هدوء «هش» في غزة.. وأسباب الحرب «كثيرة»

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – الترقب بات سيد الموقف فيما يتعلق بحياة الأسير هشام أبوهواش مع دخوله اليوم الـ139 في الإضراب عن الطعام، فاستشهاده سيعني على الأرجح انتهاء هدنة هشة أشرفت عليها مصر بعد جولة تصعيد محدود بين الفصائل الفلسطينية في القطاع والاحتلال، حيث صدرت تعليمات بشأن رفع الجاهزية للردّ في حال استشهاد أبوهواش الذي دخل في “غيبوبة” ودخلت معه المنطقة في حالة من عدم اليقين.

وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت-الأحد، غارات على مواقع عسكرية لحركة حماس في جنوب قطاع غزة، وذلك ردّاً على صاروخين أطلقا من القطاع وسقطا في البحر قبالة ساحل تل أبيب.

واستهدفت المقاومة الفلسطينية طائرات الاحتلال الحربية بصاروخي سام 7 غرب مدينة غزة.

وأوضح الجيش، في بيان، أنّ صفّارات الإنذار لم تنطلق ولم يتم تشغيل نظام التصدّي للصواريخ، وتواجهت إسرائيل وحركة حماس في حرب استمرت 11 يوماً في أيار/ مايو 2021، هي الرابعة بين الطرفين منذ أن سيطرت حماس على السلطة في غزة في 2007.

وفي وفت سابق قال الجيش الإسرائيلي: إن مسلحين فلسطينيين في قطاع غزة أطلقوا صاروخين صوب منطقة البحر المتوسط، السبت، ما تسبب في وقوع انفجار قبالة ساحل تل أبيب ودفع إسرائيل لشن هجمات ردا على ذلك.

ولم تعلن أي جماعة في غزة حتى الآن مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخين. كما لم يرد تعليق من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم القطاع.

لكن موقعا إخباريا تابعا لحماس قال إن عملية إطلاق الصاروخين لم تكن مقصودة وإنها كانت نتيجة عطل فني على الأرجح.

ويخيم الهدوء على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة إلى حد كبير منذ حرب استمرت 11 يوما في مايو أيار. لكن حادث إطلاق نار من غزة وقع يوم الأربعاء أدى إلى إصابة مدني إسرائيلي أعقبه إطلاق الجيش الإسرائيلي قذائف من دبابة مما تسبب في إصابة ثلاثة فلسطينيين.

وأثارت تحليلات أوردتها الصحف الإسرائيلية، اليوم الأحد، التساؤلات حول دقة التقديرات العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بمدى الردع الذي نجحت إسرائيل في تحقيقه مقابل فصائل المقاومة في قطاع غزة، في أعقاب الحرب الأخيرة على القطاع في أيار/ يوليو الماضي، معتبرة أن الأحداث التي شهدها قطاع غزة خلال الفترة الماضية، مثلت رسائل مختلفة من الفصائل الفلسطينية لإسرائيل، مرتبطة بانسداد أفق محادثات تثبيت “التهدئة” عبر الوسيط المصري، والتوترات في سجون الاحتلال.

وذكرت صحيفة “هآرتس”، أن “حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وكل لأسبابها الخاصة، تريدان الضغط على إسرائيل لتقديم المزيد من التسهيلات، ومستعدتان للمخاطرة باحتمال تجدد المواجهة العسكرية في قطاع غزة”؛ في المقابل، أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن إسرائيل معنية بمواصلة مسار “التسوية” و”تبذل جهودا للحفاظ عليه رغم الحادثتين الأخيرتين”.

وتشير تقديرات هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، بحسب “يديعوت أحرونوت”، إلى أن “حركة حماس معنية كذلك بمواصلة التحرك في مسار التسوية إلا أنها مستاءة من وتيرة التقدم في المحادثات التي تجرى عبر الوسيط المصري في محاولة لـ”تثبيت التسوية”.

