الحريري يخلع عباءة السياسة.. ويربك المشهد اللبناني

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

زلزال لبنان وقع، ليس فقط بانسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية، بل بانسحاب تيار المستقبل من المشاركة في الانتخابات النيابية المزمعة خلال مايو المقبل.

بالدمــوع وبصوت مرتـجـف اعتزل سعد الحريري السياسة، بعد أن حاول زعيم تيار المستقبل في لبنان، أن يحبس دموعه لكنه أخفق في ذلك.

عزوف الحريري هو تعبير حاد عن اليأس من حالة السياسة في لبنان، ومن حال الدولة الذي بلغ حد الاهتراء.

حسابات الانسحاب، قالت: إن التوازنات التي كان العالم يأمل أن تتغير في انتخابات مايو المقبل، سوف تعيد إنتاج نفسها، وهو ما لا يبقي متسعًا للإصلاح.

ممارسة السياسة عن طريق التسويات والحلول المؤقتة لم تعد تجدي نفعا هي الأخرى، بعد أن انزلقت البلاد من حافة الهاوية إلى الهاوية فعلا.

الطموح الوحيد المتبقي والذي عبر عنه الحريري هو ألا تنزلق البلاد إلى حرب أهلية جديدة، وإذا كان ذلك هو ما قد يحدث، فمن الخير، بحسابات الحريري، أن يتجنب الطرف السياسي الأقوى في الطائفة السنية أي ذريعة قد تدفعه إلى هذا المنزلق.

وفي الخطاب الذي ألقاه في بيروت، سرد الحريري الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ قراره النهائي، وأشار إلى سلسلة التنازلات التي قدمها في سبيل تجنيب البلاد ويلات الحرب الأهلية.

المشكلة برأي الحريري، تتمثل بدرجة كبيرة في النفوذ الإيراني في لبنان وحزب الله الذي يمثل هذا النفوذ مستعد لدفع البلاد إلى المزيد من الفشل والشلل والوقوف حجر عثرة أمام التغيير الذي طالبت به انتفاضة أكتوبر 2019.

آخر الأمثلة، هي تعطيل اجتماعات الحكومة ثلاثة أشهر متتالية وذلك لفرض ما يريد بشأن التحقيقات في انفجار بيروت، بينما كانت البلاد تنهار وتفقد ملايين العائلات مصادر دخلها وتعجز عن توفير الخبز فقط.

انسحاب الحريري وتيار المستقبل من الحياة السياسية قال للذين دفعوا البلاد إلى الهاوية “خذوا كل ما طمعتم فيه لنرى ماذا ستفعلون بالبقية الباقية من لبنان”.

وفي أواخر الخطاب، بدت الدموع تترقرق في عيني الحريري الابن وخاصة عندما قال إن أبناء تيار المستقبل سيظلون متمسكين بمشروع والده الراحل، رفيق الحريري بمنع الحرب الأهلية.

وبدا وكأنه سيذرف الدموع وهو يعدد أسماء المناطق اللبنانية وفضلها عليه، من العاصمة بيروت “الغالية التي لا مثيل لروعتها في العالم”، و”طرابلس الفيحاء وصلابتها”، و”عكار الأبية” وغيرها من المناطق.

وعندما استذكر كلام والده الراحل في بيان عزوفه قبل 17 عاما، قال: “أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان”، وقطعت الدموع الكلام للحظات، وقال الحريري -والدموع ستفيض من عينيه- أعبر بكل جوارحي عن شكري وامتناني لكل الذين تعاونوا معي”.

وأحدث قرار الحريري زلزال سياسي في لبنان، حيث يرى بعض المحللين أن مقاطعة أكبر حركة سنية في لبنان، والتي من شأنها أن تفضي إلى حالة من الفوضى في المشهد السياسي السني، قد تؤدي إلى دعوات للتأجيل.

من جانبه، قال نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية: إن ما أعلنه سعد الحريري رئيس الحكومة الأسبق رئيس تيار المستقبل، يعد صفحة حزينة للوطن وله شخصيًا، مؤكدًا أنه يتفهم الظروف المؤلمة التي يعيشها والمرارة التي يشعر بها.

وأضاف ميقاتي -تعقيبًا على قرار الحريري- “سيبقى الوطن يجمعنا والاعتدال مسارنا ولو تغيرت الظروف والأحوال”.

وقال جنلاط -في تصريحات لوكالة «رويترز»​- إن قرار رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، يعني إطلاق يد ​حزب الله​ والإيرانيين، وهو قرار محزن جدا ونفقد به ركيزة للاستقلال والاعتدال.

فيما قطع أنصار رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، عددا من الطرق بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات، بعد أن أعلن عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية وخروجه من الحياة السياسية.

وقد قطع أنصار الحريري طريق قصقص وطريق الكولا وطريق كورنيش المزرعة تقاطع جامع عبدالناصر وأوتوستراد المدينة الرياضية وفردان وساقية الجنزير في بيروت، كما قطعوا قطعوا أوتوستراد الناعمة المؤدي إلى الجنوب بالاتجاهين.

يأتي إعلان الحريري في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمة مالية وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أشد الأزمات التي سجلها العالم الإطلاق. وفشلت النخبة الطائفية في اتخاذ خطوات لمعالجة الأزمة حتى مع سقوط غالبية السكان في براثن الفقر.

ويحكم لبنان نظام طائفي لتقاسم السلطة وتوزع المناصب على 18 طائفة معترف بها رسميا ويتولى منصب رئيس الوزراء سياسي سني.

ربما يعجبك أيضا