ملخص كتاب «قوانين الطبيعة البشرية» لروبرت جرين

علياء عصام الدين

المؤلف: روبرت جرين

يفك كتاب “قوانين الطبيعة البشرية” للمؤلف روبرت جرين شيفرة السلوك البشري من حولنا ويساعدنا على تطوير وتحسين مهاراتنا لمعرفة أسباب الاختلاف فيما بيننا كبشر.

فكرة تقبل الآخر التي تعد من أهم الأفكار التي تساعدنا على التعايش مع الآخرين في سلام ومحبة ونبذ التعصب والعنف هي أحد الأفكار الهامة التي يعرضها الكتاب.

ويدعونا جرين إلى تطوير ذواتنا اجتماعيا لنصبح أكثر تسامحًا مع المجموعة مع الحفاظ على تفردنا وتميزنا واختلافنا واستثمار هذه الاختلافات في التقدم والتطور لا الرجوع إلى الخلف.

ويرى جرين إن استيعابنا لمجموع القوانين الطبيعية البشرية من شأنه أن يغير بشكل جذري طريقة تعاطينا وتعاملنا وإدراكنا لما حولنا كذلك طريقة رؤيتنا لذواتنا.

فكرة التحرر من التعصب بعد فهم الطبيعة البشرية من أروع الأفكار التي يقدمها الكتاب فالدراما العاطفية تستنزف طاقاتنا بلا داع، لذا يركز الكتاب على تحويلنا لمراقبين ملاحظين لكل ما يحدث من حولنا ليمنحنا قدرة أعمق في الحكم على الشخصيات والتعامل مع الأنواع السامة من البشر التي تعترض طريقنا في الحياة.

وتشكل قوانين جرين سبيلًا لتحفيز الناس والتأثير فيهم الأمر الذي يضفي على الحياة معنى أعمق وأسهل ويمكنا من تغيير الأنماط السلبية وتحويلنا إلى أشخاص أكثر تعاطفًا وأكثر إرضاء لمن هم حولنا.

صَدَرَ الكتاب في 2018، وهو السادس لجرين ومن الكتب الأكثر مبيعًا

وفي السطور الآتية نستعرض ملخصًا لما جاء في القوانين الـ18:-

قانون اللاعقلانية

يتناول هذا القانون ببساطة الحديث عن العواطف وتأثيرها علينا ويدعونا إلى التنبه أننا نتصرف وفقًا لأهوائنا وعواطفنا بالتالي فيجب أن نسيطر على ذواتنا العاطفية التي تتحكم في تصرفاتنا وتجعلها سلبية وسيئة، وجعلها أكثر عقلانية من خلال تعطيل العاطفة والتفكير بموضوعية بعيدًا عن ردات الفعل العنيفة وهذا يحتاج لوقت وجهد لتنمية هذه المهارة والسيطرة على عواطفنا.

قانون النرجسية

حب الذات والميل إليها يصطدم بالتفكير العقلي والموضوعي بالتالي فإن علينا كبح جماح نرجسيتنا وتحويل الحب الذاتي إلى معنى أسمى وهو التعاطف لرؤية عقول الآخرين والتنبؤ بأفعالهم وتخفيف ردود أفعالهم بأسلوب لطيف، ولتكن رسالتنا في الحياة الوصول إلى التوافق وتحويل حساسيتنا نحو الخارج بدلًا من الداخل فضلًا عن التعرف على الأشخاص النرجسيين بشكل مرضي وتجنب الوقوع والتورط معهم.

قانون تقمص الأدوار

نحن في عالم الأقنعة ويميل الناس للظهور دائمًا في أفضل شكل ممكن ويخفون مشاعرهم الحقيقية وعلينا بالتالي التعلم بشكل تدريجي كيف نكتشف هذه الشخصيات، وهو ما يتأتى بالممارسة والمران، فالحقيقة دائمًا ما تتسرب من بين السطور ولكل قناع تشققاته التي تفضحه، لذا علينا أن نتعلم التدابير الدفاعية وكيفية تقديم أفضل واجهة لنا للعب دور أكثر تأثيرًا في عالم الأقنعة.

قانون السلوك القهري

لكل منا مجموعة من السلوكيات والأنماط القهرية التي يجب التخلص منها لاسيما تلك السيئة.

ويتحدث القانون عن تكرار السلوك والأنماط عند الشخصيات بفعل النشأة والبيئة، وكيفية تمييزه وتحديد الطرق الأمثل لمعاملة الناس بعد اكتشاف أنماطهم الشخصية، وتجنب الشخصيات السامة والاقتراب من الشخصيات التي تنتهج سلوكيات إيجابية.

