مفاوضات إيران النووية.. منذ انكشاف السر وحتى مساعي العودة لإتفاق 2015!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تم إطلاق برنامج إيران النووي في فترة خمسينيات القرن العشرين بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج “الذرة من أجل السلام”. حيث شاركت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية الغربية في البرنامج النووي الإيراني، إلى أن قامت ثورة عام 1979 وأطاحت بشاه إيران.

بعد هذه الثورة وسيطرة الإسلاميين على السلطة، أمر المرشد الأول، آية الله الخميني بحل أبحاث الأسلحة النووية السرية للبرنامج، إذ كان يعتبر هذه الأسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقه الإسلامي.

ولكنه أعاد السماح بإجراء بحوث صغيرة النطاق في الطاقات النووية، وسمح بإعادة تشغيل البرنامج خلال الحرب الإيرانية العراقية، وقد خضع البرنامج لتوسع كبير بعد وفاة الخميني عام 1989.

وبسبب التهديدات الإقليمية التي تمارسها إيران في المنطقة، وبسبب برنامجها الصاروخي الباليستي؛ بدأ العالم والمنطقة ينتابه الشك من أهداف إيران وراء برنامجها النووي؛ رغم ما تكرره طهران من إدعاءات بسلميته. ورغم فتوى تحريم إنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة النووية، التي أعلنها المرشد الأعلى، علي خامنئي في العام 2010م.

ولعقود، أصبحت المسألة النووية هي معضلة إيران الكبرى، وإن كانت هذه المسألة ترتبط بقضايا أخرى، تتعلق بالدور الإيراني في المنطقة وعلاقات طهران مع الخارج.

وفي السطور التالية، نستعرض محطات المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني:-

انكشاف السر

لم يكن البرنامج النووي الإيراني معلنًا في بدايته؛ بل كان سرًا أخفاه النظام الحاكم عن العالم؛ وهو ما جعل البرنامج يشكك في نوايا إيران النووية؛ رغم تأكيداتها المتكررة بسلمية برنامجها النووي.

في أغسطس/آب 2002 ، نشرت جماعة مجاهدي مخلق المعارضة للنظام الإيراني، والتي تقيم في الخارج، تقريرًا عن وجود منشأة نطنز النووية وماء آراك الثقيل. ما جعل العالم والقوى الإقليمية والدولية تنشغل بالبرنامج النووي لإيران وأهدافها من منه.

في مايو 2003، بعد وقت قصير من الغزو الأمريكي للعراق، قامت عناصر من الحكومة الإيرانية بقيادة محمد خاتمي بتقديم اقتراح سري عن “صفقة كبرى” من خلال القنوات الدبلوماسية السويسرية. وعرضت بشفافية كاملة برنامجها النووي الإيراني والانسحاب من الدعم لحماس وحزب الله، في مقابل حصولها على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة وتطبيع العلاقات الدبلوماسية. وقالت إن إدارة بوش لم تستجب لهذا الاقتراح، كما شكك مسئولون أمريكيون كبار أصالتها. وبورك الاقتراح على نطاق واسع من قبل الحكومة الإيرانية، بما في ذلك المرشد الأعلى آية الله خامنئي.

تعهدت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة (الاتحاد الثلاثي الأوروبي) بمبادرة دبلوماسية مع إيران لحل المسائل حول برنامجها النووي.

File:EU ministers in Iran for nuclear talks, 21 October 2003.jpg

إعلان سعد آباد (المحادثات النووية الأولى)

في 21 تشرين الأول (أكتوبر) 2003 ، في الاجتماع المشترك لوزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث والوفد الإيراني الذي عقد في مدينة سعد آباد بطهران ، تم إصدار بياناً معروفاً باسم إعلان سعد آباد في طهران؛ حيث وافقت إيران على التعاون مع الوكالة، لتوقيع وتنفيذ البروتوكول الإضافي باعتباره طواعية، ومبنياً على بناء الثقة، وتعليق أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة أثناء المفاوضات.

