«سننغص عليك حياتك».. ماكرون يشعل غضب الشارع الفرنسي

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

«سننغص عليك حياتك»، جملة هتف بها عشرات المتظاهرين المناهضون للقاحات، كرسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بجميع مدن فرنسا، في إشارة إلى الجملة التي وجهها للذين يرفضون لقاحات كورونا.

وخرج المتظاهرون إلى الشوارع السبت الماضي، رافضين التشريع الذي سيلزم السكان بإبراز ما يثبت تلقيهم اللقاح، للسماح لهم بدخول أماكن مثل المقاهي والحانات والمتاحف، كما اتهموا ماكرون بخنق حرياتهم والتفرقة في المعاملة بين المواطنين.

جاء ذلك بعد أيام على إعلان ماكرون عن عزمه على “التضييق على حياة غير الملقحين إلى أقصى حد”، قائلا إنه ««سينغص حياة» من يرفضون لقاحات كوفيد-19 بأن يشدد القيود على حرياتهم المدنية، وبجعل حياتهم معقدة للغاية لدرجة أنهم سينتهي بهم الأمر بالطعن»، مشيرا إلى أن الأشخاص غير المحصنين غير مسؤولين ولا يستحقون اعتبارهم مواطنين.

«القشة التي قصمت ظهر البعير»

في باريس، رد المتظاهرون بتبني صياغته العامية، ورددوا هتاف «سننغص عليك حياتك»، وحمل آخرون لافتات كتب عليها «لا لبطاقة اللقاح»، في إشارة إلى مسعى ماكرون التشريعي للمطالبة بإثبات التطعيم، كما احتشد المتظاهرون أيضا في شوارع مرسيليا ونانت ولومان من بين مدن أخرى.

«تصريحات ماكرون كانت القشة التي قصمت ظهر البعير»، هكذا وصفت الطبيبة فيرجيني هوجيت وهي مديرة مستشفى، رفضت إلزام العاملين الصحيين بتلقي التلقيح لأنها أصيبت بـ Covid-19 في أواخر العام الماضي.

تقول إحدى المتظاهرات: «رئيسنا يقوم بتحريض الملقحين، ضد غير الملقحين، وهذا لا يليق برئيس للجمهورية، وما قاله في الأيام القليلة الماضية، كانا صادمًا»، بحسب «فرانس 24».

ويتهم المحتجون ماكرون بالدوس على حرياتهم ومعاملة المواطنين معاملة غير متساوية، وقالوا إن الحريات تحمل مسؤوليات تشمل حماية صحة الآخرين.

التظاهرات الأكبر

شارك في مظاهرات السبت، 105 آلاف ومئتي شخص، أي أكثر بأربع مرات من عددهم في آخر تظاهرات نظمت في 18 ديسمبر، حسبما أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية.

وأشارت وزارة الداخلية إلى ثلاث تظاهرات في باريس جمعت 18 ألف شخص، إضافة إلى 87 ألفا ومئتين آخرين في سائر أنحاء فرنسا، وأصيب عشرة عناصر من الشرطة وأوقف 34 شخصا.

وجمعت التظاهرة الأكبر، آلاف الأشخاص بدعوة من حزب الوطنيين بزعامة المرشح الرئاسي اليميني المتطرف فلوريان فيليبو، ليعود مستوى التحركات إلى ما كان عليه في الصيف عندما تم الإعلان عن التصريح الصحي.

وقال شاب يبلغ من العمر 17 عامًا «إذا تم تمرير القانون، فلن نتمكن بعد الآن من الذهاب إلى المدرسة، ولن نتمكن من العمل بعد الآن، مقتربا بذلك من أفكار فلوريان فيليبو الذي لا يريد أن يحقن نفسه بلقاح في طور التجربة»، وفقا لإذاعة «مونت كارلو» الدولية.

وعبّرت أمينة مكتبة تبلغ 57 عامًا، قالت إنّها تميل إلى أقصى اليسار، عن احتجاجها على شهادة التلقيح التي استحالت تطعيما الزاميا مقنّعا، معتبرة أن للّقاحات «آثارا جانبيّة».

