محمد بن راشد.. «عقد وست سنين» حصادها بخمسين

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

16 عامًا من الإنجازات والعطاء والريادة ساهمت في نقل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مستويات متقدمة، تصدرت فيها مؤشرات التنافسية العالمية في كثير من المجالات.

16 عامًا، لقائد مُلهم وفذ، لديه رؤية واضحة عمل عليها بكل ما أوتي من قوة، ولا زال، لتكون النتائج مُبهرة ونموذج يُدرس في مفهوم النجاح اللامحدود.

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، القائد المبدع الذي لطالما يصنع الفرق بحكمته وإيمانه الراسخ بأن الإمارات تستحق دائمًا الأفضل، يصادف اليوم (الثلاثاء) الموافق الـ4 من يناير، الذكرى الـ16 لتوليه مهامه كنائبًا لرئيس الدولة، رئيسًا لمجلس الوزراء وحاكمًا لإمارة دبي، لتحتفل الدولة بسعيه الدؤوب نحو التميز والإبداع، من أجل رفعة وطنه وتقدم شعبه.

2006.. بداية المسيرة

في الرابع من يناير من عام 2006، كان الشيخ محمد بن راشد على الموعد لتولي مقاليد الحكم في إمارة دبي، بعد أن اختاره أعضاء المجلس الأعلى للدولة نائبًا لرئيس الدولة.

وفي فبراير 2006، رشح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة الإماراتي، الشيخ محمد بن راشد رئيسًا لمجلس الوزراء، حيث أدى وأعضاء وزارته اليمين الدستورية أمام رئيس الدولة في 11 فبراير من ذلك العام.

ومنذ توليه مقاليد الحكم في دبي، عزم الشيخ محمد بن راشد على إحداث نقلة نوعية في شتى المجالات التنموية بالدولة، على نحو يضمن أن تحتل الإمارات مكانة رائدة ومرموقة عربيًا ودوليًا، وقد كان.

إذ أحدث نقلة في منظومة العمل الحكومي بالدولة، مرسخًا نهجًا يقوم على دعم التجديد والتطوير والابتكار، كما حرص على تشجيع الشباب الإماراتي على المشاركة بفاعلية في المسيرة التنموية، من خلال تنمية قدراتهم، وجعل المؤسسات الحكومية حاضنات للإبداع الوطني، ضمن مقاربة تقوم على الاستثمار في الفرد والفريق بالقدر ذاته من الاهتمام، والاستفادة من تنوع المهارات والقدرات والخبرات، وتوجيهها، بما يسهم في تحقيق تطور اقتصادي ومجتمعي وثقافي وإنساني شامل ومتكامل.

إنجازات ونجاح لا محدود

طيلة هذه السنوات، استلهم الشعب الإماراتي من القائد محمد بن راشد، حب الصدارة وتحقيق المستحيل وإسعاد الناس، خاصة بعد إنجازات عهده اللامحدودة، بداية من تأسيس أفضل حكومات العالم، مرورًا ببناء أجمل مدن الأرض، ووصولًا لصعود العرب إلى المريخ.

وبمواصلة مسيرة البناء والتطوير والنهضة والنمو الاقتصادي المستدام، شهدت الدولة انطلاقة شاملة، عززت المكانة والدور الإماراتي على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية والرياضية والاجتماعية والإنسانية وغيرها، إلى جانب عشرات المبادرات النوعية الملهمة في شتى المجالات لخدمة مواطني الدولة وزوارها والمقيمين على أراضيها، وامتد أثرها ليصل إلى الملايين من سكان العالم.

منظومة العمل الحكومي

بدأ حاكم دبي مسيرته بإحداث تغييرات جوهرية في أساليب العمل الحكومي، وتسارعت وتيرة الإنجازات وتعددت أوجه المبادرات، وباشر في تشكيل حكومة جديدة برئاسته تضم نواب رئيس مجلس الوزراء، و21 وزيرًا، واستحدث 6 وزارات جديدة.

وكان إنجازه ممثلًا في وضع الأهداف التي ارتقت بجودة الخدمات الحكومية، ومن أهمها تلك التي تضمن بناء القدرات والكفاءات الوطنية، وكانت أهم الأولويات تلبية احتياجات المواطنين والمقيمين في قطاعات الدولة الحيوية كالتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والاقتصادية.