في المقابل، وافق الاتحاد الثلاثي الأوروبي صراحة على الاعتراف بحقوق إيران النووية ومناقشة سبل يمكن أن توفرها إيران بـ”ضمانات مرضية” بشأن برنامجها النووي، وبعد ذلك ستكسب إيران تسهيل الوصول إلى تكنولوجيا حديثة، مع منع إحالة قضيتها إلى مجلس الأمن الدولي.

وقعت إيران على البروتوكول الإضافي يوم 18 ديسمبر 2003، ووافقت على التصرف كما لو أن البروتوكول ساري المفعول، مما جعل التقارير المطلوبة إلى وكالة الطاقة الذرية والسماح الوصول من قبل مفتشي الوكالة، في انتظار تصديق إيران على البروتوكول الإضافي.

اتفاقية بروكسل (الاتفاق الثاني)

وقّعت إيران في بروكسل اتّفاقًا مع الأوروبيين، في 23 فبراير/شباط 2004 ، تعهدت بموجبه تعليق عمليات بناء واختبار أجهزة الطرد المركزي اللازمة للتخصيب، وتعليق عمليات تصنيع قطع غيار لأجهزة الطرد المركزي تلك.

اتفاقية باريس (الاتفاق الثالث)

تم التوقيع على هذه  الاتفاقية في باريس، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 ، في باريس، بين إيران والدول الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، والتي وافقت بموجبها إيران كعمل طوعي لبناء الثقة – وليس كالتزام قانوني – بأن توقف جميع عمليات التخصيب وأنشطة إعادة المعالجة والتصنيع والتركيب والاختبار والتجميع والتشغيل لأجهزة الطرد المركزي وأنشطة فصل البلوتونيوم. إضافةً إلى وقف جميع التجارب المتّصلة بالأنشطة النوويّة.

وفي المقابل، تعهّدت الدول الأوروبية بقبول عضوية إيران في منظّمة التجارة العالمية.

File:Iran negotiations about Iran's nuclear.jpg

استئناف التخصيب (نكص على عقب)

لم تكن إدارة بوش الابن مهتمّة بالعروض الإيرانيّة؛ إذ كانت تشعر بأنّها غير مضطرّة لتقديم تنازلات مهما قلّ شأنها للإيرانيين. وقد أدّى تجاهل واشنطن عروض التفاوض الإيرانية إلى قيام حكومة أحمدي نجاد التي وصلت إلى الحكم أغسطس/آب 2005، باستئناف العمل بالبرنامج النووي، مستفيدةً من الصعوبات التي كان الأميركيون يواجهونها في كلٍّ من العراق وأفغانستان.

في أغسطس/آب 2005، وبمساعدة من باكستان، خلصت مجموعة من خبراء حكومة الولايات المتحدة والعلماء الدوليين أن آثار اليورانيوم في صنع الأسلحة عثر عليها في إيران وقد جاءت من معدات باكستانية ملوثة ولكنها ليست دليلا على وجود برنامج للأسلحة النووية السرية في إيران.

في 4 فبراير/شباط 2006، صوت مجلس أعضاء وكالة الطاقة الذرية، لإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي.

في المُقابل، ورداً على ذلك في 6 فبراير/شباط 2006، علقت إيران التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي وغير الملزم قانونا مع وكالة الطاقة الذرية.

في أواخر فبراير/شباط 2006، أثار رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي على اقتراح صفقة، حيث ستتخلى إيران بموجبه عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم على النطاق الصناعي، وأن يتم استبداله ببرنامج صغير لمنشأة رائدة على نطاق صغير، وتوافق على استيراد الوقود النووي من روسيا.

بعدها، أشار الإيرانيون أنهم لن يكونوا على استعداد للتخلي عن حقهم في تخصيب اليورانيوم من حيث المبدأ، ولكنهم على استعداد للنظر في حل وسط قابل للمساومة.

مع ذلك، ففي مارس/آذار 2006، أعلنت إدارة بوش بوضوح أنها لن تقبل أي تخصيب على الإطلاق في إيران.

في 11 أبريل/ نيسان 2006، نجح العلماء الإيرانيون في إنتاج دورة كاملة من الوقود النووي على نطاق معمل، وانضمت إيران إلى النادي الذري.

