«المبادرة الأممية».. هل تمثل بارقة أمل جديدة للسودانيين؟

حسام السبكي

حسام السبكي

هل بات التدخل الدولي والأممي على وجه التحديد، الملاذ الجديد للأزمة السياسية في السودان؟ سؤال بات يطرح نفسه في الآونة الأخيرة، من جانب أطراف النزاع أنفسهم، بعد فشل كافة جهود احتواء الغليان الحاصل في الشارع السوداني، خاصةً مع تزايد رقعة الاحتجاجات، والتي خلفت معها عشرات الضحايا بين مصابين وقتلى، ما شكل عبئًا أخلاقيًا وإنسانيًا على المجتمع الدولي، من أجل التدخل لطرح مبادرة أممية، قد تكون بارقة أمل نحو مستقبل أفضل للمجتمع السوداني.

مبادرة أممية

مبادرة الأمم المتحدة لحل الأزمة السياسية في السودان

أعلنت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان عن طرح مبادرة جديدة، لحلحلة الأزمة بين الفرقاء في السودان، حيث كشفت، أمس (السبت)، عن إطلاق “مشاورات أولية” بين المدنيين والعسكريين في السودان بهدف حل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ القرارات التي أصدرها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.

وذكرت المبادرة الأممية أنه “ستتم دعوة كافة أصحاب المصلحة، من المدنيين والعسكريين بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة“.

وأوضحت الأمم المتحدة، في بيان، أن ممثلها في السودان فولكر بيرثيس “سيطلق رسميا المشاورات الأولية لعملية سياسية بين الأطراف السودانية تتولى الأمم المتحدة تيسيرها بهدف، التوصل لاتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية”.

وذكر البيان أنه “ستتم دعوة كافة أصحاب المصلحة، من المدنيين والعسكريين بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة”. وفي بيان لاحق، دعت الأمم المتحدة إلى مؤتمر صحفي يعقد الإثنين بحضور بيرثيس لإعلان الانطلاق الرسمي للمشاورات.

إلى ذلك، أوضح بيرثيس أن “العنف المتكرر ضد المتظاهرين السلميين عقب القرارات التي أصدرتها القوات المسلحة السودانية لم يسهم سوى في تعميق انعدام الثقة بين كافة الأحزاب السياسية في السودان”، مشيرا إلى أنه حتى الآن “لم تنجح كل التدابير التي تم اتخاذها في استعادة مسار التحول (الديمقراطي)“.

هذا، ويعقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء اجتماعا مغلقا غير رسمي للبحث في آخر التطورات في السودان، حسب ما أعلنت مصادر دبلوماسية الجمعة. ولفتت المصادر إلى أن ستا من أصل 15 دولة عضوا في المجلس طلبت عقد هذه الجلسة، هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والنرويج وإيرلندا وألبانيا.

وكان البرهان قد عطل في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي استكمال انتقال السلطة إلى المدنيين عبر اعتقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وغالبية القادة المدنيين وتعليق عمل مجلس السيادة.

ويحاول الناشطون السودانيون المطالبون بحكم مدني ديمقراطي الضغط عبر تكثيف احتجاجاتهم في موازاة تصاعد العنف من قبل قوات الأمن بحق المتظاهرين ما أسفر حتى الآن عن مقتل 60 متظاهرا على الأقل وسقوط مئات الجرحى، كما تعرضت 13 امرأة على الأقل لحوادث اغتصاب.

ورغم تعهد البرهان إجراء انتخابات عامة في منتصف 2023 استمرت الاحتجاجات على الانقلاب وعلى الاتفاق الذي وافق بموجبه رئيس الوزراء عبدالله حمدوك على العودة إلى منصبه في 21 تشرين الثاني/نوفمبر وهو ما اعتبره المتظاهرون “خيانة“.

والأسبوع الماضي، أعلن حمدوك استقالته مؤكدا أنه حاول إيجاد توافقات لكنه فشل وحذر من أن البلاد تواجه “منعطفا خطيرا قد يهدد بقاءها” وأنه كان يسعى إلى تجنب “انزلاق السودان نحو الهاوية”.

ترحيب واسع.. وتحفظ المعارضة

قوى الحرية والتغيير السودانية
قوى الحرية والتغيير السودانية

في سياق ردود الأفعال الأولية، قالت قوى “الحرية والتغيير” إنها لم تتلق حتى الآن أي تفاصيل عن مبادرة الأمم المتحدة للحوار السوداني التي أطلقتها المنظمة الدولية.

وأشارت، في بيان صحفي، إلى أنها ستدرس المبادرة حال تلقتها بصورة رسمية وستعلن موقفها للرأي العام في حينها.

وأوضحت “الحرية والتغيير”، في بيانها، أنها “طالعت البيان الذي أصدره الممثل الخاص للأمين العام في السودان، والذي بادر فيه بالدعوة لمشاورات أولية حول عملية سياسية بين الأطراف السودانية تتولى الأمم المتحدة تيسيرها”.

