ملخص كتاب «كتاب الصيام» لدار الإفتاء المصرية

حسام السبكي

إعداد – حسام السبكي

مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، والذي يهل علينا بعد نحو أسبوعين من الآن، تكثر الأسئلة حول أحكام الصيام، وأركانه وفرائضه، فضلًا عن المُباح فيه وغير المُباح، وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي تخفى عن كثير من المسلمين، الطامحين إلى أداء الفريضة التي لا تحدث في العام إلا مرة واحدة، راجين أن يتقبلها المولى عزوجل خالصة لوجه الكريم.
مقدمة الكتاب
افتتح “كتاب الصيام” الذي أصدرته وزارة الأوقاف المصرية مؤخرًا بتمهيد عن فضائل وبركات الصوم في شهر رمضان المبارك، والذي يعد فريضة من أهم فرائض وأركان الدين الإسلامية الأساسية.
وقد عدد الكتاب فضائل وبركات شهر رمضان المبارك، في خمس نقاط، وهي:

1- اختصاصه بفريضة الصوم:

فقد اختص المولى عزوجل شهر رمضان المبارك بإقرار فريضة الصوم فيه، عن سائر الشهور، فذكر في الآية 183 من سورة البقرة قوله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، فالصيام ركنٌ من أركان الدين الإسلامي الحنيف، وقد جاء ذلك في حديثٍ طويل للنبي صلى الله عليه وسلم، بدأه بـ “بني الإسلام على خمس”، وذكره فيه “وصوم رمضان”، كما وصفه النبي صلى الله عليه بأنه “سيد الشهور رمضان”.

2- نزول القرآن فيه:

ولا أدل على ذلك من قوله تعالى في الآية 185 من سورة البقرة: ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ…”، كما أخبر ابن عباس رضي الله عنهما: “أن القرآن الكريم نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة في ليلة القدر من شهر رمضان، ووضع في السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل الأمين على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مُنجمًا – أي مُفرقًا – خلال ثلاث وعشرون عامًا من عمر الدعوة النبوية الشريفة”.

وأوضح الكتاب، أن المولى سبحانه وتعالى، اختار شهر رمضان المبارك، لإنزال الكتب السماوية السابقة للقرآن الكريم، فقد أخبر صلوات ربي وتسليماته عليه: ” أن صحف إبراهيم نزلت في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان”، وفي هذا دلالة وإشارة ربانية على تفضيل ذلك الشهر على سائر شهور العام.

3- تفتح أبواب الجنة والخير فيه:

كما نعلم في الحديث الشهير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله: ” إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين”، فيدل ذلك على الفرص العظيمة وأبواب الخير العديدة التي تُفتح في هذا الشهر الفضيل، كما تُسلسل الشياطين فيه، للحيلولة دون الإيقاع بالمؤمنين في شراك الفتن والضلالات، ولتفريغ الطاقة الكاملة في العبادة وكافة أوجه الخير.

4- اشتماله على ليلة القدر:

ميز الله تعالى شهر رمضان المبارك أيضًا بميزة هامة وفضيلة عظيمة، ألا وهي ليلة القدر، ففضلًا عن كونها الليلة التي شهدت نزول القرآن الكريم فيها، ومن ذلك قوله تعالى في الآية الأولى من سورة القدر: ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”، وقوله أيضًا في الآية 3 من سورة الدخان: ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ”، وقد فضلت ليلة القدر في هذا الشهر المبارك، بأنها خيرٌ من ألف شهر، وهو ما عده العلماء بنحو 83 عامًا من العبادة، كما أنها ليلة يعتق فيها الله عزوجل رقاب المؤمنين من النار.

5- اختصاصه بالكثير من المستحبات:

ويتميز شهر رمضان المبارك بتوافر الكثير من المستحبات إلى الله تعالى فيها، والتي منها مدارسة القرآن الكريم تلاوةً وحفظًا وختمًا، وإحياء سُنة الاعتكاف، وذلك في الأيام العشر الأخيرة من الشهر الفضيل، إلى جانبِ تقديم الصدقات للفقراء والمحتاجين، ومنها “زكاة الفطر” والتي عدها الله تطهيرًا للصائمين من أي معاصي أو ذنوب أو آثام قد شابت الصوم، فضلًا عن أداء صلاة التراويح، وتفطير الصائم، والعمرة، وإحياء ليلة القدر.

تعريف الصوم وحكمته وأحكامه

يُعرف الصوم لغة واصطلاحًا على أنه الإمساك، أما في الشرع، فهو الإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر الصادق وحتى زوال الشمس في الغروب.

الحكم من مشروعية الصوم

فقد شُرع الصوم بالأساس، كي يكون وسيلة لتحقيق التقوى في سلوك المؤمنين، فمن يُمسك عن الطعام والشراب وغيرها من المُبحات وفقًا لشروط صحة الصوم، يسُهل عليه الامتناع عن الوقوع في المعاصي والآثام، وفي هذا ذكر المولى عزوجل في ختام الآية 183 من سورة البقرة: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.