قانون الاشتهاء والطمع

الممنوع مرغوب، الغياب والحضور لهما تأثيرات كبيرة علينا، فالكثير من الحضور يخنق بينما يحفز النقص والغياب أهتمامنا ويعد هذا قانونًا يميز أغلب البشر، فالرغبة المستمرة في امتلاك ما ليس لنا تميزنا جميعًا، لذا ينصح الكاتب بتعلم خلق غموض حول شخصياتنا تدفع الآخرين دائمًا للسعي لمعرفتنا والرغبة في العودة إلينا، فالغياب الاستراتيجي يجعل الناس يرغبون في العودة لأنهم يطمحون دائمًا للامتلاك.

يميل الناس للأشياء التي ليست لهم، “فالعشب دائمًا أخضر على الجانب الآخر من السياج”، ونحن نلهث دائمًا لحيازة ما لا نمتلكه، والطمع سمة غالبة في طبيعتنا البشرية وعلينا التعامل معها بحذر ومحاولة جعلها أكثر إيجابية وحافز للعمل والعطاء للوصول لا للحسد والحقد على ما وصل  إليه الآخرين.

قانون التخريب الذاتي

لدى البشر عدسات تشكل رؤيتهم للعالم وهي (المواقف) وهو ذلك الاستعداد للعمل أو الرد بشكل معين وعادة تكون غير واعية.

وتنقسم المواقف إلى قسمين أساسيين

  • الموقف الضيق السلبي
  • والموقف التوسعي الإيجابي

وعلينا دائمًا السعي للانتقال من السلبي إلى الإيجابي عبر جعل مواقفنا أكثر مرونة لمواجهة المواقف السلبية العدائية بالوعي ومعرفة نقاط الضعف التي نعاني منها ومحاولة علاجها، وإن كنت تتعامل مع شخص عدائي فالحل المناسب للتعامل معه هو عدم الاستجابة له بعداء مقابل، فرد الفعل المعادي يجعله يتمادى في عدائيته ويبرر تصرفاته العدائية ويستمر على نفس النهج، في حين إن كان أسلوبك مغاير ستربكه ولن يتصرف بشكل معاد، وإن كنت من الأشخاص القلقة التي تخاف المواجهة حاول أن تخرج من قلقك وتوترك في أن تصب طاقتك في العمل وحاول السيطرة على قلقك، وعامل من يعانون من القلق بطمأنتهم دون الاستجابة والانسياق وراء قلقهم، ويوضح الكتاب كيفية التعامل مع كافة مواقف الأشخاص على اختلافها الموقف العدائي المتجنب والقلق والمكتئب والمستاء.

وفي العموم يطرح الكاتب أهمية التقبل لتنوع البشر من حولنا فكلما تقبلنا الآخر أصبحنا أكثر تسامحًا وأكثر سلاسة، وكلما غيرنا مواقفنا المسيطرة علينا سوف نغير ظروفنا.

قانون قِصَر النظر

الرؤية بعيدة المدى صعبة والحفاظ عليها بالنسبة لكثير من الناس يشكل تحديًا كبيرًا، فمعظمنا ننساق وراء ردود الأفعال اللحظية ونتأثر بشكل كبير بما يجري في الحاضر وننجرف للربح السريع واللحاق بالمغريات دون حسابات وعلينا بالتالي المران على التحلي بالصبر والنظر بشكل أبعد لما قد يحدث في المستقبل.

قانون الدفاعية

لا داعي للقول أنه بمرور الوقت يتخذ الناس موقفًا دفاعيًا ويتفاعلون بشراسة عندما يدعو شخص ما إلى التغيير، إذا كنت تريد تخفيف مقاومتهم، يجب أن تحثهم على تغيير وجهات نظرهم ولكن ليس من خلال الإساءة لهم.

إذا كنت تريد أن تخطو خطوات هائلة نحو تحقيق أهدافك، يجب عليك أن تسعى للإبداع. اشرح نواياك النبيلة واجعلهم يشعرون أنهم يتحكمون في آرائهم وأنماطهم.

قانون القمع

باختصار يظهر الناس أجمل جوانبهم ويقومون بإخفاء جانبهم المظلم، تعلم أن تكتشف ما وراء صفات القداسة والشجاعة الظاهرة التي غالبًا ما تخفي العكس، تعرف على جانبك المظلم وواجهه، وبكونك واعيًا به يمكنك التحكم وتوجيه الطاقات الإبداعية الكامنة داخلك، فمن خلال دمج الجانب المظلم في شخصيتك ستصبح إنسانًا أكثر اكتمالًا وستشع أصالة تجذب إليك الأشخاص.

