التقاعد الإجباري.. خطة الرئيس التونسي لتطهير الداخلية من العناصر الإخوانية

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

تونس – يبذل الرئيس التونسي قيس سعيد وحكومة نجلاء بودن جهودا جبارة وسريعة لتطهير وزارة الداخلية من العناصر الإخوانية والحزبية التي تغلغلت في الوزارة مستغلة حالة الفوضى والضعف داخل أجهزة الدولة بعد الثورة.

وأعلنت وزارة الداخلية، أمس (الثلاثاء)، أنه تم إحالة 6 من المسؤولين الأمنيين على التقاعد الإجباري.

بدورها كشفت إذاعة موزاييك الخاصة، أن السلطات “أحالت عددًا من القيادات بوزارة الداخلية، لم تسمهم، على التقاعد الوجوبي، دون تحديد الطرف الذي اتخذ قرار الإحالة”.

لكن الإذاعة أكدت، وفق مصادرها، أن من بين المحالين على التقاعد الوجوبي شخصيات عملت بإدارة الحدود والأجانب، ومشرفون أمنيون على سفارات تونسية في الخارج، بالإضافة إلى مدير عام سابق بوزارة الداخلية.

ورغم أن الإذاعة لم تذكر أسماء لكن مراقبين يرون أن أغلب المشمولين بالتقاعد الوجوبي قريبون من الأحزاب، وخاصة حركة النهضة التي سعت جاهدة للسيطرة على وزارة الداخلية، حيث تعتبرها مكمن الحكم والسيطرة على مفاصل الدولة.

ولا يمكن فصل الإحالة على التقاعد الوجوبي عن النهج الذي اتبعه الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو الماضي حين اتخذ إجراءاته الاستثنائية وسعى لعزل وفرض الإقامة الجبرية ومحاكمة عدد من المسؤولين بمن فيهم بعض القيادات الأمنية.

قرارات قوية وحاسمة

وفي نوفمبر الماضي قرر وزير الداخلية توفيق شرف الدين فرض التقاعد الإجباري على 20 مسؤولا أمنيا، وهو ما أحدث ضجة قوية في المؤسسة الأمنية.

ويؤكد الوزير الأسبق ومؤسس التيار الديمقراطي، محمد عبو، أن الأحزاب السياسية -وفي مقدمتها حركة النهضة- عملت على تعيين مقربين منها في مواقع أمنية حساسة، وذلك للتستر على ملفاتها.

وفي أغسطس الماضي عمد الرئيس التونسي لعزل عدد من القيادات الهامة بالداخلية على غرار رئيس جهاز الاستخبارات في الوزارة (المصالح المختصة) الأزهر اللونغو الذي وضع تحت الإقامة الجبرية.

واللونغو عرف قربه من حركة النهضة واتهم في ملف الجهاز السري لحركة النهضة إضافة لأسماء أخرى.

وبعد تلك الحملة أدى سعيّد زيارة إلى وزارة الداخلية أكد خلالها أنه سيواجه من يريد “التسلل إلى مفاصل الدولة، وإلى وزارة الداخلية بالتحديد”.

ومحاولة التغلغل في وزارة الداخلية ليست مقتصرة على الأحزاب فقط؛ فأجهزة مخابرات دولية سعت بدورها لتعيين أشخاص وتشكيل خلايا موالية لها في الوزارة.

وقد كشف الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي والوزير السابق، غازي الشواشي، أن القضاء يحقق مع ستة أو سبعة مسؤولين أمنيين بشأن وجود خلية أمنية للتجسس، مؤكدا أن هذه الخلية تورطت في التجسس على شخصيات هامة في البلاد وصحفيين ورجال أعمال وسياسيين.

وقال الشواشي: إن “التحقيقات الأولية كشفت أن الخلية تنشط لصالح أطراف داخل البلاد وخارجها”.

سقوط فتحي البلدي

ولا يمكن فصل كل هذه المعطيات عن التحذيرات التي يطلقها الرئيس سعيد حول وجود غرف مظلمة تستهدفه بتواطؤ مع جهات أجنبية لم يذكرها في وقت يتصاعد فيه الحديث عن الجهاز السري لحركة النهضة.

ويرى مراقبون أن إيقاف كل من وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، وخاصة المسؤول الأمني البارز فتحي البلدي ووضعهما رهن الإقامة الجبرية يأتي في إطار عملية التطهير.

ورغم أن الإعلام ركز على عملية القبض على البحيري والتطورات التي لحقتها، خاصة نقله إلى المستشفى بعد تعكر صحته لكنه تجاهل ملف فتحي البلدي الذي شغل منصب مستشار وزير الداخلية الأسبق علي العريض، وذكر اسمه في ملف الجهاز السري للنهضة ب جانب كل من اللونغو والمسؤول الأمني السابق محرز الزواري.

ويبدو أن فتحي البلدي متورط في ملف تزوير وثائق، وذلك في إطار القضية المتعلقة بمنح جنسيات لسوريين ولقيادات في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

وقد أكد وزير الداخلية التونسي -في مؤتمر صحفي، قبل أسبوعين، تعليقا على إيقاف البحيري والبلدي- إن الأمر له علاقة بشبهات إرهاب وعمليات تزوير وثائق، خاصة بجوازات السفر ومنح بطاقات هويات وشهادات في الجنسية التونسية.

ويبدو أن الرئيس قيس سعيد يضاعف جهوده لإنهاء تغلغل منظومة الإخوان في الدولة لمحاولة إسقاطها.

ربما يعجبك أيضا