مع تصاعد الهجمات ضدها.. مستقبل القوات الأمريكية في سوريا والعراق على المحك

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تعاني القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا والعراق بسبب العديد من الهجمات بقصد تهديد وجودها مؤخرًا، مما دفع واشنطن إلى زيادة مساحة التعاون مع روسيا لتحجيم النفوذ الإيراني لا سيما في سوريا، فضلًا عن قرارها بإدخال منصة نفط مؤخرًا واحتفاظها بـ2500 جندي أمريكي في العراق، وظهر ذلك جليًا عبر التحركات الروسية الأخيرة في جنوب سوريا عن وجود سياسة روسيا؛ لتعزيز انتشار عناصر الفيلق السوري الأول، لتعزيز قدرته على تولي إدارة الوضع الأمني في جنوب البلاد، على حساب وحدة القيادة الجنوبية لحزب الله اللبناني، كما أن الخطوة الروسية تهدف كذلك إلى قطع الطريق أمام تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية، وهو ما يمثل تحجيمًا لأحد مصادر تمويل ميلشيات إيران في سوريا.

هجمات وتصعيد

الأيام الماضية، شهدت تنفيذ فصائل الحشد الشعبي وتحديدًا حركة “النجباء” الشيعية، وعصائب “أهل الحق” وكتائب “حزب الله” العراقي تصعيدًا ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق، وشهدت الفترة من 3 إلى 7 يناير 2022، 5 هجمات داخل العراق، استهدفت الوجود الأمريكي في مطار بغداد وقاعدة عين الأسد الجوية بصواريخ غير موجهة وطائرات مسيرة، كما استخدمت فصائل المقاومة نفسها بشكل منفصل، الصواريخ والطائرات المسيرة لاستهداف القاعدة الأمريكية في “القرية الخضراء” في شرق سوريا في 5 يناير الجاري، كما هاجمت الوجود الأمريكي في حقل العمر النفطي.

الهجمات السابقة، وطوال أوقات سابقة، كانت أحد الأسباب المعلنة لتراجع “واشنطن” عن الانسحاب من العراق، حيث كان من المنتظر أن يتقلص عدد الجنود الأمريكيين في العراق مع نهاية العام 2021 إلى أقل من ألف جندي، غير أن المتحدث باسم البنتاجون، جون كيربي، كشف في 4 يناير الجاري، أن بلاده تحتفظ بـ2500 جندي على الأراضي العراقية، وأن القادة العسكريين لديهم مطلق الصلاحية لاستعمال إمكانياتهم في الدفاع عن الجنود والمواقع التي ينتشرون فيها.

تدابير أمريكية

وبالرغم من ذلك تبنت واشنطن تدابير دفاعية، إذ تمكنت منظومات الدفاع الجوي الأمريكية من طراز “سي رام”، المضادة لصواريخ الهاون والطائرات المسيرة، والمنشورة في عدد من القوات الأمريكية في العراق من اعتراض أغلب الهجمات التابعة لميلشيات إيران، كما نشرت واشنطن منظومات كايوت عالية التقنية لرصد أية تحركات معادية أو أية استعدادات لمهاجمة هذه المواقع العراقية، وهو ما مكنّها من ضرب مواقع، كانت الميلشيات تقيمها لشنّ الهجمات ضد القوات الأمريكية.

كما قامت قواتها في سوريا بتوجيه ضربات استباقية ضد موقع حول القرية الخضراء، كان يجري الإعداد فيه لتنفيذ هجوم صاروخي على القوات الأمريكية في سوريا.

كما اتجهت الولايات المتحدة لتأكيد بقاء قواتها في سوريا، إذ دشنت في مناطق سيطرة أكرد سوريا، مصفاة نفط ومستلزمات التكرير في حقل رميلان النفطي لاستخداماتها العسكرية، بلغت قدرتها 100 ألف برميل شهريًا، لاستخداماتها العسكرية في المنطقة، كما لا يزال هناك نحو 900 جندي أمريكي منتشرين في شمال شرق سوريا وفي قاعدة التنف الواقعة قرب الحدود الأردنية والعراقية.

تحذيرات

كشف عدد من المصادر الأمريكية أن الولايات المتحدة وجهت تحذيرات لإيران، والميلشيات المرتبطة بها بضرورة وقف هذه الهجمات، وإلا فإن الولايات المتحدة سترد بقوة عليها، دون توضيح أبعاد أو مضمون هذه التهديدات، وهو ما يؤشر إلى أن الولايات المتحدة سوف تتجه إلى وضع خطط طارئة للرد على أي اعتداء إيراني يتسبب في سقوط قواتها في العراق، بما يحمله ذلك من إمكانية تصعيد المواجهة بين الجانبين.

يذكر أن قاعدتا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في حقل العمر النفطي ومعمل غاز كونيكو، شهدتا استهداف صاروخي في أيام 3 و5 و7 يناير 2022، وذلك ردًا على استهدف طيران التحالف الأمريكي مقرات عسكرية لبعض الفصائل الإيرانية في بلدات العشارة والميادين غرب نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي، والتي أسفرت عن مقتل القيادي بالحرس الثوري حاج عباس، في بادية الميادين بريف دير الزور، بحسب مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.

توقيت ذو دلالات

تزامنت الهجمات الفصائل الإيرانية في سوريا مع تصعيد مماثل في العراق، ففي 4 و5 يناير الجاري، تم استهداف قاعدة عين الأسد العسكرية العراقية الواقعة في غرب البلاد، والتي تضم قوات استشارية للتحالف الدولي بهجمات بالطائرات المسيرة وضربات صاروخية على التوالي، واستهداف الوجود الأمريكي في مطار بغداد بطائرتين مسيرتين كذلك، وهو ما أعلنت إيران مسؤوليتها عنه إذ أكد علي تنغسيري، قائد بحرية الحرس الثوري الإيراني، مسؤولية بلاده عن استهداف قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار العراقية، في تحدٍ مباشر للولايات المتحدة.

وتزامن الاستهداف الإيراني للقاعدة الأمريكية مع الذكرى الثانية لمقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق في 3 يناير، مما يؤكد أن طهران ترسل رسالة لواشنطن مفادها أن التوصل لاتفاق حول برنامجها النووي لن يجعل إيران تتراجع عن تنفيذ أجندتها الرامية إلى الانتقام لمقتل سليماني، أو إخراج وإحراج القوات الأمريكية في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا