أزمة الطاقة وتخفيضات عمالقة الصناعة.. عاصفة تهدد تعافي القارة العجوز

آية أحمد

كتبت – آية أحمد

في الآونة الأخيرة، ارتفعت أسعار الطاقة في أوروبا إلى مستويات قياسية مع تراجع إمدادات الغاز من روسيا وإغلاق فرنسا لمحطات الطاقة النووية بشكل غير متوقع، الأمر الذي أجبر العمالقة الصناعيين على خفض الإنتاج وتهديد التعافي الاقتصادي، ونظرًا لأن العديد من المصانع الكبيرة في أوروبا قد خفضت إنتاجها بسبب الزيادة المستمرة في أسعار الطاقة، فإن الحالة المتفاقمة تهدد أيضًا الانتعاش الاقتصادي في المنطقة المجاورة، ويتزايد الضغط المالي على الصناعات، بما في ذلك قطاعا المعادن والأسمدة.

أزمة الطاقة

مرَّ سوق الغاز الطبيعي بأوقات متقلبة للغاية خلال الفترات السابقة، والواقع أن أسعار الغاز الأوروبية كانت متداولة إلى مستويات قياسية مرتفعة في ديسمبر2021 (والتي بلغت 88% في مرحلة واحدة) ووصلت إلى 1100 دولار لكل ألف متر مكعب خلال تعاملات اليوم الثلاثاء الموافق 4 يناير 2021، وكان الحافز لهذه الخطوة خفض التدفقات الروسية إلى أوروبا، ولا سيما على طول خط أنابيب يامال، والواقع أن تدفقات الغاز على طول خط الأنابيب كانت تتحرك شرقًا من ألمانيا إلى بولندا بدلًا من تدفقات الغرب المعتادة.

ارتفعت أسعار الغاز بالنسبة للأسر المعيشية أو بالنسبة للأعمال التجارية، في حين ارتفعت تكاليف الكهرباء بنحو 500%، وبالإضافة إلى ذلك، فإن انتشار متحور أوميكرون في مختلف أنحاء أوروبا يهدد بترك علامات دائمة على الاقتصاد الصناعي في القارة والاقتصادات الوطنية، وقد اتخذ عشرون من أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27 إجراءات لتخفيف الضربة الموجهة إلى المستهلكين والأسر المعيشية.

تداعيات متصاعدة على معدن الألومنيوم

وعلى وقع أزمة الطاقة، دخلت المعادن السنة الجديدة على أساس قوي في الأسعار لعدة أسباب: أولاً، ظلت شهية مخاطر السوق قوية قرب نهاية العام الماضي، وثانيًّا، أدى الارتفاع الكبير في سوق الغاز والطاقة في أوروبا إلى ارتفاع مستوى أسعار الألومنيوم والزنك، مع المخاوف من حدوث المزيد من الاضطرابات في الإمدادات، وقد جاء ذلك أيضًا مع حالة العجز وانخفاض مخزونات بورصة لندن للمعادن LME   في نهاية عام 2021.

فيما خفضت مصاهر الألومنيوم الأوروبية الإنتاج بعد ارتفاع أسعار الكهرباء، وكثيرًا ما تكون مصاهر الألومنيوم بطيئة في كبح الإنتاج بسبب التكاليف المرتفعة للإغلاق وإعادة التشغيل، والواقع أن أكبر مصهر في أوروبا، وهو شركة صناعات الألومنيوم دونكيرك في فرنسا، قد خفض الإنتاج على مدى الأسبوعين الماضيين بنحو 3%، كما أن المحطة خسرت نحو 20 مليون يورو (22.6 مليون دولار) منذ بداية نوفمبر2021، فضلًا عن إعلان الشركة الرومانية، ألرو، أنها سوف تخفض إنتاجها الأولي من الألومنيوم بنسبة 60% في عام 2022، وفي الوقت نفسه، صرحت شركة ألكوا أنها ستوقف الإنتاج في مصهر سان سيبريان في إسبانيا لمدة عامين، كما حدثت خسائر تقدر بنحو 500 كيلوطن من الطاقة في أوروبا خلال الربع الرابع من عام 2021.

إن أسعار الطاقة تعمل على تآكل الربحية على الرغم من ازدهار الطلب في المنطقة، وارتفاع أسعار الألومنيوم إلى أكثر من 40% خلال عام 2021، ورغم أن مصاهر الألومنيوم في أوروبا تشكل حصة ضئيلة من الإنتاج العالمي، فإنها توظف الآلاف من العمال وتشكل مصدرًا قيمًا للعائدات الضريبية، كما إن التخفيضات في الناتج قد تجبر المنطقة على الاعتماد على الواردات من البلدان التي كثيرًا ما تستخدم الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة، وهذا من شأنه أن يخلق المزيد من العواقب الرئيسية للمستهلكين مثل علامات السيارات وشركات الطيران إذا فرض الاتحاد الأوروبي ضريبة على المنتجات الكثيفة الكربون.

آفاق مستقبلية

من الواضح أن هذا الارتفاع الأخير في أسعار الغاز يشكل تطورًا سلبيًّا بالنسبة لتوقعات كل الاقتصادات الأوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة أيضًا، والذي سيسفر عن تخلف الربحية والأجور نتيجة لتلك الزيادة في أسعار الغاز، وانخفاض قوة الإنفاق والاستثمار في الشركات، لذا يُصبح من الضروري فرض مزيد من القيود إذا ظلت أسعار الطاقة عند مستويات مرتفعة للغاية.

ربما يعجبك أيضا