ووفقا لـ”هآرتس”، فإن حركة حماس نقلت رسائل لإسرائيل عبر المسؤولين في المخابرات العامة المصرية أن إطلاق النار قرب المناطق الحدودية، مثل حادثة منفردة وأن إطلاق القذيفتين باتجاه سواحل تل أبيب كانت نتيجة للأحوال الجوية السيئة وأنه لا توجد نية للتصعيد؛ في حين بات الجانب الإسرائيلي أكثر تشككا تجاه “حجة الأحول الجوية”، وترجح أن يكون ذلك “مرتبطًا بالإحباط لدى قيادة الحركة من وتيرة التقدم في مشاريع إعادة إعمار القطاع ورغبتها في الضغط على إسرائيل ومصر للتحرك بسرعة أكبر”.

وربطت التحليلات الإسرائيلية الأحداث الأخيرة في غزة، كذلك، بالتوتر في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سواء ما يتعلق بالتصعيد الذي تتعرض له قيادات أسرى حماس بما في ذلك إجراءات القمع والعزل في أعقاب عملية الطعن التي استهدفت أحد السجانين في سجن نفحة والتراجع في الحالة الصحة للأسير هشام أبوهواش، الذي يواصل إضرابه عن الطعام لليوم 139 على التوالي ضد اعتقاله الإداري.

وأشارت “هآرتس” إلى أنه على الرغم من أن الرد الإسرائيلي سيكون حتميا على إطلاق القذيفتين من قطاع غزة لأن ذلك جزء من معادلة الردع التي تحاول إسرائيل فرضها على فصائل المقاومة في غزة، إلا أن الرد سيكون محدودا ومتناسبا، معتبرة أن الحكومة الإسرائيلية غير معنية بالتصعيد في هذا التوقيت، لتركيزها على أولويات أخرى، بما في ذلك الملف الإيراني، وتعزز قوة “حزب الله” اللبناني ومواجهة الموجة الخامسة من تفشي فيروس كورونا المستجد.

وشددت التحليلات أن كل ذلك مثل إنذارًا واضحًا من فصائل المقاومة في غزة للحكومة الإسرائيلية، وأن المعادلة باتت “تسريع وتيرة محادثات في ملفات تثبيت التهدئة وإعادة الإعمار وتقديم تسهيلات إنسانية للقطاع والتقدم في مفاوضات تبادل الأسرى أو “ستكون إسرائيل هي من يدفع الثمن”.

هنية: سنجبر إسرائيل على إنجاز صفقة تبادل أسرى

وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، قدرة حركته على “إجبار” إسرائيل لإنجاز صفقة تبادل أسرى معها.

وخلال استضافته في برنامج “المقابلة”، الذي تبثّه فضائية الجزيرة القطرية، قال هنية: “سنجبر إسرائيل على صفقة لتبادل الأسرى بينهم أسرى، فرّوا من سجن جلبوع (الإسرائيلي)”.

وأضاف: ”لدينا 4 أسرى، وإذا لم تقتنع إسرائيل سنزيد غلتنا عبر أذرعنا في كل مكان”، دون مزيد من التفاصيل.

وفي 6 سبتمبر/ أيلول 2021، فرّ ستة أسرى، خمسة منهم من “حركة الجهاد الإسلامي”، عبر نفق من سجن جلبوع شمالي إسرائيل، لكن أعيد اعتقالهم خلال أسبوعين.

وفي 11 سبتمبر الماضي، تعهّدت كتائب عز الدين القسّام، الجناح المسلح لـ”حماس”، بعدم إتمام أي صفقة تبادل جديدة مع إسرائيل دون أسرى جلبوع.

وتحتفظ “حماس” بأربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، والآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.

