ملخص كتاب «غرائب التاريخ.. أحداث غامضة ومحاكمات فاصلة» لـ «جيري براون» و«تيم هيلي»

حسام السبكي

حسام السبكي

لم نجد أفضل من المقدمة، التي استفتح بها المترجم “إياد ملحم”، لكتاب “غرائب التاريخ.. أحداث غامضة ومحاكمات فاصلة”، للكاتب والأديب والسياسي الأمريكي “جيري براون”، و”تيم هيلي”، والذي يقدم من خلاله، إطلالات مميزة، على العديد من الغرائب والأحداث التاريخية، والتي اكتنف الكثير منها الغموض، كما استعرض أيضًا من خلال متابعاته الخاصة محاكمات فاصلة غير مسار التاريخ.

بدأ المُترجم، تقدمته للكتاب، حيث ذكر أن الإنسان، ومنذ قديم الأزل، تشغله أمور غريبة وأحداث غامضة عدة، مثلما شغلته في السابق، الأساطير الغيبية وأحاديث القوى الروحية، فضلًا عن الألغاز والطرائف المحيرة، وعلى الرغم من التطور والتقدم التقني الهائل الذي وصلت إليه البشرية، إلا أننا ما نزال نقرأ ونسمع عن الكثير من الأحداث التي حيرت العقول، وشغلت بال الكثير من الناس، والتي تحدت المنطق، وأثارت العديد من التساؤلات حولها، وأمامها وقف الإنسان عاجزًا، حيث أثبتت محدودية ما توصل إليه البشر من علم وتقدم، وما تزال تذكر الإنسان بعظمة هذا الكون وبجلال خالقه عزوجل.

ومن خلال الكتاب، يتجول المؤلف بين عوالم متعددة، استعصى على الإنسان التوصل إلى تفسيرها أو إدراكها، كالسحر والجن والتنويم المغناطيسي، إلى جانب معجزات الشفاء، ونبوغ الأطفال، فضلًا عن قصص التوائم المتشابهة وغيرها.

وينطلق المؤلف بعد ذلك، في عرض مجموعة من أشهر المحاكمات، المتعلقة بالقضايا المستحدثة، كمنع الحمل، والتلقيح الصناعي، والتشهير، وكذلك محاكمات تاريخية وثقت الكثير من الوقائع والأحداث الهامة، منها إعدام ملك بريطانيا شارل الأول، ومحاكمة النازيين في نورمبيرج، وتطرق كذلك إلى محاكمات طريفة مثل محاكمات الحيوانات.

يبدأ المؤلف في الفصل الأول من الكتاب، من أصل فصلين، هما اسم الكتاب، تناول مجموعة من الغرائب والأحداث التي أثارت غموضًا لا نهاية له، فاستهلها بـ “التوائم المتاشبهة”، وفيها ذكر العديد من القصص، منها، ما شهدته محكمة “يورك” عام 1980، من محاكمة التوأم “فريدا” و”جريتا”، بتهمة الاعتداء على جارتهما، والتهمة ليست هي جوهر الموضوع هنا، فالغريب في القصة، أن السيدتين، كانتا تجيبان على نفس الأسئلة، بالإجابة ذاتها، في الوقت نفسه، وكانت تصرفاتهما تتشابهان تمامًا ويقضيان سويًا كل وقتهما.

ومن القصص الغريبة عن التوائم، ننتقل إلى أحداث أخرى حملت عنوان “السماء تمطر سمكًا”، نعرض من بينها، ما وقع في 9 فبراير 1859، حين هبت عاصفة شديدة، على جبل “آش بويلز”، والتي أعقبها سقوط أمطار غزيرة، جعلت عامل قطع أخشاب يُدعى “جون لويس”، يهرع بعيدًا بحثًا عن ملجأ، حتى يتوقف نزول المطر، وتحت زخات المطر، أحس “لويس” بأجسام صغيرة تسقط فوق رأسه، وحين وضع يده على قبعته، فإذا به سمكة صغيرة، وما هي إلا لحظات قليلة، حتى شهدت مجموعة كبيرة من الأسماك الصغيرة، تسقط في برك الأمطار، بعدها بدقائق، عادت السماء مرة أخرى تمطر أسماكًا حية، أضحت مثارًا وحديثًا متداولًا على صفحات العديد من الصحف المحلية في هذا الوقت.

في الفصل الثاني من “غرائب التاريخ”، تناول المؤلف جملة من أبرز “المحاكمات الفاصلة”، نستعرض من بينها، محاكمة الجاسوس الأمريكي “جاري باورز”، والذي فضح بفعلته، استراتيجية أمريكية، شكلت أهم محاور “الحرب الباردة”، التي اندلعت أحداثها بين الأمريكيين والسوفيت، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية.

وترجع تفاصيل المحاكمة، إلى مؤتمر كان من المقرر عقده، بين الرئيس الأمريكي “دوايت إيزنهاور”، ونظيره السوفيتي “نكيتا خروتشيف”، والذي تحدد له في شهر مايو عام 1960 وتستضيفه العاصمة الفرنسية باريس، إلا أن فضيحة التجسس الأمريكية، حالت دون ذلك.

فقد أُسقطت طائرة تجسس أمريكية من طراز (يوتو) أو ” U-2″ فوق الأراضي الروسية، تبعتها حالة من التردد الأمريكي في الإعلان وتحمل المسؤولية عن الجريمة، حيث بدأتها، بتجاهل الاتهامات الروسية، ومحاولة التنصل منها، وبعدها أعلن مسؤولون رسميون، أن الطائرة تم تخصيصها من لرصد حالة الطقس والأبحاث المناخية، وقد اخترقت الحدود السوفيتية بسبب سوء الأحوال الجوية وعن غير قصد، ليأتي بعدها الرد السوفيتي قويًا، ويحمل في طياته إدانة مباشرة للولايات المتحدة.

كشف “خروتشيف”، أن الطائرة الأمريكية كانت مزودة بكاميرات للتصوير من ارتفاعات شاهقة، وقامت بالتقاط صور للمنشآت السوفيتية، وتم أسر الطيار “جاري باورز” البالغ من العمر 31 عامًا، وتم تقديمه لمحاكمة علنية، عُقدت في 17 أغسطس عام 1960، وتمت ترجمتها باللغات الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، أدلى خلالها “باورز” باعترافات تفصيلية بالمهمة، ليُحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، قضى منها عامين، ليطلق سراحه في تبادل أسرى، مع الجاسوس السوفيتي “رودلف أبل”.

وإزاء ذلك، اضطرت الولايات المتحدة ورئيسها “إيزنهاور” للاعتراف صراحة بالموضوع، وعلى شاشات التلفاز، ظهر نائبه “نكسون”، الذي أكد أن مهمة “باورز” التجسسية، تقع ضمن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وستستمر.

وبعد الأزمة، ظهر الرئيس السوفيتي أمام العالم بمظهر البطل، وحاول استغلال الموقف، فطلب من الرئيس الأمريكي الاعتذار وتقديم مستشاريه للمحاكمة، إذا رغب في عقد مؤتمر باريس، إلا أن الأخير رفض ورأى في الطلب السوفيتي إهانة له، لتنهار معها القمة.

كان ذلك غيض من فيض العديد من الغرائب والأحداث التي حواها كتاب “براون” و”هيلي”، وهو أحد أكثر الكتاب الرائعة والمميزة في تناول الأحداث الشيقة والمواقف والطرائف والغرائب، التي حيرت العالم، وشغلت تفكير الكثيرين.

 

للاطلاع على عرض الكتاب كاملا .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا