التطرف عبر الإنترنت.. كيفية نشر خطاب الكراهية والتطرف؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

نجحت الجماعات المتطرفة بجميع أطيافها باستخدام الإنترنت للحصول على الدعم اللوجستي، مثل شراء الأسلحة والتجهيزات، وساعد في ذلك استخدام تلك الجماعات خوادم ومحركات الإنترنت وتطبيقات إخفاء الهوية مثل تطبيق TOR للوصول إلى الويب المظلم، والشبكة المظلمة مع تحويل الأموال مثل Bitcoin، العملة الرقمية، ما يعقد جهود الحكومات بمحاربة التطرف ومكافحة الإرهاب. 

وتوفر الأجهزة المحمولة المزودة بتقنية التشفير المتطورة ومجموعة متنوعة من تطبيقات الهاتف المحمول للدردشة المشفرة مثل Telegram أو Signal أرضية خصبة للتنسيق ما بين الجماعات المتطرفة والإفلات من المراقبة.

يمثل استمرار وجود محتوى إرهابي على شبكة الإنترنت خطرًا على المواطنين والمجتمع، ويسيء إلى استخدام الإنترنت لنشر رسائل الترهيب والتطرف والتجنيد وتسهيل تنفيذ الهجمات الإرهابية. ولغرض مواجهة هذا التهديد، طرحت المفوضية الأوروبية سلسلة من الإجراءات الطوعية والتشريعية والمبادرات للمساعدة في التخفيف من التهديد الإرهابي.

على الرغم من تعدد فوائد الإنترنت والذي أصبح حاجه شبه أساسية في الحياة اليومية للأفراد والمجموعات،  إلا أنه يجب أيضًا الاعتراف بأن نفس التكنولوجيا  يمكن أن تستغلها الجماعات المتطرفة أيضًا لتمجيد الأعمال الإرهابية ، والتحريض على ارتكابها، و نشر التطرف وتجنيد الإرهابيين ، ونشر محتوى غير قانوني، وتسهيل التواصل بين الجماعات المتطرفة وتدريب المجندين المحتملين.

الإنترنت وسيلة لنشر التطرف والتجنيد

استفادت الجماعات المتطرفة كثيرا من الوصول إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. ونجحت الجماعات المتطرفة بالاستفادة من الانترنت ليس في نشر الدعاية المتطرفة بل أيضا في التجنيد. لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ذراع قوي من أجل الترويج والتحريض والترهيب والتطرف على نطاق أوسع. الجماعات المتطرفة احترفت صناعة الخطاب والرسائل التي تتناسب مع الشرائح المستهدفة على المستوى المحلي. لقد أثبتت الجماعات المتطرفة أنها مبتكرة وقابلة للتكيف، وتستغل نظم الاتصال لتحقيق أهدافه.

وتدرك الجماعات المتطرفة، أهمية منصات الوسائط الاجتماعية من اجل تسويق ونشر المحتوى المتطرف، رغم أن معظم عمليات تجنيد الإرهابيين تحدث وجهاً لوجه في مرحلة ما من العملية، فإن الاتصالات الأولية مع الجماعات المستهدفة للتجنيد، غالباً ما تحدث عبر الإنترنت، وهذا يعني، إن وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإنترنت  تلعب دورًا مهمًا في تسهيل الدعاية المتطرفة، لجذب انتباه الأفراد والمجموعات المستهدفة .

وبدون شك يوفر الإنترنت مناخا مناسبا لنشر التطرف، حيث تتمكن الجماعات المتطرفة من صياغة ونشر الدعاية المتطرفة من خلال الإنترنت. ويعد استغلال منصات التواصل الاجتماعي مسألة تنظيمية مهمة للمجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص. وتستغل الجماعات المتطرفة، وسائل التواصل الاجتماعي لمجموعة من الأسباب – من نشر الروايات والدعاية المتطرفة إلى التمويل والتجنيد وتبادل المعلومات العملية.

الحاجة إلى تحسين السياسات لمواجهة التطرف على الإنترنت 

ركزت الجهود الدولية لمواجهة دعاية تنظيم داعش والجماعات المتطرفة، على وسائل التواصل الاجتماعي وإيجاد رد سريع على الهجمات الإرهابية مثل تلك التي حدثت في “كرايستشيرش” في نيوزيلندا ، على كبح خطاب الكراهية عبر الإنترنت والرسائل المتطرفة. ويتعلق العديد من هذه الإجراءات بمحاربة التحريض على الكراهية والعنف، في الواقع، على سبيل المثال اتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير للرد على نشر الكراهية والتحريض على العنف عبر الإنترنت.  

ومع التزام شركات التواصل الاجتماعي مثل Twitter وFacebook، أدى ذلك إلى انخفاض كبير في المحتوى المتطرف الصريح على الإنترنت، لكنها لم تحل المشكلة.  ويعود ذلك بسبب تحول الجماعات المتطرفة إلى منصات رقمية جديدة وطرقًا جديدة لنشر رسائل الكراهية؛ بحيث يمكن رؤية الرسائل التي تمت مشاركتها في البداية عبر Twitter أو Facebook على Telegram أو في المنتديات لغرض الترويج إلى التعصب والاستقطاب لبعض الأفراد للانخراط في أعمال متطرفة.

مشروع DAREالخاص بمحاربة التطرف

 حاول مشروع DARE الخاص بمحاربة التطرف وتطبيق القانون ومعايير وسائل التواصل الاجتماعي لفهم خطاب وسائل التواصل الاجتماعي الراديكالي، حيث أجرت مجموعة من الباحثين من مشروع الحوار حول التطرف والمساواة (DARE) الممول من الاتحاد الأوروبي تحليلاً للخطاب “اليميني المتطرف” و”التطرف الإسلاموي” على تويتر للفترة من 2010 إلى 2019. 

تناول البحث عينات من اليونان وفرنسا والنرويج وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا وتم تضمين حسابات Twitter في العينة على أساس خصائص مثل دعم العنف، والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية، لاختيار الحسابات اليمينية المتطرفة، تم أيضًا اعتبار المواقف المعادية للمسلمين والمناهضة للهجرة من معايير نشر الأفكار المتطرفة. وكانت النتائج أشكال مختلفة تمامًا للدوافع الكامنة وراء المشاركة عبر الإنترنت ومدى تأثير الإنترنت على السلوك في العالم غير المتصل بالإنترنت .

تواجه الحكومات تحديا كبيرا للحد من دعاية التطرف على الإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بسب ملكية الشركات المزودة لخدمة الإنترنت، وهي في الغالب شركات خاصة.

ما ينبغي العمل عليه ولمواجهة هذه التحديات، يجب أن تكون هناك سياسة فاعلة لتحقيق التوازن بين الإجراءات الشمولية والوقاية من الأعمال المتطرفة. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يتعرضون لأفكار متطرفة أو يساهمون في “دردشة التطرف” لن ينخرطوا في أعمال إرهابية، لكن الأفكار المتطرفة نفسها يمكن أن تؤثر على الأفراد المعرضين للنزوح نحو لتخطيط وتنفيذ أعمال التطرف العنيف، وهذا بحد ذاته يمكن أن يكون سببًا لتوخي الحذر بشأن السماح للأفكار المتطرفة على منصات الإنترنت.ويمكن لسياسات معالجة التطرف أن تستفيد بشكل كبير من تصنيف التطرف عبر الإنترنت.

ربما يعجبك أيضا