ملخص كتاب «العمل العميق» .. قواعد لتحقيق نجاح مركز في عالم مُشتت

علياء عصام الدين

عن المؤلف

كالفن نيوبورت هو استاذ في الحوسبة من جامعة جورجتاون وحاصل على دكتوراه في علوم الكمبيوتر، وهو مؤلف لسلسلة كتب خاصة بتطوير الذات وصاحب مدونة خاصة تعنى بالنجاح الأكاديميي والمهني.

ماهو العمل العميق؟

هذا الكتاب هو دعوة صريحة للعمل بعمق وبشكل فعال وصحيح، إذ يرى مؤلفه أن الوقت قد حان لإعادة تصور العمل بهدف محدد وهو تحسين قدرة عقولنا على إضافة قيمة ما على نحو مستدام.

يتحدث نيوبورت في كتابه عن مصطلح ومعنى “العمل العميق” في ضوء التطور التكنولوجي الهائل الذي أصبح مصدرًا للتشتت أكثر منه مساعدًا في إنجاز العمل بتركيز، فقيمتنا في السوق المعرفي الآن يحددها مستوى قدراتنا المعرفية وخبراتنا وقدرتنا على تطويرها باستمرار واكتساب مهارات جديدة ويصعب ذلك في ظل وجود مشتتات كثيرة.

وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة التي أتاحها التطور التكنولوجي، إلا أنه من ناحية أخرى تسبب في زيادة مصادر التشتت، حتى أصبح من الصعب على الأشخاص التركيز في مهمة واحدة لمدة كافية دون انقطاع.

يُعرف المؤلف العمل العميق في كتابه الذي صدر عام 2016 بأنه مجموع الأنشطة المهنية التي يتم إجراؤها في حالة من التركيز الخالي من مصادر الإلهاء والتشتت، الأمر الذي يدفع بالقدرة المعرفية للقائم بالعمل إلى أقصى حدودوها، ويحقق أفضل النتائح كونه يقوم على استنزاف كافة المعارف العقلية حتى آخر قطرة.

العمل العميق هو الذي سيجعل لحياتك العلمية والعملية قيمة أكبر وهذا بعكس العمل الضحل الذي يشعرك دائمًا بأنك مشغول دون جدوى أو إنجاز حقيقي يشعرك بقيمة العمل أو أهميته.

فإذا أردنا الإنجاز بشكل أكبر في أعمالنا وأن تزيد قيمتنا في سوق العمل بحيث يصعب استبدالنا وإذا أردنا أن نضيف لحياتنا معان وقيم أكبر في، لا بد من أن نكتسب مهاراة العمل العميق.

أنواع العمل

أعمال عميقة:-  وهي تلك الأعمال التي تنجز بتركيز على مهمة أو مهام صعبة وتحتاج إلى مجهود ذهني كبير بعيدًا عن مصادر التشتت وينتج عنها قيمة جديدة وتطور في مستوى المهارة يصعب الحصول عليها بطريقة أخرى، بالتالي يتعين علينا أن نكرس لها أنفسنا بشكل كامل، مثل تعلم مهارات جديدة تضيف لنا خبرات في العمل، حل مسائل رياضية صعبة، رسم مخططات هندسية بشكل ابتكاري، كتابة مقالات متخصصة نوعية، ومن أهم سمات العمل العميق أنه عمل نادر وقيمته عالية.

أعمال ضحلة:- وهي مجموعة الأعمال الضحلة التي لا تحتاج إلى مجهود ذهني وتتم في حالة تشتت غالبًا ولا تضيف قيمة جديدة ولا تؤدي إلى تطور في المهارات، ومن السهل أن يقوم بها آخرون، وهي تلك الأعمال التي نفرغ فيها أذهاننا ونستنزف من خلالها طاقاتنا دون جدوى ويتعين علينا تميزها وتركها، ومن أمثلة تلك الأعمال تصفح الإنترنت دون جدوى، الرد على الرسائل والإيميلات.

أبرز الأفكار التي يطرحها الكتاب

  • من أجل إنتاج أفضل الأشياء يحتاج كل منا إلى الالتزام بالعمل العميق
  • من أجل تعلم الأشياء الصعبة بسرعة يحتاج الشخص إلى التركيز الشديد دون تشتت.
  • يكمن مفتاح تطوير عادة العمل العميق في تجاوز مرحلة النوايا وإضافة الروتين إلى الحياة العملية.
  •  أصبحت القدرة على أداء العمل العميق نادرة بشكل متزايد وذات قيمة متزايدة للاقتصاد،  لذلك فإن الأفراد القليلين الذين ينمون هذه المهارة سوف يزدهرون.
  •  من أجل أن يحقق الشخص أفضل إنتاجية، فإنه يحتاج إلى العمل والتركيز الكامل لفترات طويلة على مهمة واحدة دون تشتت.
  •     رواسب الانتباه أبرز مخاطر التشتت وخصوصاً عند مدمني الانتقال بين المهام
  • يجب أن ينطوي التدريب على العمل العميق على هدفين أساسيين هما تحسين قدرة الشخص على التركيز بشكل مكثف، والتغلب على رغبته في التشتت.
  • يجب التوقف عن التفكير في مشكلات العمل في نهاية يوم العمل، ويجب تأجيل التفكير في العمل لصباح اليوم التالي.
  •     وسائل التواصل الاجتماعي أدوات مصممة لجذب الانتباه والإدمان، معرفتك بهذا الأمر يخفف من سلطتها عليك.
  •     قوة الإرادة محدودة وتذهب بالاستخدام.
  •     يمكنك أن تحقق النجاح دون اتباع نظرية العمل العميق، لكن فوائد العمل العميق لا تقارن بغيرها.
  •     التدرب على العمل العميق يحتاج لوقت وصبر وليس في طرفة عين.

