إقرار ميزانية 2022.. هل يُنهي الانقسام في ليبيا أم يوسعه؟

محمود طلعت

تهدف الميزانية التي أقرها البرلمان الليبي في سرت إلى تمويل حكومة فتحي باشاغا الذي لم يتمكن من دخول طرابلس لتسلم السلطة من حكومة ترفض تعيينه.


أقر مجلس النواب الليبي، أمس الأربعاء 15 يونيو 2022، قانون الميزانية العامة للدولة للعام 2022، بقيمة 89 مليارًا و689 مليونًا و376 ألف دينار ليبي، أي حوالي 18 مليار دولار، حسب ما أعلن المتحدث باسم المجلس، عبدالله بليحق.

وأوضح بليحق، خلال جلسته في مدينة سرت، أن إقرار الميزانية للحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، جاء بإجماع 103 نوّاب من أصل 165 نائبًا، وصوّت بالحضور في القاعة 98 نائبًا وصوت إلكترونيًّا عبر التسجيل الصوتي 5 نواب.

محاولات لعرقلة جلسة البرلمان الليبي

قاطع جلسة البرلمان الليبي عدد من الأعضاء المؤيدين لحكومة عبدالحميد الدبيبة في محاولة لعرقلة إكمال النصاب، خصوصًا أن إقرار الميزانية يتطلب تصويت ثلثي عدد أعضاء المجلس. ويرفض الدبيبة الذي عُيّن العام الماضي رئيسًا لحكومة وحدة مؤقتة من خلال عملية مدعومة من الأمم المتحدة، تعيين البرلمان لباشاغا، ويقول إنه لن يستقيل إلا بعد إجراء انتخابات.

وقال رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، خلال كلمته بمستهل افتتاح جلسة إقرار الميزانية، إن حكومة باشاغا التي قدمت الميزانية، هي نفسها الحكومة التي مُنحت الثقة تحت قبة البرلمان، ولم تُفرض على الشعب الليبي، وجاءت نتيجة توافق ووفقًا للإعلان الدستوري.

وشدد على أن التوافق الوحيد الذي يمكن وصفه بالليبي-الليبي هو ما نتج عنه حكومة فتحي باشاغا، داعيًا إلى عدم العودة  للقتال تحت أي ظروف، ومضيفًا “لم نتوقف عن مد أيدينا من أجل السلام برعاية دولية أو من دونها”، وفقًا لوكالة الأنباء الليبية (وال).

تدشين مرحلة جديدة

رئيس مجلس النواب الليبي دعا لمواصلة التحرك في المسارات الدستورية التي تعد أهم وأفضل من التلويح باستعمال السلاح ودق طبول الحرب،  يحسي رأيه، وطالب لجنة صياغة الدستور بالسير قدمًا في صياغة دستور متين يقود إلى التوافق وليس الاختلاف.

ومن جانبه، قال رئيس الحكومة الليبية المكلفة، فتحي باشاغا، إن الشفافية والإفصاح هو عنوان ميزانية الحكومة التي ستكون كل أوجه صرفها خاضعة للرقابة المالية الفاعلة، معتبرًا ذلك خطوة قوية على طريق محاصرة الفساد ومنع تسرب المال العام لمجموعات الجريمة المنظمة والإرهاب ومكافحة غسيل الأموال.

وأضاف باشاغا، في كلمة له بعد ساعات من إقرار مجلس النواب لمشروع قانون الميزانية الجديدة “اليوم شهد توافقًا وطنيًّا يدشن لمرحلة جديدة تتوحد فيها المؤسسات، وتعزز مكانة الدولة وقوتها، باعتماد الميزانية العامة للدولة”، حسب ما أوردت “بوابة الوسط” الليبية.

توحيد المؤسسات المالية

وفقًا لباشاغا، فإن اعتماد الميزانية يعني أن المال العام صار مصونًا بقوة القانون، ولا يحق لأي جهة كانت بما فيها الحكومة أن تصرف دينارًا واحدًا إلا بموجب قانون الميزانية، الأمر الذي يسهم في توحيد المؤسسات المالية للدولة، ويسهل على السلطات الرقابية أداء واجباتها القانونية.

أضاف أن الخطوة ترفع عن مصرف ليبيا المركزي حملًا ثقيلًا معتبرًا أنه المؤسسة الأكثر تضررًا من عدم وجود ميزانية معتمدة بموجب القانون، وشدد على أن المصرف المركزي سيكون مستندًا في أعماله على قانون الميزانية الصادر عن مجلس النواب.

نتاج لجهد وطني جماعي

أشار رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب إلى أن الميزانية تعتبر نتاجًا لمجهود وطني جماعي ساهمت فيه اللجنة المالية لمجلس النواب، وأعضاء المجلس الأعلى للدولة، ومصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، ونخبة من الخبراء الوطنيين.

ولفت إلى إلغاء قانون الميزانية العامة بند الطوارئ الذي اعتبره يمثل “شكلًا مشينًا من أشكال الفساد، واستخدامه حيلة قانونية لتجاوز السلطات الرقابية”، واختتم حديثه بدعوة جميع الليبيين للمشاركة في بناء الدولة، وقال: “شعارنا أن ليبيا للجميع وبالجميع ومصلحة الوطن هي العليا”.

الانتقادات الموجهة للموازنة

أثار حجم الموازنة العامة في ليبيا المقسمة على 4 أبواب تشمل الرواتب، والنفقات التشغيلية والتيسيرية، وبرامج التنمية، والإعمار والدعم جدلًا كبيرًا في ليبيا، ورأى منتقدوها أنها توسعت في الإنفاق رغم الأزمة الاقتصادية، حسب ما أورد موقع الشرق السعودي.

وبخلاف اعتماد الموازنة، ينتظر المراقبون موقف مصرف ليبيا المركزي الذي يتخذ من طرابلس مقرًا، سواء بتنفيذها أو رفضها انحيازًا لحكومة الوحدة المقالة.

موقف مصرف ليبيا المركزي

وبحسب موقع الشرق، فإن مصرف ليبيا المركزي يموّل حكومة الدبيبة، وهو جهة الإيداع الوحيدة المعترف بها دوليًّا لعائدات النفط. ومع ذلك، فإن البنك يدفع أيضًا رواتب لموظفين عبر الطيف السياسي الليبي المنقسم، بما يشمل رواتب مقاتلين من أطراف مختلفة في الصراع، بموجب اتفاقيات سابقة.

وإذا رفض مصرف ليبيا المركزي في طرابلس تمويل ميزانية باشاغا بعد موافقة البرلمان عليها، فقد يطلب البرلمان من رئيس الفرع الشرقي لمصرف ليبيا المركزي توفير التمويل. ومن شأن ذلك أن ينهي فعليًّا عملية إعادة توحيد المصرف المركزي.

ربما يعجبك أيضا