مقتدى الصدر.. الزعيم الشيعي والرقم الصعب في معادلة العراق السياسية

يوسف بنده

السياسة التي اتبعها مقتدى الصدر، حيث إخراج إيران من المعادلة السياسية، والحفاظ على القاعدة الشعبية بالخطابات المعادية للأحزاب السياسية وفسادها، جعلت منه رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه داخل العراق.


بدا الزعيم الشيعي العراقي، مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات الماضية، في أكتوبر 2021، لكنه مع ذلك فشل في تشكيل حكومة خالية من الأحزاب المدعومة من إيران.

هذا الأمر دفع الصدر لتحريك أنصاره لاحتلال مبنى البرلمان العراقي منذ يوليو الماضي، بعد جمود سياسي استمر 10 أشهر عقب الانتخابات، وسحب نواب تياره من البرلمان، ويمنعه الآن من انتخاب حكومة جديدة، بل ويطالب بحله، وإجراء انتخابات مبكرة، ما يعني أن الصدر بات رقمًا صعبًا في معادلة السياسية العراقية.

حياة سياسية مبكرة

مقتدى الصدر، مواليد 4 أغسطس 1974، رجل دين شيعي وزعيم التيار الصدري، أكبر تيار شعبي شيعي في العراق، وهو الابن الرابع للزعيم الشيعي محمد محمد صادق الصدر، الذي هاجم علنًا الرئيس العراقي صدام حسين وحزب البعث الحاكم آنذاك. وتعرض الصدر للاعتقال بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991، وقاد حركات التمرد التي استهدفت مقرات قيادة حزب البعث اعقاب اغتيال والده محمد الصدر.

انتقل مقتدى الصدر إلى حوزة قم في إيران، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وما رافقه من تصاعد أعمال المقاومة العراقية ضد الجيش الأمريكي، ووضْعِ اسمه على رأس المطلوبين للاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية. ومع سقوط نظام صدام حسين، برز الصدر كقائد لقوة شعبية كبيرة في العراق، وانتشر أنصاره في عدة مدن شيعية، حسب تقرير لوكالة “فرانس24“.

بطل المقهورين

كثيرًا ما يصطدم زعيم التيار الصدري، بالتيارات السياسية والمراجع الشيعية داخل العراق، حتى إنه رفع شعار “لا إيران ولا أمريكا”. ولا تأتي شعبية الصدر من قيادته لأجنحة عسكرية تابعة لتياره متمثلة بكل من جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وسرايا السلام، فهي جميعًا في حالة سكون وترقب، لكنه قائد لشريحة كبيرة من المجتمع الشيعي، خاصة في وسط وجنوب العراق، حسب صحيفة “الشرق الأوسط“.

ورغم أن إيران تمكنت مع حلفائها في الدولة العراقية الجديدة، ومعها الولايات المتحدة، تحجيم دور الصدر وربما إقصائه، استطاع الأخير أن يعيد بناء القوى الاجتماعية التي كوَّنها والده بين الطبقة المسحوقة الشيعية، التي كانت ترى في كل من نظام البعث والولايات المتحدة والمنظومة الأرستقراطية الشيعية، بما فيها المرجعية الدينية التقليدية، عدوًّا لهم وسببًا لحرمانهم في الحياة الاجتماعية والسياسية.

الحقيقه عن مقتدى الصدر

رقم صعب

تحول مقتدى الصدر إلى رقم صعب في المعادلة السياسية منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بسبب التفاف طيف واسع من المجتمع الشيعي العراقي حوله. وقد استطاع أن يحرك الجماهير نحو تظاهرات سلمية حاشدة لرفض الوجود الأمريكي بالبلاد، وإلغاء سلطة الحاكم المدني الذي عينته القيادة الأمريكية، لدرجة أن الرئيس الأمريكي حينها، جورج بوش، اعتبر الصدر عدوًّا رسميًّا للولايات المتحدة.

وخلال الأيام الماضية، استطاع الصدر تعطيل الحياة السياسية في العراق، فقد دفع نواب الكتلة الصدرية للاستقالة من البرلمان، واستطاع أن يستخدم قوة الشارع لمواجهة القوى السياسية المناوئة، واقتحام البرلمان واحتلاله. وتصدى الصدر للمناورات تيار الإطار التنسيقي الذي سعى لتحجيمه. واستمر الصدر في حديثه عن فساد ساسة العراق، ما عزز من شعبيته في الأوساط الشيعية.

الإخوة الأعداء

تبدو علاقة مقتدى الصدر بالتيارات السياسية والأحزاب الشيعية الأخرى داخل العراق، كعلاقة الإخوة الأعداء، لأن إيران تنزعج من حصول الصدر على أغلبية برلمانية، بسبب سلوكه الساعي لإبعاد طهران عن المشهد العراقي، في حين أنها تسعى للمجيء بشخصية متوازنة تستطيع الجمع بين كل الأطراف الإقليمية، على غرار رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي.

وحسب تقرير نشرته “إندبندنت عربية”، استفادت إيران في مراحل سابقة من رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، في إحداث إنشقاقات داخل التيار الصدري. والآن يتكرر نفس الدور من خلال رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي نفسه، الذي يشن حملة اتهامات قاسية على مقتدى الصدر، ويتهمه بتنفيذ مخطط خارجي لتصفية الأحزاب والفصائل الشيعية في العراق.

ربما يعجبك أيضا