وسط تحذيرات مسؤولين.. هل تبدأ روسيا في تدمير الفضاء الإلكتروني الغربي؟

علاء بريك
الحرب السيبرانية

تتزايد المخاوف من وقوع هجمات سيبرانية ضد الولايات المتحدة وحلفائها على خلفية دعمها العسكري لأوكرانيا، فما القصة؟


تتزايد المخاوف من ضربات انتقامية “سيبرانية” في ظل تباطؤ التقدم العسكري الروسي في أوكرانيا، وتزايد الدعم العسكري الغربي لكييف، وفق موقع c4isrnet المتخصص في الأخبار العسكرية.

قد تكون هذه المخاوف غير واقعية بالنظر إلى الأولويات الروسية الآن، وعدم تغيّر قواعد المواجهة في الأجل القريب، فضلًا عن أنَّ الشبكات الروسية نفسها تتعرض للهجمات السيبرانية، ما يجعل الدفاع عنها أولوية تتفوق على فتح عدة جبهات سيبرانية في وقت واحد.

تحذيرات رسمية

في بداية الحرب الروسية الأوكرانية حذَّر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بناءً على تقارير استخبارية من أنَّ روسيا تخطط لهجمات سيبرانية محتملة تشنها جهات مدعومة من الدولة الروسية، مبينًا أن القدرات الروسية السيبرانية لا يمكن التقليل منها. وتزامن مع هذا التحذير تحذيرات أخرى من قادة عسكريين ومشرّعين وخبراء في بدايات الحرب من خطر الهجمات السيبرانية على الفضاء الإلكتروني الغربي.

ورغم عدم تحقق تلك المخاوف الأمريكية بشأن حدوث موجة هجمات سيبرانية تستهدف الشبكات والبنية التحتية الأمريكية، حذَّرَ نائب مدير مكتب الأمن الوطني السيبراني، نيل هيجنز، يوم الثلاثاء الماضي، 14 يونيو 2022، من أنَّ استمرار الحرب الروسية الأوكرانية قد يدفع موسكو إلى تسعير هجماتها السيبرانية ضد الولايات المتحدة.

الاستعداد للأسوأ

في ردها على المخاوف المتزايدة، حثَّت الحكومة الأمريكية القطاع الخاص على تحديث ممارسات أمنه السيبراني ورفع جاهزية الطوارئ. ومنذ 2021 ازداد التعاون بين القطاعين الخاص والحكومي في مجال الأمن السيبراني، وأصدرت وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية دليلًا من عدة نقاط لرفع الحماية الأمنية، محذرة من أن العدوان الروسي قد يطال المؤسسات داخل الحدود الأمريكية وخارجها.

وقال هيجنز إنَّ التقدم العسكري البطيء لروسيا على الأرض يزيد من إحباط قواتها، ولهذا قد ترى السلطات الروسية في الهجمات السيبرانية خيارًا لتفتيت الإجماع الدولي، منوهًا بأن الهجمات الروسية في الفضاء الإلكتروني غالبًا ما امتدت آثارها إلى أطراف ثالثة ليست مستهدفة، وتسببت بخسائر بالمليارات، وأنه “من الواجب إبقاء جاهزيتنا الأمنية عند أعلى مستوى”.

رأي مخالف

ساد الاعتقاد في أوساط الإدارة الأمريكية بأنَّ روسيا ستحاول شن عمليات انتقامية من المؤسسات الأمريكية على دعمها أوكرانيا بالسلاح، وحذّرت المؤسسة الأمنية الأمريكية في تقارير عدة من هذا الخطر، لا سيّما مع السجل الحافل من الهجمات السيبرانية الروسية. وتزويد واشنطن لكييف براجمات صواريخ من طراز HIMARS، والتي عزّزت المخاوف من احتمالية شن هجمات سيبرانية انتقامية، وفق إنترستنج إنجنيرنج.

بيد أنّ مؤلف كتاب «العمليات السيبرانية الروسية» والمحاضر في الكلية البحرية العليا في مونتيري بكاليفورنا، سكوت جاسبِر، يرى أنَّ هذه الاحتمالية مستبعدة ما دامت أوكرانيا لا تستخدم هذه الأسلحة في ضرب الأراضي الروسية، وذكر بايدن أنَّ بلاده لن تزود أوكرانيا بأسلحة تستهدف الأراضي الروسية. علاوةً على ذلك، فإنَّ الأولوية الروسية في المجال السيبراني حاليًا تتمثل في حماية شبكاتها المحلية.

ما الأسباب؟

يتحدث جاسبر عن وجود عدة أسباب لعدم امتداد الهجمات السيبرانية الروسية إلى الغرب، من بينها أنَّ جهات القرصنة الإلكترونية الروسية تسخر مواردها للدفاع عن الشبكات الروسية، في مقابل امتلاك أوكرانيا لجيش تطوعي من القراصنة، ومهاجمة الشبكات الأوكرانية، وتخصيص جزء من الموارد لمهاجمة الغرب لا يتفق بالضرورة مع الهدف الروسي الرئيس بالسيطرة على الأرض الأوكرانية، وارتفاع كلفته.

مع غياب هجمات أوكرانية في الداخل الروسي، ففي الغالب لن تسفر شحنات الأسلحة الأمريكية عن تنشيط الهجمات السيبرانية الروسية ضد الولايات المتحدة، بيد أنَّ الخطر يظل قائمًا، لا سيّما مع ما يحمله المستقبل من قرارات وعواقب قد تحوِّل مسار الأحداث نحو صدام أشد، في ظل امتلاك روسيا القدرة على التصعيد، لكن حاليًا لن تغيّر شحنات راجمات الصواريخ، وهي قليلة العدد من مجريات الحرب السيبرانية.

ربما يعجبك أيضا