فقد أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن إيران نجحت في تخصيب اليورانيوم. وقال “إنني أعلن رسمياً في حديثي هذا أن إيران قد انضمت إلى النادي النووي والبلدان التي تمتلك التكنولوجيا النووية.” وقد نجحت في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5٪ باستخدام أكثر من 100 جهاز طرد مركزي.

في 13 أبريل/ نيسان 2006، بعد أن قالت وزيرة الخارجية الأمريكية “كوندوليزا رايس” (في 12 أبريل/ نيسان 2006) أنه على مجلس الأمن أن ينظر في “خطوات قوية” لحث طهران على تغيير مسارها في طموحها النووي؛ تعهد أحمدي نجاد أن إيران لن تتراجع عن تخصيب اليورانيوم وأن العالم يجب أن يعامل إيران كقوة نووية، قائلا “ردنا على أولئك الذين هم غاضبون بحق إيران في إنجاز دورة وقود نووية كاملة (في جملة واحدة فقط)، نحن نقول لهم: “موتوا بغيظكم، لأننا لن نجري محادثات مع أي شخص عن حق الأمة الإيرانية في تخصيب اليورانيوم”.

دفع ذلك بالوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تحويل الملف إلى مجلس الأمن الذي أصدر  في يوليو/تموز 2006 قراره الأول (1696) بخصوص الملف النووي الإيراني، ودعا فيه طهران إلى وقف عمليات تخصيب اليورانيوم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2006، اعتمد مجلس الأمن القرار 1737 ، الذي استهدف معظم أنشطة إيران التجارية والمالية والصاروخية والنووية بموجب المادة 41 ، الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. كان القرار أول وثيقة قانونية دولية تحدد أنشطة إيران النووية على أنها تهديد للسلام والاستقرار الإقليميين.

أكد أحمدي نجاد مرارًا على أن البرنامج النووي الإيراني معد للأغراض السلمية، وليس لتطوير الأسلحة النووية. وتحت قيادته، رفضت إيران نداءات مجلس الأمن الدولي لإنهاء تخصيب اليورانيوم داخل إيران.

وأعلن أحمدي نجاد أن العقوبات الغربية لإيران بسبب تخصيب اليورانيوم “غير قانونية” وقال أن إيران ستواصل التزامها بتمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراقبة برنامجها النووي، على الرغم من أن إيران لم تفعل ذلك.

مجموعة 5+1

مجموعة 5+1، هي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا، والتي تتولى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، بقيادة المفوضية الأوروبية. بدأت المجموعة عملها في عام 2006 ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

8 أبريل/ نيسان 2009- انضمت الولايات المتحدة إلى المفاوضات النووية مع إيران بعد الصين وروسيا.

استمرار المفاوضات

رغم أن حكومة أحمدي نجاد رفضت الانصياع للمطلب الدولي بوقف عملية تخصيب اليورانيوم؛ إلا أنها استمرت التجاوب للمفاوضات مع مجموعة 5+1؛ خشية من تعرض إيران لمصير العراق، وتعرضها لغزو أمريكي.

أخذ نجاد المجموعة الدولية إلى محطات نووية مختلفة، تمثلت في: جنيف 1 (يوليو/تموز 2008)، وجنيف 2 (أكتوبر/تشرين الأول 2009)، وجنيف 3 (ديسمبر/كانون الأول 2010)، وإسطنبول1 (فبراير/شباط 2011)، وإسطنبول 2 (أبريل/نيسان 2012)، وبغداد (مايو/أيار 2012)، وموسكو (يونيو/حزيران 2012)، وألماتي 1 (فبراير/شباط 2013)، وألماتي 2 (أبريل/نيسان 2013).

كانت الفائدة الأهم من هذه الجولات؛ التأكيد على استمرار مبدأ التفاوض؛ فقد أقرت مسئولة الخارجية الأوروبية، كاترين آشتون، خلال جولة إسطنبول 2 عام 2012 ، بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، وذلك في الحدود التي تسمح بها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، في مقابل حوافز اقتصادية يجري التفاوض بشأنها.

