“رؤية للدراسات” يناقش إمكانية إدماج الاستشراف في صناعة القرار السياسي

يوسف بنده

يعتمد التنبؤ الجيوسياسي كثيف المصادر على مشاركة التوقعات والبيانات، وهذا يتنافى مع القيم والسياسات البيروقراطية التي تعتقد أن سر نجاح المهام هو السرية أو الرسمية.


كان ولا زال التنبؤ أو التوقع ضرورة لصياغة صُناع القرار لخياراتهم السياسية، مع مراعاة الاحتمالات ورد الفعل الممكن حدوثه.

وحسب تقرير لمركز رؤية للدراسات الإستراتيجية، بعنوان: “التنبؤ الجيوسياسي: كيف يمكن إدماج الاستشراف في صناعة القرار السياسي؟”، يتمثل التنبؤ في طرح إجابات وسيناريوهات عن أسئلة تدور حول ما يمكن حدوثه في المستقبل المنظور بالاستناد إلى بيانات ومعلومات وخبرات سابقة.

أهمية التنبؤ

في ظل تعدد الخيارات، تزداد حاجة صناع القرار إلى “التوقعات والتنبؤات” الأكثر احتمالًا، لكنهم دائمًا ما يفتقرون للأدوات الفعّالة والدقيقة لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى بعض التحديات المرتبطة بالتحيز وعدم الموضوعية. ويوجد ضغط “الحاجة الماسة والوقت المحدود” فضلاً عن التشوش الناتج التدفق الهائل للمعلومات والبيانات. فقد أصبح التنبؤ من خلال حشد المصادر تيارًا سائدًا في دراسات الاستشراف.

والتنبؤ هو جزء لا يتجزأ من عملية صنع السياسات. فكل من يصيغ سياسة عامة أو سياسة خارجية يتوقع النتائج المترتبة عليها وعلى السياسات البديلة. وبناء على هذا، يؤكد المؤلفون أهمية استخدام وتطوير نُظم دقيقة لتقييم التنبؤات المختلفة بضوابط وقواعد للتقليل من التحيز.

ماهية التنبؤ الجيوسياسي

رغم قصور التنبؤ المبني على تحليل البيانات الكمية “Quantitative Forecasting” إلا أنه لا يخلو من أهمية في تعزيز طرق العمل الاستخباراتي، كما أنه يسهل عملية التواصل والتفاهم بين المحللين وصانعي السياسات. وواحد من أهم التحليلات الكمية في مجال التنبؤ هو التنبؤ الجيوسياسي.

ووفقًا للتقرير، التحليل الكمي عن أفضلية التوقعات سيقلل من التحيز بالفعل، لكنه لا يمكن المبالغة في الاعتماد والوثوق في القيمة، فدائمًا ما يساء استخدام الأرقام وعدم إدراك دلالتها كاملة. وبالفعل من خلال التوصيات المُقدمة قد تتفادى الحكومات هذه المعضلة، لكن أي خلل، سينتج عنها نسبة خطأ أكبر وثقة أقل.

مميزات التنبؤ الجيوسياسي كثيف المصادر

يعزز التنبؤ الجيوسياسي الكمي من نُظم الإنذار المبكر، وذلك من خلال ترتيب التوقعات حسب نسبة احتمالية حدوثها. فإن تحويل المخاطر إلى تعبيرات رقمية سوف تسهل على صانعي القرار تتبع وتحديد التهديدات. وبالتالي، في حالة في وجود أي خطر متوقع مثل كارثة طبيعية، أو وباء، أو نزاع ما، ستستعد الحكومة لمنعه أو مواجهته للتقليل من خسائره كإجراء استباقي قبل وقوع المشكلة.

الاعتماد على مجموع النقاط لكل محلل، سيجعل المتنبئ يتفادى ملاحقة ميوله خوفًا من خسارة النقاط. وسيعمل جاهدًا لأجل طرح توقعات مبنية على أساس علمي وبيانات، وبذلك لن يكون هناك مجالًا واسعًا للتحيز والتفضيل الشخصي. وهذا لا يعني أن النتائج ليست قاطعة أو غير قابلة للنقاش، بالعكس يمكن للمحللين أن توضع تلك التنبؤات محل المناقشة والنقد، وهو ما يثبت قدرتهم على التحليل واستيعابهم للموضوع.

ما هي تحديات تطبيق النُظم الكمية؟

يعتمد التنبؤ الجيوسياسي كثيف المصادر على مشاركة التوقعات والبيانات، وهذا يتنافى مع القيم والسياسات البيروقراطية التي تعتقد أن سر نجاح المهام هو السرية أو الرسمية، وبالتالي سينظر إلى هذه المبادرات بعين الشك. بالإضافة إلى ذلك، فإن ظهور نظام جديد يعتمد على التكنولوجيا والبيانات قد يهدد النظام الحالي في المؤسسة. فالبيروقراطية معتادة على نوع معين من المهام تنفذه.

قد يواجه التنبؤ المبني على البيانات الكمية شكًا وعدم ثقة في مدى صحته عمومًا. وذلك لأن الأرقام قد يُساء استخدامها خاصةً أنها بالنسبة للبعض، تشبه “الصندوق الأسود” الذي يحتاج إلى متخصصين وخبراء لفك شيفراته وحل ألغازه؛ وهو ما يزيد من تعقد وصعوبة العملية.

للاطلاع على التقرير الأصلي، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا