أزمات «النهضة» وقرارات سعيد.. كيف مهدت لانتهاء عصر الإخوان في تونس؟

محمود طلعت

لم يكن حدث 25 يوليو 2021 في تونس بالنسبة لحركة النهضة سوى تعميق لأزماتها وبداية النهاية لانتهاء عصر الإخوان بالمنطقة


يحتفل التونسيون، يوم الاثنين 25 يوليو 2022، بالذكرى الأولى على “ميلاد الجمهورية الجديدة” بالتزامن مع عيد الجمهورية التونسية التي تأسست عام 1957، ومع إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد.

ومنذ إعلان إجراءات 25 يوليو 2021 الاستثنائية، تسارعت الأحداث السياسية في تونس، وقادت إلى سلسلة إصلاحات تنفيذية وتشريعية واسعة في انتظار التوافق على عقد اجتماعي جديد بعد فترة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة عاشها المجتمع التونسي.

أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية

عاش التونسيون على وقع أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة، كانت حركة النهضة سببًا رئيسًا فيها، لتأتي لحظة 25 يوليو 2021 لتمثل منعطفًا مهمًا أعلن خروج الحركة من الحكم، ووضعها في دائرة المساءلة الشعبية والقانونية.

ووقفت النهضة أمام حقيقتها حين خرج التونسيون للاحتفال في الشوارع مساندين لقرارات الرئيس سعيّد، بإقالة الحكومة وحلّ البرلمان، بعدما دخل رئيس الحركة راشد الغنوشي في صراع بشأن الصلاحيات مع سعيّد لمدة أكثر من 6 أشهر.

قرارات جرّدت “النهضة” من أسلحتها

يقول الكاتب الصحفي عبدالعزيز الخميس لموقع سكاي نيوز، إن الرئيس قيس سعيّد جرَّد حركة النهضة الإخوانية من أسلحتها التشريعية والقضائية والمالية والإعلامية التي هيمنت بها على المشهد السياسي التونسي، فجاء قرار تجميد البرلمان ليوقف الهيمنة النهضوية على القرار السياسي.

وأوقف دعوات قيس سعيّد بتطهير القضاء من الفساد هيمنة النهضة على السلطة القضائية، وجاءت أغلب الإيقافات والتحقيقات والقضايا التي باشرتها مكافحة الفساد موجهة في جانب كبير منها إلى حركة النهضة.

ما قبل أحداث 25 يوليو 2021

قبل 25 يوليو 2021 كانت حركة النهضة مطمئنة على وضعها السياسي في البلاد، ومزهوّة بدعم سياسي وإعلامي خارجي، ومرتاحة بتقدم سيطرتها على البلاد بعد أن سربت عناصرها وقياداتها إلى كل مفاصل الدولة، ومنتشية بتدجينها للقضاء.

ووفقًا لعبدالعزيز الخميس، لم تأبه الحركة لأزماتها الداخلية التي بدأت تظهر للعيان منذ المؤتمر العاشر للحركة في مايو 2016، والذي كرس الفصل بين الدعوي والسياسي لكنه عجز عن حسم مسألة الديمقراطية الداخلية باعتبار أن المؤتمر كان مطبوعًا بصراع حاد بين جماعة الغنوشي وبين جناح آخر سأم انفراده بالقرار والسلطة داخل الحركة.

النهضة تخسر في اختبار الديمقراطية

خسرت حركة النهضة اختبار الديمقراطية، وتوالت الاستقالات والمواقف الغاضبة عقب قرار إنهاء مهام عضو مجلس شورى النهضة ورئيس مكتب راشد الغنوشي، زبير الشهودي، داخل الحركة، يوم 17 سبتمبر 2019، واستقالة الأمين العام للحركة زياد العذاري في نوفمبر 2019.

ثم استقالة القيادي التاريخي عبدالحميد الجلاصي في مارس 2020، عقب ذلك توجيه أكثر من 100 قيادي نهضوي، في 16 سبتمبر 2020، رسالة غاضبة إلى الغنوشي عبَّروا فيها عن رفضهم ترشحه لرئاسة الحركة في عهدة أخرى، وفقًا لفرانس برس.

أزمات داخلية متلاحقة داخل الحركة

تعمّقت أزمة حركة النهضة الداخلية، مع توالي الاستقالات في صفوفها إثر إعلان 16 عضوًا من مجلس شورى الحركة في أواخر عام 2021، تعليق عضويتهم، إضافة إلى استقالة 113 عضوًا في سبتمبر الماضي، بينهم نواب في البرلمان المُعلّقة أعماله، بسبب ما قالوا إنه “إخفاق في معركة الإصلاح الداخلي للحزب”.

وكان الحريق الذي اندلع في مقر حركة النهضة يوم 9 ديسمبر الماضي، والذي حصل بفعل سكب عنصر نهضوي البنزين على جسده، دليلًا آخر على أن أزمات النهضة الداخلية بدأت تصيب الحركة بشظاياها.

وكان إيقاف القيادي نور الدين البحيري نائب رئيس الحركة، أواخر 2021، بمثابة ذروة الأزمة في الحركة، إذ كان إيقافه ووضعه قيد الإقامة الجبرية مؤشرًا على شلل الحركة لما يمثله الرجل من سطوة قضائية وسياسية وتنظيمية.

التّحقيق مع الغنّوشي بتهم فساد

في 19 يوليو 2022 مثل راشد الغنوشي أمام القضاء بتهم متعلقة بغسل أموال، بتهم تتعلق بتبييض الأموال والضلوع في جرائم إرهابية، وذلك قبل أيام من إصدار البنك المركزي التونسي، مطلع يوليو الجاري، مذكرة بتجميد أرصدة وحسابات مالية للغنوشي، وعدد من أبرز مسؤولي حزب النهضة.

ووصف مراقبون سياسيون قرار تجميد أرصدة قيادات حركة النهضة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان، بأنه بمثابة الضربة القاضية للتنظيم. واعتبروا أن هذا القرار لا يقل أهمية عن الإطاحة بهم عن حكم البلاد في 25 يوليو 2021 الماضي، وفقًا لصحيفة عكاظ.

ربما يعجبك أيضا