هل يفقد الاقتصاد الصيني الزخم مع ارتدادات متحورات كورونا؟

آية أحمد

كتبت – آية أحمد

في خضم ارتفاع الدين العام، وانخفاض الإيرادات المالية، وتشديد الظروف العالمية، تواجه البلدان النامية الآن ضغوطًا متزايدة مع ظهور متحور أوميكرون في أواخر نوفمبر 2021  -والذي من المرجح أن يكون أكثر قابلية للانتقال من المتغيرات السابقة وبقدرة أفضل على التهرب من اللقاحات- فضلًا عن إطلاقه أجراس إنذار جديدة في جميع أنحاء العالم، لذا أصبح التعافي الاقتصادي العالمي يتوقف على توازن دقيق وسط موجات جديدة من حالات الإصابات من وباء كوفيد-19 في ظل التحديات المستمرة في سوق العمل، والقيود المستمرة على سلسلة الإمدادات، فضلًا عن الضغوط التضخمية المتزايدة التي أدت إلى تباطأ زخم النمو إلى حد كبير بحلول نهاية عام 2021، بما في ذلك في الاقتصادات الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية مع تبدد آثار المحفزات المالية والنقدية وظهور اضطرابات كبيرة في سلسلة الإمدادات.

صدمة الاقتصاد الصيني في ظل أوميكرون

وقد أدت تفشي متحورات فيروس كوفيد-19 في الآونة الأخيرة إلى إغلاق المصانع في بعض المدن الصينية وانقطاع سلسلة الإمداد. إن تباطؤ النشاط في الصين، وهي أكبر اقتصاد في المنطقة، من شأنه أن يهدد النمو في مختلف أنحاء المنطقة، ويجعل الصين أقل جاذبية في سلاسل التوريد العالمية، وأن يضيف إلى الضغط على الصين ما يجعلها في حالة الفصل (العزل)، وذلك لصالح المنافسين الإقليميين الذين استطاعوا التعايش مع الفيروس، ومن المرجح أن يكون عام 2022 عام آخر لانهيار العملة.

إجراءات التيسير النقدي

ومن جانبها، فقد تعهدت الحكومة الصينية في شهر ديسمبر الماضي بالحفاظ على الاستقرار، وهو ما ينعكس في تحركات البنك المركزي لتخفيف أسعار الفائدة في وقت تتحرك العديد من الدول الغربية في الاتجاه المعاكس، وفي الوقت نفسه، تحركت الصين نحو تثبيت استقرار اقتصادها بضخ مفاجئ للحوافز النقدية الرامية إلى التخلص من الضرر الناجم عن موجة من تفشي وباء كوفيد-19، وأزمة قطاع العقارات المحملة بالديون.

 وتجدر الإشارة إلى أن الصين استطاعت تحقيق معدل نمو اقتصادي أقوى مما كان متوقعًا في عام 2021 بنسبة بلغت نحو 8.1%، ولكن النمو تباطأ إلى حد كبير في الربع الأخير من عام 2021؛ حيث أدت الجهود التي تبذلها الحكومة لاحتواء الفيروس مع انقباضات قفل مفاجئة وإغلاق الموانئ والمطارات إلى خسائر كبيرة، ولم ترتفع مبيعات التجزئة إلا بنسبة 1.7%، وهي نسبة تقل كثيرًا عن التوقعات، وفي سعي الصين إلى التغلب على التباطؤ في عام حرج بالنسبة للرئيس شي جين بينج في سعيه إلى الحصول على ولاية ثالثة كرئيس للبلاد، تم التأكيد على تقديم الحوافز النقدية لمواجهة العواقب الاقتصادية.

إن قطاع الملكية في الصين هو المجال الرئيسي الآخر الذي يثير القلق حيث يكافح المطورون مثل إيفرجراند الصينية للعقارات من أجل سداد الفوائد على القروض الضخمة، لقد فاجأ البنك المركزي الصيني الأسواق يوم الاثنين الموافق 18 يناير 2022، بخفض سعر الفائدة على 700 مليار يوان (153 مليار دولار أميركي)، على قيمة قروض متوسطة الأجل لمدة عام واحد لبعض المؤسسات المالية بمقدار 10 نقاط أساسية إلى 2.85%، كما خفض البنك المركزي تكاليف الاقتراض في اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) لمدة سبعة أيام من 2.2% إلى 2.1%، وعرض ما قيمته 100 مليار يوان أخرى على البنوك. تزامنت هذه الخطوة مع ارتفاع مؤشر CSI 300 للأسهم الصينية القارية بنسبة 0.9%، واكتسب مؤشر شنغهاي المركب القياسي في الصين 0.6%، في حين خسر مؤشر هانغ سينج في هونج كونج 0.7%، وارتفع مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 0.7%.

الآفاق المستقبلية

لا يزال الزخم الاقتصادي الصيني ضعيفًا في خضم تفشي متحورات فيروس كوفيد-19، ورغم أن الموقف النقدي العام لا يزال متوافقًا على نطاق واسع على الصعيد العالمي، حتى في معظم الأسواق الناشئة، فإن البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم تتحول إلى سياسات نقدية أقل تحفيزاً لمواجهة التضخم. على سبيل المثال، يشير بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة إلى ثلاث ارتفاعات في أسعار الفائدة في عام 2022، كما سارع إلى تقليص برنامجه الخاص بشراء الأصول في حالات الطوارئ. كما يفكر بنك الاحتياطي الفيدرالي في تنفيذ ميزانيته العمومية الضخمة.

ربما يعجبك أيضا