انطلاق الاستشارة الشعبية الإلكترونية.. تونس على خطى الإصلاح

كريم بن صالح

رؤية- كريم بن صالح

يمثل انطلاق الاستشارة الشعبية الإلكترونية في تونس بداية لمرحلة جديدة من الإصلاح السياسي وشارة لوضع حد نهائي لمنظومة حكم الإسلام السياسي.

وقد دعا الرئيس التونسي قيس سعيد لهذه الاستشارة في خضم خارطة طريق احتوت على رزنامة لمواعيد هامة مثل الاستفتاء على دستور جديد للبلاد في 25 يوليو المقبل وكذلك إجراء الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها في ديسمبر المقبل.

وشدد قيس سعيّد على ضرورة تشريك الشباب في الجهات الداخلية من خلال منصات الإلكترونية يدلون من خلالها بمقترحاتهم حول طبيعة النظام السياسي المقبل بعد أن همشوا في مراحل عديدة بعد الثورة وفسح المجال للأحزاب التقليدية لكي تحدد مصير البلاد بما يخدم في النهاية مصلحتها.

واقتصرت الجهود في مرحلة أولى على عملية بيضاء قبل أن تفتح باب المشاركة للعموم في هذه الاستشارة بداية من يوم 15 يناير الجاري.

وأعلنت وزارة تكنولوجيات الاتصال التي سهرت على عملية إعداد المنصة الإلكترونية الانطلاق في “عملية تجريبية وتوعوية” في 24 جهة قائلة إن “المنصة ستكون مفتوحة للجميع من 15 يناير حتى 20 مارس”.

وتعليقا على الجهود المبذولة لإنجاح الاستشارة القانونية قال وزير تكنولوجيا الاتصال نزار بن ناجي لإذاعة موزاييك الخاصة أمس السبت: إن “الاستشارة الوطنية تنطلق السبت في فترة تجريبية تمتد على أسبوعين في مرحلة أولى لتقييم المنظومة، ليتم تعديلها في ما بعد بناء على جملة النقائص والملاحظات ثم تطلق للعموم بداية من 15 يناير 2022”.

ورغم أن 45 في المائة فقط من عائلات التونسية تملك اتصالا بالإنترنت لكن يمكن للشباب أن يشاركوا من خلال لجان الأحياء التي ستوفر لهم الوسائل الضرورية للمشاركة في بناء مستقبل بلدهم.

من جانب آخر انطلقت الحملات الإعلامية والدعائية لمطالبة الشباب بالمشاركة بشكل فعال حيث طالبت الاستشارة الوطنية من خلال موقعها الرئيسي بضرورة تفعيل دورهم في بناء وطنهم.

وجاء في الصفحة الرسمية للاستشارة في خطاب موجه للشباب” أن رأيك مهم من أجل الإصلاح والبناء، عملنا على تطوير منصة وطنية تمكن التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج من إبداء آرائهم في أمهات القضايا المتعلقة بالشأن السياسي والانتخابي والشأن الاقتصادي والمالي والشأن الاجتماعي والتنمية والانتقال الرقمي والصحة وجودة الحياة والشأن التعليمي والثقافي”.

وتطلب الصفحة بطاقة هويتهم وطلب رمز سري يرسل إليهم عبر رسالة نصية على هواتفهم للمشاركة في المنصة حيث أكد وزير تكنولوجيا الاتصال أن المعطيات ستكون سرية وأن الشاب سيشارك ويمنح رأيه دون أن تعرف هويته.

محاولات العرقلة والتعطيل ودعوات للمقاطعة

وأمام الجهود المبذولة من الرئيس قيس سعيد لإنهاء المرحلة الاستثنائية وتجاوز منظومة الإسلام السياسي حول نظام جديد تشارك فيه كل الفئات في بناء وطنها تتعرض الاستشارة الشعبية الإلكترونية لانتقادات من قبل الأحزاب.

ويرى مراقبون أن هذه الانتقادات تكشف مخاوف العديد من الأحزاب من خسارة مصالحها عبر دستور فصل على المقاس ومن قبل منظومة حركة النهضة الإسلامية.

وزعمت العديد من القوى السياسية أن الاستشارة هي تنفيذ لبنود الأجندة الخاصة للرئيس قيس سعيّد بالاعتماد على إمكانيات الدولة داعية الشباب إلى مقاطعتها طاعنة في شفافيتها.

كما انضمت عدد من المنظمات لموقف الأحزاب الرافضة للاستشارة الشعبية الإلكترونية على غرار منظمة “انا يقظ” التي قالت إن وزارة تكنولوجيات الاتصال لم تحترم آجال إطلاق الاستشارة الوطنية في موعدها المحدد المقرر يوم 1 يناير الجاري المعلن عنه من قبل رئيس الجمهورية.

لكن هذا الموقف يراه مراقبون غير واقعي بعد التزام وزارة تكنولوجيا الاتصال بسلامة العملية الإلكترونية.

وسعت الصفحات الإلكترونية التابعة لحركة النهضة لشن حملة إعلامية لمقاطعة الاستشارة القانونية كون نجاح العملية هي بداية حقيقية وفعلية لإنهاء منظومة الإخوان ومؤشر على استحالة عودتها.

ويؤكد الرئيس قيس سعيد أن الاستشارة القانونية تهدف في النهاية إلى إعادة السلطة للشعب بعد أن كانت ملك أحزاب وقوى سياسية فشلت في إدارة الدولة بل وحولتها إلى غنيمة.

وقال سعيد، في اجتماع: إن “السيادة للشعب يمارسها في إطار الدستور فإذا استحال على صاحب السيادة أن يمارس اختصاصات السيادة في ظل نص لم يعد قادرا أو لم يعد ممكنا في إطاره ممارسة السيادة، فلا بد من نص جديد”.

وأضاف: “الدساتير توضع ليست أبدية وأذكرهم ببعض التجارب حول الدساتير التي توضع كبرنامج لمدة معينة وهؤلاء وضعوا البرنامج الذي سيستفيدون منه”.

ربما يعجبك أيضا