وفي عام 2007، ظهرت ملامح أول استراتيجية للحكومة، حيث التقت حكومة دولة الإمارات ولأول مرة في خلوة وزارية في باب الشمس، والتي كانت أسلوبًا جديدًا في العمل الحكومي، بعيدًا عن مقرات العمل الاعتيادية وفي أجواء من التواصل غير الرسمي لمناقشة نتائج عمل فرق عملت بجد، لتتبلور بعدها أول استراتيجية لحكومة دولة الإمارات للأعوام 2008 – 2010 بحضور الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

وعلى هذا النهج، شهدت هذه الفترة تطورًا كبيرًا في رفع معدلات جودة الحياة ورفع مستوى المعيشة، فبتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أمر حاكم دبي بزيادة رواتب العاملين في الحكومة الاتحادية من مدنيين والعسكريين العاملين في وزارة الداخلية بنسبة 70% من قيمة الراتب الأساسي للموظف.

كما أقر مجلس الوزراء في 2007 مشروع الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2008 والتي بلغ حجمها 34.9 مليار درهم بزيادة بلغت 23.8 %، لتكون الأكبر في تاريخ الاتحاد آنذاك.

مبادارات إنسانية

لم يتوان حاكم دبي لحظة عن الارتقاء بمنظومة المبادرات الإنسانية، إذ دأب على توظيف ذكرى توليه الحكم من كل عام لتقديم أعمال إنسانية ووطنية متعددة، وتوجيه الشكر إلى الفئات من أصحاب المساهمة البارزة في مسيرة التنمية والتقدم والازدهار.

ففي الرابع من يناير عام 2011، طلب حاكم دبي من المهنئين توجيه الميزانيات الإعلانية الخاصة بتلك المناسبة إلى الجمعيات الخيرية في الدولة، لاسيما المشروعات التي تعنى بالأيتام.

وفي عام 2012، أكد على ضرورة استبدال الاحتفالات والفعاليات الخاصة بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم، بتكريم فئة جديدة لها باع طويل في رفعة وسمو الوطن وخدمة أبنائه، حيث قال سموه في ذلك الوقت: “نريد أن نكرم في كل سنة فئة تستحق التكريم والاهتمام، ركزنا السنة الماضية على الأيتام، واليوم نريد أن نكرّم الأمهات، فهن سر وجودنا في هذه الحياة”.

طموح سقفه السماء

خلال مسيرته، أطلق حاكم دبي، مجموعة من المبادرات الاقتصادية، منها مشروع مسرعات للشركات العائلية، لدعمها في دخول أسواق جديدة، ومعهد للأبحاث الاقتصادية بالتعاون مع أرقى الجامعات العالمية (مختبر الإمارات للنمو الاقتصادي).

وكذلك منصة جديدة لدعم نمو الشركات الناشئة، وبوابة ذكية لتوفير معلومات متكاملة حول سياسات وفرص الاستثمار، بالإضافة إلى أجندة وطنية واضحة لاستقطاب المواهب الشابة والماهرة للدولة، إضافة إلى المرحلة الأولى من مشروع «وادي تكنولوجيا الغذاء في دبي»، لتكون مدينة جديدة، تحتضن شركات الزراعة والغذاء التخصصية.

وعن صياغة المستقبل، أعلن حاكم دبي في 2016، عن تشكيل وزاري جديد، لحكومة المستقبل، إذ شملت التغييرات التي تعد بين الأكبر من نوعها في الهيكل التنظيمي للحكومة ووظائف الوزارات الرئيسية، وتكليف عدد كبير من وزراء الدولة لقيادة ملفات حيوية مثل التسامح والسعادة والشباب والتغير المناخي والتعليم العام والتعليم العالي.

فيما بعد، توالت مسيرة النجاح والتنمية، بقيادة حاكم دبي، على مر السنوات، والتي شهدت، إطلاق مكتبة محمد بن راشد التي تعد المكتبة الأكبر عربيًا، باستثمار يبلغ المليار درهم، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للقراءة 2016-2026 بقيمة 100 مليون درهم.

كذلك تم إطلاق وثيقة إسعاد المتعاملين، وهي معادلة تهدف إلى ترسيخ مفاهيم السعادة وتعزيزها في مراكز سعادة المتعاملين.

وإطلاق مساق الابتكار في العمل الحكومي للتعلم الجماعي مفتوح المصادر بهدف رصد الاتجاهات السائدة في الابتكار الحكومي، واستشراف مستقبل الحكومات في المنطقة العربية وحول العالم.

إضافة إلى ذلك، تم إطلاق مجلس التنسيق السعودي الإماراتي هو مجلس تنسيقي يندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون والعمل المشترك بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، كما تم اعتماد استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل التي تهدف للاستشراف المبكر للفرص والتحديات في كافة القطاعات الحيوية في الدولة، وتم إطلاقها متضمنه ثلاث محاور رئيسية هي محور آلية عمل الحكومة ومحور بناء القدرات ومحور وجهة المستقبل.

وسعيًا للإسراع بخطوات ثابتة نحو المستقبل أعلنت حكومة دولة الإمارات في 2016 عن إنشاء أول مُسرعات حكومية في العالم، بهدف لتسريع تحقيق الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات.