وقال البيان: إن “المكتب التنفيذي للحرية والتغيير ناقش بيان الأمم المتحدة وخلص إلى تجديد قوى التحالف لموقفه المعلن الذي لا تراجع عنه، وهو مواصلة العمل الجماهيري السلمي لهزيمة قرارات ٢٥ أكتوبر وتأسيس سلطة مدنية كاملة تقود الانتقال الذي يستكمل مهام ثورة ديسمبر المجيدة، ويؤدي لانتخابات حرة ونزيهة بنهاية المرحلة الانتقالية”.

وأضافت “الحرية والتغيير” وهي من القوى السياسية الرئيسية في السودان وتشارك في المكون المدني بمجلس السيادة الحاكم في البلاد أن “السودان دولة ذات عضوية في الأمم المتحدة، وبعثة يونيتامس لديها تفويض بموجب قرار مجلس الأمن ٢٥٢٤ (٢٠٢٠) لدعم الانتقال المدني الديمقراطي في السودان”.

وفي السياق نفسه، أعلن رئيس الجبهة الثورية، عضو المجلس السيادي، الهادي إدريس عن ترحيبه بالمبادرة الأممية المتمثلة في تبني الأمم المتحدة لحوار رسمي بين المكونات السودانية المختلفة والشركاء الدوليين للتوصل لاتفاق للخروج من الأزمة الحالية.

وقال إدريس -في تصريح صحفي- “نتطلع بأن تحدث المبادرة اختراقا حقيقيا تجاه حل الأزمة السياسية السودانية الراهنة، مؤكداً أن السودان أمام مفترق طرق ويستوجب التدخل الأممي”.

1278654

على الصعيد الدولي، رحبت المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة، والسعودية والإمارات، والمملكة المتحدة، بالإعلان عن قيام بعثة الأمم المتحدة للمساعدة الانتقالية في السودان بتسهيل المناقشات لحل الأزمة السياسية هناك.

وجاء في بيان، نُشر على الموقع الرسمي للخارجية الأمريكية “نحن ندعم بقوة مبادرة الحوار السودانية التي تيسرها الأمم المتحدة“.

وحث الموقعون على البيان، جميع الأطراف السياسية السودانية على اغتنام هذه الفرصة لاستعادة انتقال البلاد إلى الديمقراطية المدنية، بما يتماشى مع الإعلان الدستوري لعام 2019.

وجاء في البيان: “نتطلع إلى أن توجه هذه العملية البلاد نحو انتخابات ديمقراطية، بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوداني إلى الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة والازدهار”.

أحمد أبو الغيط
أحمد أبو الغيط

عربيًا، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، بإعلان الأمم المتحدة العمل مع الأطراف السودانية من أجل تيسير الحوار ومعالجة الصعوبات التي تواجه الفترة الانتقالية في البلاد.

وأوضح أبوالغيط -في بيان عبر الموقع الرسمي للجامعة العربية- أن “هذا الدعم يأتي انطلاقا من حرص الجامعة العربية على الحفاظ على المكتسبات التي تحققت للشعب السوداني على مدار العامين المنصرمين، وعلى أهمية معالجة جميع أسباب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد”.

وأكد الأمين العام للجامعة العربية “استعداد وعزم الجامعة التعاون الكامل مع الأمم المتحدة بغية المساعدة في التوصل إلى توافقات يمكن أن تسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوداني نحو الاستقرار والسلام والتنمية والديمقراطية”.

وزارة الخارجية القطرية
وزارة الخارجية القطرية

بدورها، أعربت وزارة الخارجية القطرية، أمس (السبت)، عن ترحيبها بإطلاق الأمم المتحدة مشاورات لعملية سياسية شاملة بالسودان، معربة عن أملها في الوصول إلى صيغة توافقية تمثل جميع السودانيين.

وأوضحت الوزارة -في بيان عبر حسابها الرسمي على “تويتر”- أن قطر تجدد دعهما الكامل لـ”وحدة وسيادة واستقرار السودان”.

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية أن مصر تُتابع عن كثب التطورات الأخيرة في جمهورية السودان الشقيق، وفي هذا الإطار تدعم مصر التحرك الأُممي الحالي الداعم لتحقيق الاستقرار بالسودان من خلال تفعيل حوار بين الأطراف السودانية من شأنه حل وتجاوز الأزمة الراهنة، والحيلولة دون الانزلاق إلى دائرة الفوضى .

وناشدت مصر كافة الأطراف للعمل على إختيار رئيس وزراء انتقالي توافقي جديد وتشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن، معربة عن استعدادها لدعم تلك الحكومة بكافة السُبُل الممكنة، كما تشدد مصر على أن أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزء من أمن واستقرار مصر والمنطقة.

كما رحَّبت البحرين ، بالحوار بين الأطراف السودانية، مؤكدة دعمها إحياء العملية السياسية في السودان لما من شأنه تحقيق الأمن والسلم ووحدة واستقرار السودان.

وأشادت وزارة الخارجية البحرينية – في بيان عبر موقعها الرسمي – بالدور البناء الذي قامت به الأمم المتحدة في هذا الخصوص والمساعي التي بذلتها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، لإجراء مشاورات سياسية بين جميع المكونات.

وأكدت تضامن البحرين ودعمها الكامل للسودان لتحقيق تطلعات شعبها في الاستقرار والسلام والتنمية.

ربما يعجبك أيضا