العقبات.. التشتت والإلهاء

يلقي المؤلف الضوء على أزمة كبرى يعاني منها إنسان العصر الحديث وهي الإلهاء والتشتت وانعدام القدرة على التركيز وهي مجموعة من المشكلات الناتجة عن التطور التكنولوجي الذي أضحى مصدرًا للإلهاء، فلا يوجد خلاف أن العصر الحالي هو عصر المشتتات بلا منازع.

فعدم قدرتنا على مقاومة شكل الإشعارات في التطبيقات الذكية المختلفة على هواتفنا المحمولة ليس من قبيل الصدفة، فكل هذه الشركات قائمة أساسًا على استقطابنا وتشتيت انتباهنا، فهي تدرس بشكل دقيق كيف تجعلنا ندمن استخدامها لأطول فترة ممكنة لأن هذا يعني أرباح أكبر لها ولكن أين نحن من هذا كله؟

يعتبر عصر المشتتات الحالي حديث نسبيًا فعمره أقل من 10 سنوات، لأنه مرتبط بشكل كبير بظهور الهواتف الذكية وتطبيقاتها، والسرعة العالية للإنترنت، بالتالي فأضراره لازالت – وإن ظهر الكثير منها-  بعيدة المدى، إذ يومًا ما سنستيقظ لنكتشف انها قد أضاعت أفضل وأنشط سنوات عمرنا دون جدوى وبدون إنجاز يستحق الذكر.

التشتت وضياع الوقت جزء من مشاكل الشبكات الاجتماعية وكلما أدمنا التشتت معها كلما قلت قدرتنا على التركيز والعمل العميق بالتالي تقل فرصنا في تحقيق النجاح.

ما الحل؟

بالنسبة للمشتتات يقترح مؤلف الكتاب أن نقلع ونغلق كل حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي التي تشتت أذهاننا وتبدد وقتنا، وهو ما فعله هو نفسه على الرغم من حاجته إليها بوصفه استاذ ومؤلف شهير، إلا أنه رأى أن ضرر التواجد بها أقل من نفعها.  

يطرح المؤلف فكرة “الممارسة المتعمدة”  أيضًا كأحد الحلول للإنقطاع فترة والتركيز على الأعمال العميقة بذل الوقت والجهد فيها بدلًا من إضاعته سدى في مجموعة أعمال أخرى ضحلة لا جدوى منها، ويأتي ذلك عن طريق التمرين المستمر والممارسة وتهيئة الظروف التي تخلصنا من كل ما من شأنه أن يشتت انتباهنا ويبعثر عزيمتنا.

يرى المؤلف أن أغلب أعمالنا تخرج مشتته وغير دقيقة وغير عميقة بسبب الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تلهينا بشكل كبير، الأمر الذي جعل معظم أعمالنا غير عميقة وسريعة ومؤقتة وضحلة، حيث أصبح العمل الجاد العميق في وقتنا الحالي عملة نادرة وغير شائع.

يؤكد مؤلف الكتاب أن أحد مهام العمل العميق هو الانقطاع التام عن كل ما هو موجود حولنا والانصراف التام لإنجاز العمل.

وينصح بضرورة انتهاج فكرة “تعدد المهام” لا المبادلة بينها أو الانتقال بين مهمة وأخرى لأن ذلك من شأنه أن يشتت الانتباه ويصيبنا بالتوتر بالتالي يقوض العمل ويجعل نتائجه سلبية، فلا يجب علينا العمل على أكثر من مهمة في نفس الوقت لأن ذلك سينتج ما أسماه الكاتب برواسب الإنتباه التي تؤثر سلبًا في أعمالنا وجودتها.

كيف تكسب القدرة على العمل العميق؟

  • إجعل العمل العميق عادة
  • حدد الصقوس الخاصة والروتين للعمل بعمق  

ويتمثل ذلك في الآتي :-

  • تحديد المهام التي ستعمل عليها
  • عدم العمل على أكثر من مهمة في نفس الوقت
  • غلق الموبايل أو تركه في غرفة أخرى
  • تحضير المشروب المفضل قبل البدء بالعمل
  • الراحة كل نصف ساعة لعمل تمرينات تنفس وإطالة بسيطة لاسترداد النشاط

  • ضرورة الراحة لا بأس ببعض الكسل
  • متابعة المستوى وتقييم الذات
  • تقبل الملل ومقاومته

الانتباه  يصنع الواقع

يقول الكاتب “كي تنجح في العمل العميق، يجب عليك إعادة توصيل دماغك ليكون مرتاحًا لمقاومة المحفزات المشتتة للانتباه”.

يرى الكاتب أن الواقع وليد الانتباه، بمعنى أن ما تمنحه انتباهك سيكون هو واقعك، وربما سيتشكل واقعك وفقًا لتلك المعطيات التي تمنحها انتباهك، فكن حريصًا على ما تصرف إليه انتباهك فواقعك يُصنع من خلاله تباعًا.

الآن هل ستبدأ عملك العميق أم ستضيع أنشط مراحل عمرك في العمل الضحل ومتابعة الإشعارات في مواقع التواصل الاجتماعي؟

ربما يعجبك أيضا