سقوط الصندوق الأسود للنهضة التونسية.. هل إيقاف البحيري مقدمة لمحاسبة الغنوشي؟

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

عمدت قوات الأمن إلى إيقاف نائب رئيس حركة النهضة التونسية والنائب في البرلمان المجمد نور الدين البحيري اليوم الجمعة وهو ما لاقى استحسان جزء كبير من الشعب وتساؤلات بين الطبقة السياسية عن دوافع هذه الخطوة.

وكشفت حركة النهضة في بيانها أن قوات أمن بزي مدني أوقفوا البحيري دون إيضاح السبب الحقيقي لعملية الإيقاف لكن الحركة كعادتها استخدمت عبارات مشينة بحق عناصر الأمن الذين طبقوا القانون.

والشخصية التي تم إيقافها توصف دائما ” بالصندوق الأسود” للنهضة ورئيسها راشد الغنوشي.

والبحيري إضافة إلى رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني والقيادي علي العريض ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام يمثلون المجموعة المحيطة بالغنوشي الذين يملكون الكثير من المعطيات حول علاقات الحركة داخليا وخارجيا.

سقوط مخترق القضاء التونسي

وتكمن أهمية نور الدين البحيري كونه اتهم بالعمل على السيطرة على القضاء إبان توليه وزارة العدل بعد انتخابات 2012 في حكومة الترويكا التي تشكلت بقيادة النهضة وبعض حلفائها.

وملف القضاء ركز عليه بشكل كبير الرئيس الحالي قيس سعيد خاصة بعد اتخاذه الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو الماضي حيث دعا الرئيس الى تطهير القطاع من الأحزاب التي عرقلت مهامه.

كما اتهم سعيد بعض القضاة بالفساد والخضوع لقيادات سياسية يبدو أن البحيري جزء منها.

والرئيس ليس وحده من يتهم البحيري فقضاة معروفون بنزاهتهم ونضالهم في عهد بن علي اتهموا البحيري بالإساءة إلى القضاء من خلال الهيمنة عليه وتعيين الموالين لحركة النهضة في الملفات الحساسة.

وقالت القاضية كلثوم كنو إن القضاء تعرض لمجزرة بعد تولي البحيري وزارة العدل في 2012.

وفعلا تورط البحيري في عزل عشرات القضاة بعد الثورة بذريعة تورطهم في الفساد والقرب من النظام السابق وتعويضهم بقضاة موالين للتيار الإسلامي وهو ما أدى في النهاية إلى السيطرة على القضاء ثم التستر على الكثير من الملفات الحساسة فيما بعد.

وتكمن أهمية القبض على البحيري أنه يأتي تزامنا مع الحكم الصادر ضد الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بالسجن 4 سنوات بتهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والإساءة لعلاقات تونس الدبلوماسية وهو كذلك من أبرز حلفاء الغنوشي والنهضة.

ويرى مراقبون أن الخناق بات يضيق تدريجيا على الغنوشي وأن مواجهته للعدالة كغيره ممن أساؤوا لتونس هي مسالة وقت لا غير نظرا لتعدد الملفات التي يواجهها من التمويل الأجنبي إلى الجهاز السري إلى ملف الاغتيالات السياسية وغيرها.

البحيري صندوق من المعلومات

ويرى مراقبون أن حركة النهضة تعيش حالة من الارتباك وهو ما أظهره بيانها الأخير المندد بعملية القبض على البحيري حيث إن القيادي المقبوض عليه يعتبر صندوقا من المعلومات الغزيرة حول تحركات النهضة وعلاقاتها الخارجية ومصادر تمويلها.

وعرف عن البحيري قدرته على المناورة لكن يبدو أن عملية إيقافه المفاجأة تأتي وفق معطيات مؤكدة هذه المرة.

ومن المنتظر أن تكشف الأيام المقبلة عن الكثير من التطورات والمعطيات في عملية إيقاف البحيري خاصة فيما يتعلق بملف القضاء وعمليات التسفير والاغتيالات السياسية والتغلغل في أجهزة الدولة.

كما أن عملية القبض على البحيري تأتي تزامنا مع حديث الرئيس سعيد عن وجود مؤامرة داخلية وخارجية لاغتيال مسؤولين إضافة إلى فتح تحقيق في ظروف وفاة الرئيس الأسبق الباجي قائد السبسي وما تردد عن تسممه.

ولا يعرف إن كان للبحيري دخل في مثل تلك الملفات لكن إلقاء القبض عليه بدا وكأنه رسالة قوية للغنوشي بأن محاسبته مجرد مسالة وقت وأنه لا مجال في المستقبل لانتهاك السيادة الوطنية وتهديد الأمن القومي للبلاد.

ومن المنتظر أن تشن حركة النهضة حملة إعلامية واسعة ضد قيس سعيد من خلال ذراعها ” مواطنون ضد الانقلاب” الذي هدد بشن تحركات في 14 يناير المقبل بذريعة قمع الحريات.

لكن التونسيين يرون أن البحيري ليس فوق القانون وهو مواطن يخضع للمحاسبة إذا أجرم في حق الوطن.

ربما يعجبك أيضا