كيف تتصرف واشنطن إذا فشلت المحادثات النووية الإيرانية؟

آية سيد

تستطيع الدول العربية تشجيع إيران وإسرائيل على التوقف عن الأعمال الاستفزازية، ولذلك يجب أن يستخدم بايدن جولته في المنطقة لتحقيق ذلك الغرض.


تأتي جولة الرئيس الأمريكي، جو بايدن في الشرق الأوسط، في لحظة حساسة تشهد محاولة أخيرة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني. لكن إسرائيل تتودد إلى الدول العربية لتنضم إلى مظلة أمنية مناهضة لإيران. وعلى الجانب الآخر تحاول إيران ثني العرب عن اتخاذ تلك الخطوة.

في هذا السياق، يرى أستاذ الشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية بجامعة جون هوبكنز، ولي نصر، والمستشارة الخاصة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمركز الحوار الإنساني، ماريا فانتابي، أن الدول العربية تستطيع تشجيع إيران وإسرائيل على التوقف عن الأعمال الاستفزازية، وأن تكون جولة بايدن في المنطقة لتحقيق الغرض نفسه.

استراتيجية الأخطبوط

ذكر الكاتبان في مقال بمجلة فورين أفيرز الأمريكية، أن إسرائيل تعهدت بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، لذلك تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، “استراتيجية الأخطبوط” ضد إيران. هذه الاستراتيجية تضمنت التخريب، والاغتيالات، والحرب السيبرانية، والهجمات على الجنود والبنية التحتية العسكرية لإيران ولحلفائها في العراق ولبنان وسوريا. وشملت هذه الاستراتيجية تعزيز قدرات إسرائيل على حدود إيران.

وبحسب الكاتبين، يسعى الإسرائيليون، بدعم أمريكي، إلى تنظيم تحالف عسكري ضد إيران، يضم عددًا من الدول العربية. ووفق ما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال، عقدت أمريكا اجتماعًا في مارس الماضي مع مسؤولين أمنيين من مصر وإسرائيل والأردن وقطر والبحرين والسعودية والإمارات لدمج مشاركة المعلومات الاستخباراتية ومنظومات الدفاع الجوي لمكافحة التهديدات الجوية الإيرانية.

هل تدعم أمريكا نهج إسرائيل تجاه إيران؟

أشار الكاتبان إلى أن إدارة بايدن جادلت بأن خطة العمل الشاملة المشتركة هي أفضل طريقة لكبح برنامج إيران النووي. لكن في حالة فشلها، تبدو إدارة بايدن مستعدة لتبني نهج إسرائيل الحالي لاحتواء إيران. هذا يستتبع تضييق الخناق الاقتصادي على إيران عبر طردها من سوق النفط. ويعني كذلك أن تدعم أمريكا إسرائيل في تنفيذ هجمات داخل إيران، وفي جهدها لتشكيل ائتلاف من الدول العربية لاحتواء إيران.

ولفت الكاتبان إلى أن هذا الجهد الأخير، في جوهره، يعد مهمة جديدة للاتفاقيات الإبراهيمية، التي ربطت إسرائيل بالبحرين، والمغرب، والسودان، والإمارات في ما يرتقي إلى تكتل مناهض لإيران. لكن ما لن يُفصح عنه حتى الآن هو ما إذا كانت هذه الاتفاقيات ستتطور إلى اتفاق دفاعي عسكري عامل.

وحذر الكاتبان من أن تسليم إدارة بايدن مهمة احتواء إيران إلى إسرائيل يُعد نهجًا خطيرًا. ذلك أن إسرائيل لا تحاول تجنب الصراع، وإنما تدفع من أجل التصعيد. لهذا، رأى الكاتبان أن واشنطن يجب أن تتبنى استراتيجية مختلفة، استراتيجية تهدف إلى تجنب الصراع عبر دمج الأمن الإقليمي المعزز مع تشجيع العلاقات الدبلوماسية الأقوى بين إيران والدول العربية.

كيف ترد إيران؟

تحاول إيران شراء الوقت، وفق الكاتبين. فعن طريق تجنب المواجهة المباشرة مع إسرائيل، تستطيع طهران تحصين برنامجها النووي، وتعزيز برنامج الصواريخ والمسيرات، وتوسيع قدراتها العسكرية في العراق ولبنان وسوريا واليمن. لذلك، تهاجم إيران إسرائيل عبر وكلاء مثل حركة حماس وحزب الله والميليشيات العراقية.

وبحسب الكاتبين، تُظهر إيران استعدادًا متزايدًا لاستهداف القواعد الاستخباراتية الإسرائيلية القريبة من حدودها. ظهر هذا بعد أن أدى هجوم بطائرة مسيرة إسرائيلية جرى إطلاقها من كردستان العراق إلى تدمير منشأة عسكرية غرب إيران.

وردًّا عليه، أجرت إيران تدريبات عسكرية على حدودها مع أذربيجان وهاجمت أهدافًا في كردستان العراق، ومن ضمنها قاعدة للموساد. وضغطت إيران على الحلفاء العراقيين لتمرير قانون يجرم تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

مقاومة الاتفاق النووي الجديد

بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على إيران، أصبحت معظم تجارة النفط الإيرانية سرية وخاضعة لإدارة الحرس الثوري لتأمين ميزانيته بعيدًا عن الحكومة. ونتيجة لهذا يمتلك الأفراد المؤثرون داخل الحرس الثوري حافزًا قويًّا لمعارضة الاتفاق النووي الجديد، الذي سيعيد عائدات النفط إلى الحكومة الإيرانية.

وعلى الجانب الآخر، يستطيع قادة إيران الذين يفضلون الاتفاق الجديد التغلب على مقاومة الحرس الثوري إذا كانت الوعود الاقتصادية للاتفاق كبيرة وفورية، وإذا وثقت إيران في أنها ستتحقق. إلا أن الفشل في التوصل إلى اتفاق يرفع من خطر التصعيد مع إسرائيل. ومن المفارقة أن كلًّا من إسرائيل والحرس الثوري الإيراني يعارضان الاتفاق النووي ويستعدون للصراع الوشيك.

ماذا تفعل الولايات المتحدة؟

رأى الكاتبان أن المشاركة الأمريكية ستكون ضرورية في الأسابيع القادمة لمنع حرب الظلال بين إيران وإسرائيل من الخروج عن السيطرة. ولفتا إلى أن تصعيد الهجمات قد يؤدي إلى مواجهة أكبر، ما يشعل التوترات من الشام إلى شبه الجزيرة العربية في وقت تحتاج أمريكا فيه إلى التركيز على روسيا والصين.

لذلك، يجب على إدارة بايدن تحديد خطوط حمراء مع الحكومة الإسرائيلية والإصرار على وضع حد للهجمات الاستفزازية. ويجب على أمريكا أيضًا وضع استراتيجية لاستقرار الشرق الأوسطي، والتي تبدأ بالتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.

وأشار الكاتبان إلى محاولات إيران تحسين علاقاتها مع جيرانها الخليجيين, وذكرا أن هذا قد يكبح أنشطة إيران الإقليمية العدوانية، حتى دون وجود اتفاق نووي. وقالا إن هذا يقدم فرصة لواشنطن لتعيد توجيه الأمن الإقليمي. وعن طريق العمل مع الدول العربية تستطيع واشنطن بناء دعم أوسع لكبح التصعيد بين إسرائيل وإيران. كما يجب أن تربط ضرورة احتواء إيران عسكريًّا بتشجيع الدبلوماسية الإقليمية للتأثير في سلوكها.

ربما يعجبك أيضا