القضاء التونسي يلاحق منظومة الإخوان.. و«الغنوشي» على رأس القائمة

كريم بن صالح
الغنوشي

رؤية – كريم بن صالح

يبدو أن منظومة الإخوان المسلمين في تونس مهددة بالانهيار بشكل كلي، وذلك بعد قرار إحالة 19 شخصية سياسية في مقدمهم رئيس مجلس النواب رئيس حزب النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، والرئيس السابق المنصف المرزوقي إلى القضاء الأربعاء في جرائم ومخالفات انتخابية.

وأفادت مصادر، أن من بين المحالين إلى القضاء 3 رؤساء حكومات سابقين، وهم: يوسف الشاهد ومهدي جمعة وإلياس الفخفاخ، والأمين لحزب العمال حمة الهمامي، ورئيس حزب قلب تونس يوسف الشاهد، ورجل الأعمال المعروف سليم الرياحي، والمستشارة السابقة للرئيس السابق الباجي قائد السبسي سيدة الأعمال سلمى اللومي.

ووفق القضاء، فإن الشخصيات المعنية مطالبة بالحضور أمام المحكمة في 19 يناير الجاري في ملفات “الإشهار السياسي والاستفادة غير الشرعية من الدعاية السياسية وانتهاك الصمت الانتخابي”،

لكن استدعاء الغنوشي يعد سابقة في المشهد القضائي والسياسي، فزعيم الإخوان اعتبر لسنوات فوق القانون والمحاسبة القضائية، رغم عديد التجاوزات التي ارتكبها والتهم العديدة الموجهة إليه.

وبعد توليه رئاسة البرلمان وحصوله على الحصانة إثر الانتخابات التشريعية في 2019 ازداد نفوذ الرجل، وبات أكثر تحديا للقانون وللقضاء.

لكن إثر اتخاذ الرئيس قيس سعيد للإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو الماضي، وخاصة تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، أصبح الغنوشي قاب قوسين أو أدنى من المحاسبة التي ينتظرها الرأي العام في تونس بفارغ الصبر.

والغنوشي، تورط وفق العديد من المعطيات في العديد من الجرائم من “التمويل الأجنبي” إبان الحملة الانتخابية في 2019 لتبييض الأموال وإبرام عقود اللوبيينغ، وما تردد عن تشكيل جهاز سري اتهم بالاغتيالات السياسية والتغلغل في أجهزة الدولة إضافة إلى شبكات التسفير في بؤر التوتر.

ومثل استدعاء الغنوشي أمام القضاء صدمة جديدة لحركة النهضة التي تلقت أولى الضربات بإيقاف نائب الرئيس نور الدين البحيري ووضعه تحت الإقامة الجبرية، بعد أن وجهت له تهم في ملفت إرهاب وتزوير وثائق مهمة وبيع الجنسية التونسية لسوريين متهمين بالإرهاب.

لا أحد فوق القانون

كان الرئيس قيس سعيد قد أكد مرارا أنه لا أحد في تونس فوق القانون، متعهدا بمحاسبة كل من تسبب في الأزمات الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد ما أوصلها إلى حافة الإفلاس مع استشراء الفساد.

والأربعاء، شدّد الرئيس التونسي -خلال إشرافه بقصر قرطاج، على اجتماع ضم رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الدفاع الوطني عماد مميش، ووزير الداخلية توفيق شرف الدين- على أنه لا مجال لتدخل السياسة في القضاء.

وأكد الرئيس حرصه على تحمل المسؤوليات كاملة، والقطع مع ممارسات التدخل في القضاء، وتمسكه بتطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة.

وقال -في إشارة إلى السياسيين الذين تم استدعاؤهم أمام القضاء- “إن من ارتكب جرما “يجب أن يحاكم كسائر المواطنين”.

وشدّد سعيد على توفير كل الاحتياطات الطبية “لكل من أراد أن يضرب عن الطعام  أو من أراد أن يسايره”، في إشارة إلى نور الدين البحيري.

ويعتقد الرئيس التونسي، أن المحاسبة القضائية لمن تورطوا في جرائم من السياسيين تأتي قبل المحاسبة السياسية في صناديق الاقتراع، حيث يريد سعيد القطع مع نهج الإفلات من العقاب التي تميزت بها فترة حكم حركة النهضة الإسلامية وحلفائها.

ويؤكد النائب والمرشح الرئاسي السابق المنجي الرحوي أن حكم النهضة والإسلام السياسي أساء للقضاء ومنح المجرمين الفرصة للإفلات من العقاب في كل مرة.

ويستخدم الرئيس سعيد سياسة المراحل لمواجهة نفوذ الإخوان وإضعافهم تدريجيا، خاصة وأنهم تورطوا خلال عشر سنوات في السيطرة على مفاصل الدولة ووضع حلفائهم في كل القطاعات.

ومن المنتظر أن يتعرض الرئيس سعيد للانتقادات، ليس فقط من حركة النهضة، ولكن من مختلف التيارات التي تورطت قياداتها في الفساد وفي الجرائم الانتخابية أو التمويلات المشبوهة.

وبالفعل أصدر عدد من الأحزاب بيانات تنديد بقرار القضاء استدعاء زعاماتها للمحاسبة متهمين قيس سعيد بالضغط على القضاة لكن يبدو أن الرئيس مصر على المحاسبة وإنفاذ القانون.

ربما يعجبك أيضا