وأيضًا، خلال جولة ألماتي 2 في عام 2013، جددت مجموعة (5+1) عرضها، برفع العقوبات جزئيًّا عن إيران مقابل الالتزام بثلاثة شروط، هي: تعليق جميع الأنشطة النووية في منشأة “فوردو”. والقبول بالمزيد من رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية على أنشطتها النووية. والتخلّص من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20%.

احمدی نژاد: اجازه ملاقات بازرسان آژانس با شهید هسته‌ای را ندادم+ عکس |  بهداشت نیوز

سنوات التصعيد

مثلتا فترتا ولاية الرئيس أحمدي نجاد، اللتان امتدتا من 3 أغسطس 2005 حتى 3 أغسطس 2013، فترات التصعيد النووي بين إيران والغرب؛ رغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في العام 2009، قد مد اليد لإيران وعرض عليها تخطي ثلاثين عاما من النزاع.

لكن طهران قامت ببناء موقعين سريين لإنتاج الوقود النووي في أصفهان، آخر لتخصيب اليورانيوم في فوردو.

وبدأت إيران في 9 فبراير/شباط 2010،  بإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% في نطنز.

الأمر الذي أدى إلى قرار مجلس الأمن (1929) (9 يونيو 2010)، الذي فرض حظر الأسلحة كاملاً على إيران، كما منع إيران من أي أنشطة تتعلق بالصواريخ الباليستية، كما أذنت بتفتيش ومصادرة الشحنات التي تنتهك هذه القيود، وتمديد تجميد الأصول للحرس الثوري الإيراني (الحرس الثوري) وخطوط شحن جمهورية إيران الإسلامية (IRISL).

وأيضًا، أدى إلى أن يقرر الاتحاد الأوروبي في يناير/23 كانون الثاني2012 تجميد أموال البنك المركزي الإيراني. وأيضًا فرض حظر نفطي في 1 يوليو/تموز 2012.

File:Bilateral Nuclear Talks - Ernest Moniz-John Kerry-Mohammad Javad Zarif-Ali Akbar Salehi.jpg

نحو الإتفاق

مع إعلان فوز الرئيس الإصلاحي، حسن روحاني (حكم لفترتين: 3 أغسطس 2013 حتى 3 أغسطس 2021) وتغيير فريق المفاوضين؛ لتدخل المفاوضات النووية عامها العاشر مع الغرب.

بدأت جولة جديدة من المفاوضات في نيويورك (سبتمبر/أيلول 2013)، أعقبتها جولتان في جنيف (7-8 نوفمبر/تشرين الثاني2013)، بينما كانت تجري مفاوضات سرّية بين واشنطن وطهران بوساطة عمانيّة، جرى إخراجها إلى العلن في جولة جنيف الأخيرة (20-23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، وخلالها جرى الإعلان عن التوصّل إلى الاتّفاق المرحلي.

إتفاق مرحلي

حصل حسن روحاني على موافقة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي لإجراء المفاوضات مع الغرب.

وفي 27 سبتمبر/ أيلول2013، في نيويورك، وقع اتصال هاتفي بين روحاني واوباما في سابقة منذ 1979، بعد لقاء وزاري بين إيران ومجموعة 5+1.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني2013، أفضت المفاوضات في جنيف الى اتفاق لمدة ستة اشهر يحد من نشاطات إيران النووية الحساسة لقاء رقع جزء من العقوبات.

وخلال العام 2014، تم تمديد الاتفاق المرحلي، والدخول في مفاوضات جديدة من أجل التوصل إلى إتفاق نهائي.

File:Negotiations about Iranian Nuclear Program - Foreign Ministers and other Officials of P5+1 Iran and EU in Lausanne.jpg

اتفاق لوزان 2015 (الإتفاق النهائي)

عقدت إيران ومجموعة 5+1 مفاوضات “ماراثونية” بداية من 26 مارس/آذار حتى 2 أبريل نيسان 2015 في مدينة لوزان السويسرية من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام.

وقد توصلت إيران والمجموعة الدولية إلى بيان مشترك في 14 يوليو/تموز، يتضمن تفاهماً وحلولاً بما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، على أن يتم إنجازه نهاية يونيو/حزيران 2015. اعتبرت طهران أن هذا الاتفاق وضع حداً لحلقة مفرغة لم تكن في مصلحة أحد، فيما وصفته واشنطن بالتاريخي.