في ليون تجمع حشد صغير من المتظاهرين من جميع الأعمار، فيما لم يضع كثيرون منهم كمامات، ورفعت خلال التظاهرة شعارات تندد بـ«الفصل العنصري الاجتماعي» وأطلِقت صيحات استهجان ضد ماكرون.

وفي جنوب غرب البلاد، تظاهر 500 إلى ألف شخص في بوردو بحسب ما أعلنت الشرطة، وتسعة آلاف بحسب المنظمين، وكتب على لافتات رفعت خلال التحرك «ثقة مفقودة»، و«متى سنرى لقاحا للاحترام؟».

وقالت إحدى المتظاهرات لم تتلق اللقاح ضد كورونا لكنها ليست مناهضة له، إنها تتظاهر للمرة الأولى في حياتها لأن تصريحات الرئيس «أفاضت الكأس».

فرنسيون «يرجمون» نائب ماكرون

تعرض ستيفان كليرو، نائب رئيس الحزب الفرنسي الحاكم، إيمانويل ماكرون، للاعتداء من قبل متظاهرين رافضين لفرض جوازات التلقيح ضد فيروس كورونا.

وقال كليرو، إنه سيتقدم بشكوى ضد المهاجمين، خاصة أن التهديدات بالقتل تصله يوميا عبر البريد الالكتروني، مشيرا إلى ضرورة وضع حد لهذه المسألة الشائكة.

وأضاف: «أنه كان ينتظر المتظاهرين الذين سيمرون من أمام منزله في مقاطعة سان بيير وميكلون حتى يتمكن من الحديث معهم، وكانت هناك سيارة محملة بالأعشاب البحرية وبدأ المتظاهرون يرمونها في وجهي. بدا الأمر وكأنه رجم. جاءت زوجتي لتنضم إلي على الدرجات الأمامية للمنزل.. كانت هناك حصاة طولها خمسة سنتيمترات مرت قرب وجهنا».

من جانبها نددت وزيرة شؤون البحار الفرنسية، أنيك جيراردين، بالهجوم هذا، مؤكدة أن كليرو تلقى العديد من المقذوفات بعنف على وجهه، وأعقب ذلك إلقاء حجارة نحوه.

في حين قدر وزير الأقاليم ما وراء البحارسيباستيان ليكورنو أنه كان من الممكن أن يعدم المتظاهرون كليرو خارج نطاق القانون أمام منزل عائلته.

تسييس الوباء

سجلت فرنسا أكثر من 300 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا للمرة الثانية خلال أسبوع، كما يرتفع عدد مرات دخول المستشفى، بما في ذلك مرضى كورونا في العناية المركزة (ICU)، مما يضع نظام الرعاية الصحية تحت الضغط.

أفادت بعض المستشفيات أن 85٪ من مرضى وحدة العناية المركزة لم يتم تطعيمهم ضد  كورونا، وتظهر البيانات أن 90٪ ممن تزيد أعمارهم عن 12 عامًا مؤهلون للحصول على تطعيم كورونا، وقد تم تطعيمهم بالكامل.

يتعين على الأشخاص في فرنسا بالفعل إظهار إما دليل على التطعيم أو اختبار سلبي لدخول المطاعم والحانات واستخدام القطارات بين المناطق، ولكن مع ارتفاع عدد الإصابات بمتحور «أوميكرون»، تريد الحكومة التخلي عن خيار الاختبار.

قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية، بدا أن لغة ماكرون الفظة محسوبة، مستفيدة من الإحباط المتزايد ضد غير الملقحين.

وقالت المرشحة الرئاسية الفرنسية، فاليري بيكريس: إن ماكرون كان يقود إسفينًا في أنحاء البلاد، وندد المرشح اليميني المتطرف إيريك زمور بما أسماه تصريحات الرئيس الصبيانية، بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية.

واتهم المحتجون في شوارع العاصمة ماكرون بتسييس الوباء في الفترة التي سبقت الانتخابات، وقال أحد المتظاهرين البالغ من العمر 55 عامًا: «أريده أن يثير غضب تجار المخدرات والمجرمين، وليس الشخص العادي».

ربما يعجبك أيضا