وفي نوفمبر من نفس العام، أعلنت حكومة دولة الإمارات استضافة “مجالس المستقبل العالمية”، وضمت 50 مجلسًا متخصصًا لاستشراف مستقبل العالم في مجموعة من القطاعات التنموية والعلمية والاقتصادية والسياسية، وشارك فيها 700 متخصص وكان ذلك بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس”، بهدف وضع أجندة مستقبلية ومحاولة توقع المسار المستقبلي للعديد من الثورات والتغيرات التكنولوجية والعلمية.

وتجسيدًا للنهج الذي تبنته دولة الإمارات منذ تأسيسها في العطاء الإنساني، تم الإعلان في ديسمبر من عام 2016 أن عام 2017 في دولة الإمارات سيكون شعاره عام الخير، ليكون تركيز العمل خلال العام الجديد على ثلاثة محاور رئيسة.

من الأرض إلى الفضاء

حققت حكومة الإمارات أيضًا، السبق للأمة العربية والإقليم والعالم أجمع، عبر تأسيس “مركز محمد بن راشد للفضاء”، الذي ترجم آمالًا كبيرة باستكشاف الفضاء، ومنافسة كبار الدول في خدمة الإنسانية والنهوض، بعجلة التطور على المستويات كافة، بقيادة كوادر وطنية إماراتية خالصة، شكلت فريقًا متكاملًا قادها إلى دخول عالم المنافسة العالمية في الاكتشافات العلمية والعلوم المتقدمة بكل أنواعها.

وتحقيقًا للأحلام، كان إعلان حاكم دبي، اسم “مسبار الأمل” على مسبار المريخ الإماراتي، الذي انطلق إلى الكوكب الأحمر في يوليو 2020 لاستكشافه، التتويج البارز لمرحلة الإنجازات الإماراتية في مجال الفضاء، إذ يعد المسبار حدثًا غير مسبوق في الدول العربية والإسلامية.

كما أطلقت دولة الإمارات، خلال العام 2021، مشاريع فضائية متعددة، منها مشروع المستكشف “راشد”، لاستكشاف القمر، ومشروع القمر الاصطناعي “MBZ-Sat”، ومهمة لاستكشاف كوكب الزهرة وسبعة كويكبات أخرى في المجموعة الشمسية، وتنفيذ أول هبوط عربي على كويكب في ختام الرحلة التي ستقطع 3.6 مليارات كم (7 أضعاف رحلة مسبار الأمل لكوكب المريخ)، وذلك ضمن مشاريع الخمسين عامًا المقبلة.

إكسبو 2020 دبي

استكمالًا للإنجازات، تسلمت الإمارات في نوفمبر 2015، راية إكسبو 2020، ليعزز المكانة المرموقة للدولة بذلك الحدث العالمي الكبير.

وفي أكتوبر الماضي، استقبلت دولة الإمارات وإمارة دبي مشاركات 192 دولة، في “إكسبو 2020 دبي”، الذي يعد أكبر حدث في العالم حاليًا.

ويحمل الحدث شعار «تواصل العقول.. وصنع المستقبل»، لتتلاقى الأفكار والإبداعات من بقاع مختلفة من العالم، ويستمر حتى 31 من مارس المُقبل.

2022.. نوابغ العرب

اليوم وفي ذكرى جديدة لتوليه الحكم، أطلق حاكم دبي، كعادته، مبادرة جديدة حملت اسم “نوابغ العرب” كأكبر حراك عربي يقوده متحف المستقبل في دولة الإمارات لإدارة منظومة متكاملة لتمكين نوابغ العرب ورعايتهم وتطوير وأفكارهم وتعظيم أثرهم الإيجابي في المنطقة.

وتسعى المبادرة إلى تحديد أهم 1000 نابغة عربي خلال 5 سنوات في مسارات رئيسية.

وقد تم تخصيص 100 مليون درهم وتشكيل لجنة تتألف من أربعة وزراء لوضع منظومة متكاملة والإشراف على المبادرة.

“استئناف الحضارة يبدأ من البحث عن صناعها الحقيقيين.. والأمة التي تقدر علماءها ونوابغها ومفكريها وتمكن صناع الحضارة من دورهم هي في طريقها الصحيح للسيادة والريادة والتفوق في المستقبل بإذن الله.. وفقنا الله جميعًا لخدمة أوطاننا وأمتنا”، بهذه الكلمات وجه حاكم دبي رسالته الجديدة للعالم في الذكرى الـ16 لتوليه مقاليد الحكم، مفادها “نواصل المسيرة لأننا دائمًا نستحق الأفضل”.

ربما يعجبك أيضا