وقد تباينت بشأن هذا القرار ردود أفعال دول وزعماء العالم بين أطراف وصفته بأنه “تاريخي”، بينما عارضته دول أخرى واعتبرته خطيرا جداً، فيما آثرت دول أخرى الصمت لحين معرفة المزيد من التفاصيل.

البيان المشترك للإتفاق

إنّ إيران ستواصل برنامجها النووي السلمي بدرجة تخصِب 3.67٪ وسيكون التخصيب بمنشأة نطنز الواقعة في شمال أصفهان.

ستتحول منشأة فوردو من موقع لتخصيب اليورانيوم إلى مركز الأبحاث النووية والتقنية وسيتم في هذا المركز التشجيع على التعاون الدولي في مجالات الأبحاث والتنمية المتفق عليها كما لن تكون في فوردو مواد قابلة للانشطار.

يبقى أراك موقعاً للماء الثقيل مع إجراء تغيير في قلب المفاعل، بحيث لا يُنتج بلوتونيوم لاستخدامه في التسلح، ولن تتم فيه إعادة المعالجة وسيتم تصدير الوقود المستهلك فيه.

تم التفاهم على مجموعة تدابير للإشراف على تنفيذ محتوى البرنامج الشامل للعمل المشترك وتنفيذ البروتوكول الإضافي بشكل طوعي. وستستخدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقنيات حديثة للإشراف وكذلك تم التوصل إلى إمكانية تفتيش المنشئات النووية في أي وقت كان.

ستشارك إيران في التعاون الدولي في مجال الطاقة النووية السلمية، وقد يشمل ذلك بناء المحطات النووية والمفاعلات النووية للأبحاث والمجال الآخر للتعاون في مجال السلامة والأمن النووي.

سينهي الاتحاد الأوروبي كل الحظر الاقتصادي والمالي المرتبط بالبرنامج النووي. كما ستوقف الولايات المتحدة تنفيذ الحظر المالي والاقتصادي الثانوي المرتبط بالبرنامج النووي، تزامنا مع تنفيذ إيران لالتزامتها النووية الرئيسة عبر مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

سيتم إصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يؤيد فيه البرنامج الشامل للعمل المشترك، وستُلغى فيه كل القرارات السابقة المرتبطة بالموضوع النووي، وستوضع بعض التدابير المقيدة المحددة لفترة زمنية متفق عليها.

خروج ترامب من الإتفاق النووي (نكص على عقب)

مع مجيء الرئيس الأمريكي الجمهوري، دونالد ترامب (بدأت ولايته 20 يناير 2017 حتى 20 يناير 2021)، أعلن مطالبه بتعديل الاتفاق النووي مع إيران. وأعلن في 8 مايو 2018، انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة.

وصف ” ترامب” خطوته بـ “الانسحاب”، وقال إن هذا ليس اتفاقاً، وأمريكا لا تستطيع تنفيذه أو العمل به. ووصف هذا الاتفاق أنه من جانب واحد وخطير وكان يجب أن لا يحدث. وأن هذا الاتفاق لم يجلب السلام والهدوء ولن يجلب السلام والهدوء. قال ترامب: “اليوم أعلن أن الولايات المتحدة قد خرجت من الاتفاق النووي مع إيران” وأضاف “سنفرض أعلى مستوىً من العقوبات الاقتصادية على إيران”.

فرض ترامب خلال ولايته سياسة “أقصى ضغط” من العقوبات من أجل أن ترضخ طهران وتعود للتفاوض على إتفاق جديد مُرضي للولايات المتحدة الأمريكية. لكن إيران قابلت ذلك بسياسة خفض الالتزام النووي، التي دفعتها إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وزيادة حجم المخزون من الوقود النووي وتطوير أجهزة الطرد المركزي؛ ما أهل إيران إلى الاقتراب من العتبة الحرجة لصناعة السلاح النووي.

