بعد تجميد مجلسه.. اقتراحات بهياكل تنسيقية جديدة في القطب الشمالي

آية سيد
مجلس القطب الشمالي

أدت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية إلى تعطيل المشروعات والأبحاث العلمية في القطب الشمالي.. فكيف يمكن إعادة تفعيل التعاون الدولي في المنطقة؟


تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في وقف العمليات التعاونية لمجلس القطب الشمالي، في وقت تواجه المنطقة تحديات هائلة بسبب تغيّر المناخ.

ومن أجل التغلب على هذه المشكلة، اقترح الزميل بمبادرة القطب الشمالي في مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لكلية كينيدي بجامعة هارفارد، جويل كليمنت، إنشاء “مجلس القطب الشمالي للسكان الأصليين” المؤقت لضمان تلبية احتياجات المنطقة واستمرارية المشروعات هناك.

مجلس القطب الشمالي

تأسس مجلس القطب الشمالي عام 1996، ويضم 8 دول، هي كندا وفنلندا وآيسلندا والدنمارك والنرويج والسويد والولايات المتحدة وروسيا. ويخدم المجلس كهيئة دبلوماسية وبحثية لمعالجة القضايا التي تواجه المنطقة. ولكن في 8 يونيو 2022، أعلن 7 أعضاء تعليق مشاركتهم في أعمال المجلس، وتعهدوا بدعم المشروعات الجارية التي لا تشمل روسيا.

وذكر كليمنت أن ميثاق مجلس القطب الشمالي يركز على القضايا الاجتماعية والبيئية، ويحدّ أي مشاركة في القضايا الوطنية أو قضايا الأمن العالمي، موضحًا أن هذه “الاستثنائية للقطب الشمالي” ضمنت عدم تأثر مئات المشروعات الجارية بالقضايا الجيوسياسية، ولكن هذه المرة، رفض الأعضاء الـ7 سلوك روسيا، ما أدى إلى توقف أنشطة المجلس.

دور السكان الأصليين

أشار كليمنت إلى أنه في العام 1996، أدى الضغط المتواصل من المدافعين عن السكان الأصليين في كندا إلى استحداث دور “المشارك الدائم” في ميثاق مجلس القطب الشمالي، ما سمح بمنح المنظمات التي تمثل السكان الأصليين مقعدًا في المجلس، مشددًا على أنه في وقت يشهد توترًا جيوسياسيًّا وتغييرًا سريعًا، ربما تكون هذه المنظمات في وضع أفضل لضمان استمرار العمل التعاوني المهم.

واقترح كليمنت إنشاء “مجلس القطب الشمالي للسكان الأصليين” المؤقت لضمان أن تواكب المشروعات معدل التغيير في المنطقة. وبحسب كليمنت، يمكن لهذا المجلس تشكيل أمانة عامة لتوفير المساءلة، ثم بدء مشروعات لتلبية الاحتياجات العاجلة، ودعم جهود مجلس القطب الشمالي المتوقفة الآن.

وأوضح أن هذا المجلس يستطيع الوصول إلى منطقة القطب الشمالي بأكملها في ظل وجود 3 منظمات للسكان الأصليين لديها أعضاء في روسيا، وإضافة لهذا، لا يوجد ما يمنع إضافة منظمة أخرى لديها علاقات عميقة مع السكان الأصليين في روسيا دون ارتباطها بالاتحاد الروسي.

زيادة التمويل

لفت الكاتب إلى أن القيود الرئيسة التي تواجه هذا المجلس الجديد تتمثل في القدرة والتمويل. وللتغلب على نقص التمويل وجذب موارد جديدة للمنطقة، استعرض كليمنت عدة طرق، أولها أن تعيد وزارات الخارجية توجيه موارد الاجتماعات والسفر لدعم السكان الأصليين.

وأشار أيضًا إلى إمكانية أن تواصل الهيئات غير الدبلوماسية للدول المتعاونة، مثل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، أو وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة، دعم العمل على مستوى المشروعات بالتعاون مع المجتمع المدني، ولكن مع تحويل إدارة البرنامج إلى مجلس القطب الشمالي للسكان الأصليين.

ودعا كليمنت كذلك إلى مشاركة أعمق مع الدول غير القطبية كشركاء تعاون وتمويل، مشددًا على أن هذا يسمح للموارد من دول مثل سنغافورة واليابان والاتحاد الأوروبي بالتدفق إلى المنطقة لمعالجة الأولويات الضرورية التي يحددها المجلس. وللتخفيف مخاوف توغل الاستثمارات الصينية، اقترح كليمنت منح دول مجلس القطب الشمالي الـ7 مقاعد دون حق التصويت في الكيان الجديد.

البحث العلمي

قال كليمنت إن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية عطلت دبلوماسية العلوم والأبحاث في القطب الشمالي، ولهذا تتبنى المؤسسات مجموعة واسعة من سياسات النزاهة العلمية والتعاملات مع الشركاء الروس، موضحًا أن الارتباط المباشر بوزارات الخارجية يمثل عائقًا رئيسًا أمام حل مخاوف الدبلوماسية العلمية بالنسبة لمشروعات المجلس، لأنه طالما برنامج البحث له شركاء روس، فإنه معلق.

ولفت الكاتب إلى مجموعة العمل المعنية بالرصد والتقييم داخل مجلس القطب الشمالي، وقال إنه يجدر بحث ما إذا كان يمكن السماح لهذه المجموعة بأن تصبح قائمة بذاتها مرة أخرى للتخلص مؤقتًا من الارتباط المباشر بوزارات الخارجية، وإعادة إشراك شركاء الأبحاث في القطب الشمالي لضمان ألا تقمع الجيوسياسة الأبحاث الضرورية في هذا الوقت الحرج.

تحقيق المرونة في القطب الشمالي

وفق كليمنت، تتطلب المرونة في القطب الشمالي الابتكار، وعلى الرغم من أن فكرة مجلس القطب الشمالي للسكان الأصليين، سواء كان مؤقتًا أم مستمرًا، تعطل بعض الأعراف الدبلوماسية الراسخة في المنطقة، فإن لها تأثيرًا إيجابيًا صافيًا في مرونة المنطقة في وجه التغير السريع.

ورأى كليمنت أن مجلس القطب الشمالي للسكان الأصليين، أو أي هيكل مشابه، قد يرتقي بمكانة أصوات السكان الأصليين وقيمهم، ويجذب استثمارات جديدة كبيرة لمنظمات السكان الأصليين, ويتيح المشاركة الدولية الأعمق والأوسع في شؤون القطب الشمالي في وقت الحاجة الماسة.

ربما يعجبك أيضا