العرض العالمي والجغرافيا الاقتصادية.. محركات أسعار النفط الجامحة

آية أحمد

كتبت – آية أحمد

بدأ العام الجديد بعدد من العوامل التي تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع، والتي تشمل زيادة الطلب على البنزين بسبب السفر مع سحب المخزون، فضلًا عن أن هناك خطر جديد والمتمثل في انقطاع الإمدادات في أوروبا الشرقية الذي قد يخفض إنتاج النفط المتاح (خام برنت) بنسبة 2% من الناتج العالمي، كما زادت التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات الصريحة المفروضة على روسيا من خطر حدوث انخفاض الإمدادات والضغوط التصاعدية القوية على أسعار النفط، ويأتي هذا على خلفية -التضخم المرتفع بالفعل ومتحور أوميكرون وهبوط الاحتياطيات- مما أدى إلى تكثيف الصراع في محنة بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية التي تحافظ عليها جميع الأطراف.

ارتفاع أسعار النفط

كان النفط في تصاعد مستمر في الأسابيع الأخيرة ــ حيث بلغ أعلى مستوياته منذ عام 2014، فقد ارتفعت الأسعار، ورغم انتشار متحور أوميكرون السريع، لم يكن له تأثير كبير على الأعمال والسفر كما كان متوقعًا في البداية، فقد ظل الطلب على النفط ثابتًا في حين تعرضت الإمدادات إلى عجز في الإنتاج من جانب منظمة (أوبك +)، وكان تقديم الدعم للأسعار أيضًا بمثابة عاصفة مثالية من التوترات الجغرافية السياسية العديدة وانقطاع العرض المتصل بالسياسة؛ حيث إن التوترات الجيوسياسية هي أكبر توترات في العالم بالنسبة لأسعار الخام ومن المرجح أن تكون الحافز الرئيس لإبقاء الأسعار في اتجاه أعلى مع ارتفاع أسعار الكثير من انتعاش الطلب.

التوترات الجيوسياسية

الواقع أن أي حدث جيوسياسي معاكس بين روسيا وأوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى تعطيل إمدادات النفط إلى حد كبير.

وقد ارتفعت أسعار النفط (خام برنت) بنسبة 1.9% لتصل إلى 88.13 دولارًا، وهو أعلى سعر منذ أكتوبر 2014، وحققت مكاسب بأكثر من 10% حتى الآن هذا العام بسبب المؤشرات التي تشير إلى زيادة معدلات الطلب على السلع الأساسية في مواجهة انتشار متغير أوميكرون، تركت الأوبك توقعاتها لعام 2022 للطلب العالمي على النفط عند 4.2 مليون برميل يوميًّا.

تداعيات ارتفاع أسعار النفط بالنسبة للاقتصاد العالمي

– يشير سيناريو شركة جيه بي مورجان إلى حدوث طفرة “سريعة” بنسبة 100%  في خام برنت من النفط؛ حيث من المرجح أن يصل  سعر برميل النفط إلى 150 دولارا للبرميل مقارنة بمتوسط سعر 75 دولارا للبرميل، ومن المقدر أن مثل هذه القفزة سوف تحتاج إلى خفض “حاد” يبلغ نحو 2.3 مليون برميل يوميًّا في الناتج النفطي، أو ما يقرب من 2% من الانخفاض في إجمالي المعروض العالمي؛ ونظرًا لأن هذا لن يشكل سوى صدمة سلبية في العرض، فإن التأثير على الناتج المحلي الإجمالي العالمي يتلخص في خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 1.6% ، وارتفاع معدل التضخم العالمي من 3%  إلى 7,2% في النصف الأول من 2022.

– أشار بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، إلى أن أسعار برنت قد تتجاوز 100 دولار للبرميل في وقت لاحق من عام 2022، ولا تزال السوق “تعاني من عجز كبير بشكل مدهش” حيث أن الضربة المتوقعة في الطلب من متحور أوميكرون كانت حتى الآن أصغر بكثير من الضربة التي سجلها متغير دلتا، باستثناء الصين.

– إن القدرة التوريدية سوف تتقلص إلى مليوني برميل في اليوم في منتصف عام 2022 مقارنة بالمستويات الحالية التي تبلغ 3.4 مليون برميل، وهي مستويات أقل كثيرًا من المستويات التي كانت قبل عام والتي بلغت 6.5 مليون برميل، فضلًا عن أن الاستثمارات في القطاع من المتوقع أن تنخفض بنسبة 30% في نهاية عام 2030 مع انطلاق المبادرات الخضراء، مثل مبادرة “الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050” التي بدأتها وكالة الطاقة الدولية.

ماذا يعني هذا بالنسبة للولايات المتحدة؟

إن ارتفاع أسعار النفط سوف يشكل خطرًا أقل بكثير على الولايات المتحدة مما كانت عليه، وذلك بفضل الازدهار في إنتاج النفط الصخري، وفي حين أن تناقص الاعتماد الأميركي على النفط المستورد يؤدي إلى عواقب اقتصادية إيجابية على مستوى الصناعة، فإن الأسر الفقيرة سوف تشعر بثقل ارتفاع الأسعار؛ حيث إنهم ينفقون حوالي 8% من دخلهم على البنزين.

الآفاق المستقبلية

وفي نهاية المطاف، يعتمد الكثير على الأسباب التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع، فالصدمة في خضم قيود العرض سلبية، ولكن الصدمة الناجمة عن الطلب القوي تعكس فقط النمو القوي، مما دفع خام برنت من النفط نحو الارتفاع بنسبة 22% هذا العام

ربما يعجبك أيضا