كما أنه وسيلة لحث المسلم على التحلي بالإخلاص، حيث أن الصوم، يعد العبادة الوحيدة التي تميز العلاقة بين العبد وربه، بعكس بقية العبادات التي يمكن أن تظهر لعامة الناس كالصلاة مثلًا، وفي هذا يقول الله تعالى في الحديث القدسي: “كلُ عمل ابن آدم له، إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به”.

كما أنه يشجع الفرد المسلم على شكر المولى عزوجل، وقد ورد ذلك في ختام آيات الصيام بالآية 185 من سورة البقرة: ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.

حكم صوم رمضان

أورد “كتاب الصيام” أيضًا، أن الحكم الشرعي من صوم رمضان، هو أنه فريضة وركنٌ ثابتٌ من أركان الدين الإسلامي، بإجماع فقهاء الأمة الإسلامية وعلمائها، وبما سبق وجاء في كتاب الله، حين قال في سورة البقرة “.. كُتب عليكم الصيام ..” وكٌتب هنا بمعنى فُرض، ثم أتبعها بقوله تعالى “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن”، وفي ذلك دلالة على فريضة الصوم في شهر رمضان، عن غيره من سائر شهور العام.

شروط وجوب الصوم

أما عن شروط وجوب الصوم، فقد تحددت في أربعة نقاط وهي:
* الإسلام.
*البلوغ.
*العقل.
*القدرة على الصوم.
وفي النقطة الأخيرة تحديدًا، تتحقق القدرة على الصوم بالصحة، فلا يتوجب على المريض مرضًا يشق عليه فيه الصيام، وكذلك الإقامة، فلا يجب الصيام على المسافر، كما يُمنع الصوم على المرأة الحائض والنُفساء، ومن أفطر لتلك الموانع عليه قضاء تلك الأيام بعد انقضاء شهر رمضان، أما من يتعذر عليه الصوم بتجب عليه الفدية، وكذلك على المريضِ مرضًا مزمنًا يشق عليه الصوم.

شروط صحة الصوم

وفيما يتعلق بشروط صحة الصوم، فقد تحددت في الآتي:
*الإسلام: فلا يصح صوم الكافر.
*العقل: والمقصود به التمييز، فلا يصح الصوم للصبي أو المجنون غير القادرِ على التمييز.
*النقاء من الحيض أو النفاس بالنسبة للمرأة.
*قبول الوقت للصوم: ويعني ذلك، أن يكون الوقت الذي يتم الصيام فيه غير منهي عنه، مثل الصوم في يوم عيد الفطر، أو عيد الأضحى، أو أيًا من أيام التشريق الثلاث.
ويبقى فارقٌ وحيدٌ بين شروط وجوب الصوم، وبين شروط صحته، وهي أن انعدام شروط الواجب لا تُبطل الصوم، في حين تبطله شروط صحة الصوم، وقد تطرق الكتاب لشرح تلك النقطة شرحًا مستفيضًا.

أركان الصوم

وقد حدد الشرع الحنيف للصوم ركنين أساسيين لا يتحقق بدونهما:
11- النية: ومن أهم شروط صحة النية للصوم، هو إيقاعها قبل الفجر، وذلك ثابتٌ عند جمهور العلماء، إلا أنها عند الحنفية تصح في الصوم المعين قبل الزوال، ويعد التسحر قبل الفجر من أجل الصوم نية مجزئة، لأنه يقع في نفس المُتسحر على كونه بنية الصيام، وتلك الشروط تخص الصوم الواجب، أما صيام التطوع فالمجال فيه أوسع، فتجوز فيه النية بعد الفجر، شريطة ألا يكون قد سبقه ما يخل بالصيام كتناول الطعام أو الشراب.
22- الإمساك عن المفطرات: وذلك واضح في تعريفه، وهو أمر بديهي، حيث تبطل المفطرات الصوم بشكلٍ قاطعٍ، وهذا الركن أساسي ولا يصح بغيره الصوم، سواء كان واجبًا أو تطوعًا.

مبطلات الصوم (المفطرات)

خصص “كتاب الصيام” في تناوله لمبطلات الصوم ومفطراته ثمانية نقاط، إذا تحقق إحداها بطل الصوم وفسدت صحته، وهي:
1- تعمد إيصال أي شيءٍ إلى الجوف من منفذٍ مفتوح، كالفم أو الأنف.
2- تعمد الإيلاج سوءًا من القبل أو الدبر، ولو بلا إنزال، ويُقصد بها الجماع بين الرجل وزوجته.
3- خروج المني، عن مُباشرة، بالمداعبة سواءً باللمس أو القبلة أو غير ذلك.
4- الاستقاء، وهي تعمد إخراج القيء، أما من غلبه القيء فلا يفسد صومه.
5- خروج دم الحيض.
6- خروج دم النفاس.
7- الجنون.
8- الردة.

وقد اشتمل الكتاب أيضًا على العديد من المباحث، ومنها “الأعذار المُبيحة للفطر”، و”حكم الإفطار لغير عذر”، و “مستحبات الصوم”، و”مُباحات الصوم ومكروهاته”، وغيرها، والتي يمكن الإطلاع عليها من خلال الملف المرفق بالتقرير.

للاطلاع على عرض الكتاب كاملا .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا