد تضاعفت أسعار السيارات المستعملة وارتفعت أسعار البنزين بنسبة 50% في عام 2020، وهذا لن يحدث مرة أخرى، وقد بدأت الاختناقات في التجارة العالمية بالفعل في التخفيف، وهناك مجال واسع أمام البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية؛ وحتى الآن، لم تبذل أي محاولة لخفض الطلب عن طريق رفع السعر أو خفض المعروض منه، كما من المتوقع أن يتجاوز التضخم سوق السندات بالكاد 2% بعد خمس سنوات من الآن.

نظام جديد للسوق

من النادر أن تكون عائدات الأسهم العالمية إيجابية وأن تكون السندات سلبية -ولم يحدث ذلك على مدى يقترب من خمسة عقود من الزمان، وهذا يشير إلى أننا ندخل في نظام سوق جديد- لقد أسفر استئناف النشاط الاقتصادي عن ضغوط تضخم شديدة واختناقات في العرض، وظلت العائدات الحقيقية منخفضة حتى مع صعود التضخم وارتفاع النمو، وفي ابتعاد صارخ عن الممارسة السابقة المتمثلة في التشديد الوقائي؛ لم تستجب معظم البنوك المركزية في إدارة الديون، وكان هذا هو بداية تحول النظام، وبدأت السوق في التسعير في ظل التضخم المرتفع في غياب استجابة البنك المركزي؛ الأمر الذي دفع أسعار السندات الاسمية إلى الانخفاض، ولكن العائدات الحقيقية ظلت منخفضة تاريخياً، وارتفعت عائدات الشركات في مرحلة إعادة التشغيل، هذا دفع بمكاسب كبيرة في الأسهم.

آفاق مستقبلية والعيش مع التضخم

قفز التضخم في عام 2021 على خلفية عدم التوافق بين العرض والطلب، حيث أن التضخم استقر عند مستويات أعلى من مرحلة ما قبل مرحلة الوباء، نتيجة لأن البنوك المركزية الكبرى أصبحت تعيش في ظل تضخم أكبر مما كانت تواجهه في الماضي؛ الأمر الذي أظهر ردة فعل سياسية أكثر إحكامًا، فنجد أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد اعترف في وقت متأخر بالوفاء بهدفه من التضخم المتمثل في التعويض عن خسائر الماضي، لذلك فإنه من المتوقع أن تصبح البنوك المركزية في عام 2022 -في ظل ضغوط متحورات الوباء الجديدة- على استعداد لرفع أسعار الفائدة، ونرى أن التضخم لا يزال أعلى باستمرار من مستواه السابق، ومع ذلك فإنه ينطلق من ارتفاعاته الأخيرة مع سهولة قيود العرض وإعادة التوازن إلى الإنفاق الاستهلاكي (بعيدًا عن السلع) نحو الخدمات، ومن المتوقع أن ينهي ارتفاعه في أسعار الفائدة في عام 2022، ولكن لا يستجيب بقوة للتضخم، ومن المتوقع أن تكون معدلات الارتفاع تدريجية.

ربما يعجبك أيضا