وكانت إحدى عشرة ذراعاً عسكرية شاركت في النسخة الثانية من مناورات «الركن الشديد»، التي استمرّت فعالياتها بالذخيرة الحيّة على مدار أيّام، واختُتمت وسط أوضاع ميدانيّة ساخنة، وأجواء سياسيّة ملبّدة بالتعقيدات، أقلّه في ملفّ إعادة الإعمار المتأزّم، وصفقة تبادل الأسرى المتعثّرة، وهما الملفّان الكفيلان بوضْع القطاع على شفير المواجهة من جديد. في موقع «شهداء القسام» الممتدّ على مئات آلاف الأمتار، أقصى غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، احتشد المئات من الجنود، بزيّ عسكري موحّد، ومن دون عصائب تُميّز انتماءاتهم الحزبية، وفي مقدّمتهم العشرات من القيادات العسكرية لفصائل المقاومة. وعلى رغم أن هؤلاء ظهروا لأوّل مرّة حاسري الوجوه، إلّا أنّك ستظلّ بحاجة إلى مَن يُعرّفك على شخصياتهم، ذلك لأن أكثرهم لم يسبق لهم الظهور أمام الإعلام.

27 دقيقة من القتال الافتراضي، تدرّبت فيها الوحدات المقاتِلة، بالذخيرة الحيّة، على استخدام أنواع الأسلحة كافة، بما فيها الرشّاشات الثقيلة والأسلحة الفردية، والعبوات الناسفة، وقذائف «الهاون»، وقذائف «الآر بي جي»، إضافة إلى العبوات الناسفة والقنابل اليدوية. المقاتِلون الذين هُم مزيج من الأذرع العسكرية كافّة، أبدوا انسجاماً لافتاً في الميدان، ومرونة تُدلّل على تقدّم كبير في مستوى التنسيق الميداني بين الأذرع العسكرية، التي انضوت منذ ثلاثة أعوام في تشكيل واحد أُطلق عليه «الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة»، والتي تحدّث باسمها القائد في «كتائب القسام»، أيمن نوفل

2022 عام ثقيل على غزة

ورغم انقضاء ما يزيد على ستة أشهر على العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي استمر 11 يوماً، مخلفاً دماراً واسعاً، وخسائر فادحة، وبلغت نسبة إجمالي أضرار قطاع الاقتصاد المُباشِرة نحو 33% من إجمالي الأضرار العامة، بقيمة 156 مليون دولار، بما يشمل خسائر القطاع التجاري والصناعي والخدماتي”، التي بلغت نحو 74.2 مليوناً، فيما بلغت خسائر قطاع السياحة حوالى 3.6 ملايين، بينما الخسائر التي تكبّدها قطاع الزراعة بلغت قيمتها نحو 78.3 مليوناً، وذلك وفق التقرير التفصيلي الذي أصدرته اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة (تديرها حماس)، لنتائج الحصر التفصيلي لأضرار العدوان الإسرائيلي الأخير.

ووفقاً لبيانات رسمية، فقد تكبد القطاع الصناعي خسائر كبيرة جراء استهداف قوات الاحتلال لمنشآته ومصانعه خلال العدوان، حيث بلغ عدد المصانع المتضررة 302 مصنع، تضرر 55 مصنعاً منها بشكل كلي، و55 مصنعاً بشكل جزئي بليغ، و192 مصنعاً بشكل جزئي، وقد بلغت خسائر القطاع الصناعي 36.9 مليون دولار، فيما بلغت نسبة الخسائر بسبب التوقف خلال العدوان 6.6 ملايين دولار، إلى جانب 41.3 مليون دولار قيمة الخسائر غير المباشرة.

وتعمدت قوات الاحتلال خلال العدوان الأخير في مايو/ أيار، 2021 استهداف المناطق الحيوية والتجارية، والمنشآت الاقتصادية، من مصانع وورش مهنية ومحلات تجارية ومنشآت سياحية وأراضٍ زراعية، ما أسهم في تفاقم الأوضاع الاقتصادية المُتردية أساساً، في قطاع غزة المُحاصَر منذ خمسة عشر عاماً، تعرض خلالها لأربع حروب مُدمرة.