وأعلنت إيران في أبريل/ نيسان 2021 أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% أي أعلى بكثير من عتبة 3,67% المنصوص عليها في الاتفاق الدولي مقتربة من نسبة 90% الضرورية لصنع قنبلة ذرية مع أنها تنفي أن تكون لديها نية بذلك.

مفاوضات العودة إلى اتفاق 2015

بينما كان الرئيس روحاني يرغب في العودة للمفاوضات مع الغرب؛ كان المحافظون في الداخل يرفضون ذلك، مع وضع شروط قاسية للعودة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.

ومع مجيء الرئيس الأمريكي الديموقراطي، جو بايدن، تجددت الآمال في إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي؛ فانطلقت محادثات العودة إلى الاتفاق النووي في أبريل/ نيسان 2021 في العاصمة النمساوية فيينا، بغية إنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015. لكن كانت الاجتماعات على مستوى مجموعة 4+1؛ إذ اشترطت طهران عدم مشاركة الولايات المتحدة بشكل مباشر في هذه المحادثات؛ بسبب خروجها من الاتفاق النووي.

ومع مجيء الرئيس الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي (استلم السلطة في 3 أغسطس 2021)، استأنفت حكومته مفاوضات العودة التي بدأت في عهد حكومة سلفه روحاني، من الجولة السابعة، حتى وصلت إلى الجولة الثامنة دون إحراز أي نتائج إيجابية حتى الآن؛ والسبب أن طهران تُصر على الرفع الكامل للعقوبات إذا ما تم الاتفاق على العودة لاتفاق 2015. وأيضًا، تشترط طهران تقديم واشنطن الضمانات بعدم تكرار انسحابها من الاتفاق النووي.

لكن روسيا والصين قد لعبتا دوراً في الضغط على إيران للوصول إلى حالة التفاؤل، بالحديث عن إمكان التوصل إلى اتفاق قريب، إذ كانت طهران تركز على مبدأ “رفع العقوبات أولاً” قبل العودة إلى الاتفاق النووي، كما كانت ترفض العودة الى المفاوضات من منطلق مسودة الجولة السادسة في نهاية حكومة الرئيس الإيراني الإصلاحي السابق حسن روحاني. وهو ما أشاع حالة من اليأس، وسط الحديث عن احتمال توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية من جانب إسرائيل.

اتفاق مؤقت محتمل

مع الإصرار الإيراني على الرفع الكامل للعقوبات ما أدى إلى تأزم المفاوضات؛ عرضت روسيا على إيران اتفاقًا مؤقتًا لتخفيف بعض العقوبات مقابل فرض بعض القيود على برنامج إيران النووي. وبحسب التقارير، كانت الولايات المتحدة على علم بالاقتراح.

وأعلنت طهران رسميًا أن موضوع الاتفاق المؤقت ليس على جدول أعمالها في المفاوضات الجارية لإحياء الاتفاق النووي في فيينا. لكن في الداخل الإيراني، أعرب البعض عن إمكانية القبول باتفاق هكذا؛ كمرحلة تجريبية لمدى مصداقية الجانب الأمريكي.

وفي وقت لم تحرز المحادثات في فيينا أي نتائج نهائية حتى الآن، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأن إيران تدرس إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.

وقال عبد اللهيان: “إذا وصلنا إلى مرحلة في عملية التفاوض يتطلب فيها التوصل إلى اتفاق جيد عالي الضمان، ويتطلب ذلك أيضا مستوى معين من الحوار مع الأميركيين، فسيكون ذلك جزءًا من جدول أعمالنا للتفاوض بشأن رفع العقوبات”.

والمستفاد من المحادثات النووية الجارية، أن التوصل لاتفاق مع إيران، لا يعني انتهاء أزمة إيران؛ فالعقوبات ستستمر، ما دامت طهران لا تريد التفاوض حول القضايا التي هي خارج الموضوع النووي، مثل التهديدات الإقليمية والصواريخ البالستية.

كما أن إدارة بايدن تراهن على سياسة الاحتواء النووي لكسب الوقت في تغيير سلوك إيران من أجل تهيئتها لاتفاق شامل يضمن أمن حلفائها في مرحلة ما بعد انتهاء الاتفاق النووي.

ربما يعجبك أيضا