غضب فلسطيني – عربي من الصلوات التلمودية العلنية في «الأقصى»

محمود سعيد

الحكومة الفلسطينية والمفتي والفصائل الفلسطينية يحذرون من تداعيات شرعنة أداء طقوس تلمودية في المسجد الأقصى.


جاء قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي الأخير، ليزيد حدة التوتر في القدس وساحات المسجد الأقصى، وسط استنفار فلسطيني عربي إثر الاقتحامات الإسرائيلية المتصاعدة للمسجد.

وتسببت انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي واقتحاماته للمسجد الأقصى، والتغيير الديمغرافي الذي استهدف حي الشيخ جرّاح المقدسي، في مايو 2021 الماضي، في اندلاع مواجهة عسكرية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، استمرت 11 يومًا.

محكمة تسمح لليهود بالصلاة “جهرًا” بالأقصى

أصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية، أمس الأحد 22 مايو 2022، حكمًا أوليًّا بالسماح للمستوطنين بأداء صلواتهم التلمودية بـ”صوت عالٍ” يصيحون فيها “شيماع يسرائيل” وتعني “اسمع يا إسرائيل”، وأداء ما يشبه الركوع في أثناء اقتحامهم لباحات المسجد الأقصى، بمدينة القدس المحتلة.

ورأت المحكمة أنه “أمر لا يمكن تجريمه أو عدُّه مُخلًّا بالسِّلم المدني”. وقالت المحكمة، بحسب القناة 12 العبرية، إنه حرى السماح لجميع سكان إسرائيل بالصعود إلى الحرم القدسي وممارسة شعائرهم الدينية. وفي أكتوبر 2021، قررت المحكمة نفسها السماح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الأقصى “بصمت”.

الحكومة الفلسطينية تحذر من استهداف الأقصى

بدورها أدانت الخارجية الفلسطينية القرار، ورأته “انقلابًا إسرائيليًّا على الوضع الحالي وتغييره بالكامل، وإعلانًا للحرب الدينية التي تهدد بانفجار ساحة الصراع والمنطقة برمتها، وهو دليل على أن منظومة المحاكم في إسرائيل جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسه، ودليل آخر على توفير الحماية القانونية وتغطية اقتحامات اليهود المتطرفين للمسجد، بهدف تكريس تقسيمه الزماني، وكذلك تقسيمه مكانيًّا”.

وأضافت أن القرار “يندرج في إطار التصعيد الإسرائيلي الممنهج، واستغلال دوامة العنف والفوضى لتمرير أكبر عدد ممكن من المشاريع الاستعمارية التهويدية للقدس، ويكذّب ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين، بشأن حرصهم على الوضع الحالي”، وحمّلت حكومة الاحتلال “المسؤولية الكاملة عن القرار ونتائجه الخطيرة”، موضحة أنها سوف تتابع هذا مع المجتمع الدولي، خاصة الإدارة الأمريكية.

حماس والجهاد

من جانبها، رأت حركة حماس الفلسطينية، أن القرار “لعب بالنار، وتجاوز لكل الخطوط الحمراء، وتصعيد خطير يتحمل قادة الاحتلال تداعياته، فالمسجد الأقصى حق خالص للمسلمين، ولن نسمح بانتهاك حرمته وأداء طقوس تلمودية فيه مهما كلفنا الأمر من ثمن”.

وأعلن القيادي في حركة الجهاد الفلسطينية، خالد البطش، أن تهديدات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، باقتحام ساحات المسجد الأقصى هي “رسالة حرب، وسوف نتصدى لها ونحمي المسجد، ثالث الحرمين ومسرى الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم”.

الأردن والوصاية الهاشمية

من جانبها، شددت الخارجية الأردنية، على أن “القانون الدولي لا يعترف بسلطة القضاء الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية”، والقرار “يُعد خرقًا فاضحًا لقرارات الشرعية الدولية المُتعلقة بالقدس، ومنها قرارات مجلس الأمن التي تبرهن جميعها على ضرورة الحفاظ على وضع المدينة المقدسة”.

وأضافت، بحسب “عمون”، أن القرار “يُعد انتهاكًا خطيرًا للوضع التاريخي والقانوني الحالي في المسجد الأقصى المبارك”، محذرة من “مغبة الاستمرار في السماح للمتطرفين باقتحام المسجد الأقصى”، وأردفت بأن “إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم كافة، وتنظيم الدخول إليه”.

حكومة الاحتلال ضد القرار

من جهتها، صرحت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بأنها سوف تستأنف قضائيًّا، ضد قرار محكمة الصلح، وأوضحت، في بيان لها، أن الدولة ستقدم استئنافًا في هذا الشأن، إلى المحكمة المركزية. وأضافت: “لا يوجد أي تغيير في الوضع الحالي، ولا يُخطط لإجراء أي تغيير”.

وتابعت “وذلك لأن قرار محكمة الصلح يتناول مسألة سلوك القاصرين الذين اعتُقلوا وأبعدوا عن المسجد الأقصى، بسبب أدائهم الصلوات بصوت عالٍ، والتي طرحت عليها فقط”، وأضافت: “ليس من شأن القرار أن يمثل قرارًا أوسع بشأن حرية العبادة في الحرم القدسي الشريف”.

الأقصى للمسلمين وحدهم

حذر مفتي فلسطين، الشيخ محمد حسين، من تبعات القرار، ورأى أن هذا القرار خطير جدًّا، ويمهد لتنفيذ مخطط المستوطنين المتطرفين الرامي إلى وضع اليد على المسجد الأقصى، وهو بمثابة تنفيذ عملي لمؤامرات التقسيم الزماني والمكاني، بهدف إطباق السيطرة عليه، وبناء الهيكل المزعوم، محذرًا من أن تداعيات هذا العدوان ستكون نشوب حرب دينية شعواء.

وتابع “الأقصى للمسلمين وحدهم، ولا يحق لغيرهم التدخل في شؤونه، والفلسطينيون مستعدون لبذل الغالي والنفيس للدفاع عنه، مهما بلغت التضحيات”، وطالب الأمتين، العربية والإسلامية، بحماية أولى قبلتيهم، وثالث مساجدهم التي تُشد إليها الرحال، المسجد الأقصى المبارك، الذي يئن تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، مناشدًا كل من يستطيع الوصول إلى الأقصى ضرورة إعماره وحمايته”.

ربما يعجبك أيضا