وبعد توقف العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأت حرب من نوع آخر، حيث جددت قوات الاحتلال فرض القيود والإجراءات المشددة على معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر التجاري الوحيد لقطاع غزة، ما أدى إلى مزيد من التدهور الاقتصادي، وتدهور القطاعات الاقتصادية كافة، وخاصة المصانع، بسبب نقص المخزون السلعي والمواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع، فيما دفعت الخسائر، ومواصلة تأثير الحصار الإسرائيلي عدداً من أصحاب المنشآت الاقتصادية إلى إغلاقها، خاصة أنهم لم يتلقوا أية تعويضات مالية عمّا لحق بهم من خسائر فادحة.

وكانت نتائج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كارثية على الاقتصاد الفلسطيني، وذلك بسبب الاستهداف المُباشر للمنشآت الاقتصادية، التي فقدت ما يقارب 50% من طاقتها التشغيلية قبل تعرضها للتدمير خلال العدوان، بفعل سياسة الحصار الإسرائيلي والإغلاق بسبب حالة الطوارئ الناتجة من مواجهة فيروس كورونا، فيما فقد العديد من العمال وظائفهم نتيجة للتسريح، خاصة في المنشآت التي دمرت كلياً.

2134 منشأة اقتصادية تعرضت للتدمير خلال العدوان الإسرائيلي، منها 450 منشأة دُمرت بشكل كُلي، و270 منشأة دُمرت بشكل جزئي بليغ، و 1414 منشأة تعرضت لأضرار جزئية، فيما توقفت خلال العدوان عجلة الاقتصاد بشكل كامل، بفعل عدم القدرة على الوصول إلى المنشآت الاقتصادية، ما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي بما يقارب 75.8 مليون دولار.

وأدى تشديد القيود على معبر كرم أبو سالم التجاري إلى توقف حركة الاستيراد والتصدير بنسبة 100% خلال العدوان، ما أدى إلى انخفاض مخزون العديد من السلع والبضائع، وأدى إلى ارتفاع أسعارها، فيما شهد مستوى الدخل المحلي انخفاضاً بقيمة 105 ملايين دولار، منها 75.8 خسائر في الدخل فترة العدوان، و29.2 مليون دولار خسائر نتيجة ترك العمال وظائفهم نتيجة التضرر الكلي والجزئي للمنشآت التي يعملون فيها.

وكان عام 2021 كان قاسياً على الاقتصاد الفلسطيني من مختلف الجوانب، إذ بدأ بإغلاق شامل، بسبب خطة مواجهة فيروس كورونا، ما أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي بنسبة 11.5%، إلا أن الأوضاع سرعان ما اتجهت للناحية الإيجابية بعد تخفيف الإجراءات، ما أسهم بزيادة معدل النمو الاقتصادي، حتى 5.5%، وكان هناك توقعات بوصول معدلات نمو حتى 6%، إلى أن جاءت الحرب الإسرائيلية في مايو/ أيار، وسببت نتائج كارثية أدت إلى تدهور توقعات النمو إلى أقل من 3% مقارنة بعام 2020.

وشهد النصف الثاني من 2021 تطورات صعبة للغاية، أدت إلى انكماش معدلات النمو، بعد الخسائر التي اقتربت من نصف مليار دولار، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المُباشِر للمنشآت الاقتصادية والتجارية إلى جانب استمرار الحصار، وموجة غلاء الأسعار، ما أدى إلى تراجع القوة الشرائية، وتفاقم معدلات البطالة لتصل إلى 69% ومعدلات الفقر التي تجاوزت سقف 56%.

والتحديات التي واجهها الاقتصاد الفلسطيني لم تقتصر على الحرب فقط، إذ تأثر كذلك باستقطاع الجانب الإسرائيلي 214 مليون شيكل (67.5 مليون دولار تقريباً) بداية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحجة أنها تذهب لدفع رواتب الشهداء والجرحى، ولم تتمكن السلطة على إثر القرار من دفع شهر ديسمبر كاملاً، ما أدى إلى مزيد من انكماش القوة الشرائية.

ربما يعجبك أيضا