الهيدروجين الأخضر.. هل يصبح وقودًا للمستقبل النظيف؟

آية أحمد

كتبت – آية أحمد

إن النمو السريع لاقتصاد الهيدروجين العالمي قد يؤدي إلى تحول كبير في جغرافيا الاقتصاد الجيوسياسي مع نشوء أوجه ترابط جديدة، وذلك وفقاً لوكالة الدولية للطاقة المتجددة، كما يُعتقد أن الهيدروجين يمكن أن يثبت أنه حلقة مفقودة لخلق مستقبل للطاقة آمن مناخيًّا.

لذلك؛ من الواضح أن الهيدروجين يلحق بثورة الطاقة المتجددة مع ظهور الهيدروجين الأخضر كمتغير لتحقيق الحياد المناخي دون المساس بالنمو الصناعي والتنمية الاجتماعية. لكن الهيدروجين ليس نفطًا جديدًا، والانتقال ليس بديلًا عن الوقود بل هو تحول إلى نظام جديد يعاني من اضطرابات سياسية وتقنية وبيئية واقتصادية.

توليد الطاقة

إن الهيدروجين يمكن استخدامه لتوليد ما يصل إلى 12% من استخدام الطاقة في العالم بحلول عام 2050 في حين تكثف البلدان جهودها البحثية بسبب إلحاح المناخ والتزاماتها الفردية بتحقيق مستقبل صاف (انبعاثات صفرية)، ومن المحتمل أن يؤدي نمو التجارة والاستثمار المستهدف -في سوق يسيطر عليه الوقود الأحفوري وتبلغ قيمته حاليًّا نحو 174 مليار دولار- إلى تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية والتأثير على السياسة الخارجية- خاصة وأن الصفقات الثنائية الجديدة تختلف بشكل كبير عن العلاقات الهيدروكربونية التي تشكلت في القرن العشرين.

“جيوسياسية” تحول الطاقة

يفترض عامل الهيدروجين أنه سوف يغير جغرافية تجارة الطاقة والطريقة التي يتم بها ترتيب علاقات الطاقة إقليميًّا من خلال ظهور مراكز جديدة للتأثير الجغرافي السياسي تقوم على إنتاج واستخدام الهيدروجين، مع انخفاض تجارة النفط والغاز التقليدية.

تخزين الهيدروجين

إن المحاليل الكهربائية اللازمة لتقسيم المياه إلى أكسجين وهيدروجين قليلة العدد، والكهرباء المتجددة اللازمة لتوليد الطاقة لها ليست بعد متوفرة بما فيه الكفاية، وتُقدر المفوضية الأوروبية قيمة توليد الطاقة فيما بين 180 إلى 470 مليار يورو، كما أنه لا يمكن معالجة أزمة المناخ باستهلاك نفس الكمية من الطاقة وحرق أنواع مختلفة من الوقود فقط؛ حيث إن الوفورات في الطاقة وتغيير استخدامها وكهربة أكبر قدر ممكن من التدفئة والنقل والصناعة ينبغي أن تكون في صميم خطط الطاقة، وفي الوقت الراهن، يتطلب تخزين الهيدروجين ضغطا عاليا للغاية، وبالتالي فهو مكلف وغير فعال بدرجة لا تسمح باستخدامه على نطاق واسع في المركبات.

مزايا وعيوب إنتاج الهيدروجين الأخضر

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الإشادة بالهيدروجين كوقود للمستقبل، وقد عمل على تشغيل أول محرك احتراق داخلي في عام 1806، وفي عام 1970، تم صياغة مصطلح اقتصاد الهيدروجين؛ حيث بدأ ظهور تأثير الهيدروجين في البلاد، الذي اختفى في نهاية المطاف في الثمانينات، وهي مسؤولة عن 830 مليون طن من انبعاثات CO2 سنويًّا، أي ما يعادل الانبعاثات السنوية للمملكة المتحدة وإندونيسيا مجتمعة.

وبينما سيتجنب الهيدروجين الأخضر هذا التلوث، لا تزال هناك العديد من المشكلات القديمة، وأبرزها كيفية تخزينه بأمان، وفي حين أن الهيدروجين أقل سمية وأكثر انتشارًا من الغاز الطبيعي، فإن له مجموعة واسعة من التركيزات القابلة للاشتعال في الهواء وطاقة اشتعال أقل من الوقود أو الغاز الطبيعي، مما يعني أنه يمكن أن يشتعل بسهولة أكبر، فضلًا عن إن تكنولوجيات إنتاج الهيدروجين الأخضر لم تنشأ بعد، والعملية بأكملها مكلفة، واليوم لا يستطيع الهيدروجين الأخضر أن ينافس مصادر الطاقة الأخرى، أو الهيدروجين الرمادي المُنتج من الوقود الأحفوري.

السباق العالمي

وفي السنوات العشرين الماضية، تم الإعلان عن ما يقرب من 450 مشروعًا لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، وظلت القائمة تنمو -وفقا لقاعدة بيانات الوكالة الدولية للطاقة- ومن ناحية أخرى، فقد أعلنت المملكة المتحدة مؤخرًا عن خططها لاجتذاب 4 مليارات جنيه استرليني من الاستثمارات لإطلاق اقتصاد هيدروجين على مستوى البلاد، في حين تعمل الولايات المتحدة على خفض التمويل اللازم لخفض تكاليف الهيدروجين النظيف بنسبة 80% في العقد القادم؛ فقد أطلقت خطة لخفض تكلفة 1 كيلوجرام من الهيدروجين الأخضر إلى دولار واحد بحلول عام 2030، في حين تعمل ألمانيا مع أستراليا وناميبيا على إنشاء سلاسل عالمية لتوريد الهيدروجين، فضلًا عن أن الخطة الخمسية الجديدة في الصين ترى أن الهيدروجين سيصبح واحدًا من الصناعات الستة في البلاد في المستقبل.

آفاق مستقبلية

السباق نحو اقتصاد الهيدروجين مستمر، وينبغي أن يصبح الإنتاج أرخص في العقد المقبل، وأن يكون التخزين والاستخدام أسهل؛ ولكن ليس الجميع مقتنعين بأن الهيدروجين الأخضر هو وقود المستقبل، ولكن الأمور تتحرك بسرعة مع مشروعات جديدة لإنتاج الهيدروجين، وتقوم البلدان بوضع استراتيجيات لبناء أسواق للهيدروجين الأخضر، وتعمل الشركات الناشئة والباحثون عبر كامل سلسلة القيمة الهيدروجينية

ربما يعجبك أيضا