قانون الحسد

من أهم الصفات البشرية المقارنة فنحن مجبولون على مقارنة أنفسنا بالغير، وهذه الحاجة إلى المقارنة تخدمنا كحافز للتفوق من خلال عملنا، وبالنسبة للبعض قد تتحول هذه المقارنة إلى ما يسمى بالحسد نتيجة الشعور بالدونية والإحباط نتيجة المقارنة وهو ما يؤدي بالتالي إلى هجمات سرية وتخريب، ولا أحد منا يعترف بالتصرف بدافع الحسد، فيجب أن نتعرف على علامات الإنذار المبكر، كالثناء والمزايدات غير المنطقية، والحل لهذه المشكلة هو تحويل الحسد عن طريق جذب الانتباه بعيدًا عنك، طور شعورك بقيمتك الذاتية من المعايير الداخلية وليس من المقارنات المستمرة واستثمر الحسد لأداء مزيد من العمل المميز لا الحقد وخلق الحروب والصراعات.

قانون العظمة

التكلف بشعورنا بقدراتنا وعظمتنا كثيرًا ما ينحرف عن الطبيعي ويصبح أكثر سلبية في كثير من الأحيان، وبالتالي يؤدي نجاحنا بشكل ضئيل إلى رفع عظمتنا إلى مستويات أكثر خطورة، فنحن كثيرًا ما ننسى دور الحظ في النجاحات الخاصة بنا وننسب الفضل لأنفسنا وننسى أيضًا مساهمات الآخرين، ونتخيل أننا نملك لمسات ذهبية، ويدفعنا ذلك إلى اتخاذ قرارات غير عقلانية بالتالي لا تدوم نجاحاتنا بسبب فقدان الاتصال مع الواقع والبعد عن المنطقية.

الحل في هذه المشكلة يكمن في التشكك وعدم اليقين في النتائج الخاصة بخططنا والابتعاد عن النزق المفرط في حال وجهت إلينا أي انتقادات ومواجهة الانجرار للعظمة عبر الحفاظ على تقييم واقعي لأنفسنا وحدودنا وربط شعورنا بالفخر بالعمل والإنجاز والمساهمات في المجتمع والمحيط والعمل.

قانون صلابة الجنسانية

نميل كثيرًا وفقًا لطبيعتنا البشرية إلى قمع صفات الذكورية أو الأنثوية فينا التي بعضها جيني وبعضها يأتي من تأثير الوالدين، ونحن ندفع ثمن ذلك ونفقد أبعاد ثمينة في شخصيتنا عندما تصبح أفكارنا وأساليبنا في التصرف متزمتة وملتصقة بتقديم هوية ثابتة في المجتمع.

يجب علينا إدراك الصفات الذكورية أو الأنثوية المفقودة لدينا وإعادة الاتصال ببطء معها لإطلاق القوى الإبداعية فينا، لتصبح أفكارنا أكثر مرونة بإخراج الصفة الخافتة في شخصياتنا دون خجل متزايد، ومن شأن ذلك أن يذهل الناس بأننا نشكل أنفسنا دون تصنع، فلا يجب أن نلعب دور الجندي المتوقع بل يجب إنشاء الدور الذي يناسبنا ويتلاءم معنا.

قانون التشتت

قد تتسبب آراء الآخرين ومزاجنا الشخصي بتشتتنا وفقداننا الإحساس باتجاه شامل في الحياة، ونقف لنتساءل كيف انتهى بنا المطاف إلى هذا العمل أو في هذا المكان، هذا الانحراف يمكن أن يؤدي إلى طريق مسدود والطريقة لتجنب هذا التشتت القاتل هو تطوير الإحساس بالهدف في الحياة واكتشاف رسالتنا في المجتمع، علينا جميعًا أن نتعرف على معاركنا في الحياة وطرق تجنبها حتى لحظات الشك لدينا يجب أن نطورها ونعمل عليها ونتجاوز إخفاقاتنا التي هي في حد ذاتها قد تكون سببًا لزيادة صلابتنا وإعادة توجيه إمكانياتنا.

قانون المطابقة (لا تكن إمعة)

كثيرًا ما نفقد هويتنا عند العمل في مجموعة، إذ نحاكي دون قصد ما يفعله الآخرون ويقولونه،

وفي وسط هذا قد نفقد الإحساس بتفردنا وتميزنا واختلافنا عن المجموعة والحل هو تطوير الوعي الذاتي والفهم المتفوق للتغييرات التي تحدث داخلنا في المجموعات، وبمثل هذا التناول الذكي نصبح أكثر فاعليه في المجتمع وأكثر تفردًا وقادرين على التكيف ظاهريًا والتعاون مع الآخرين دون الانجراف بشكل أعمى ورائهم والتماهي مع صفات الجماعة.

قانون التقلب

أحد أهم الصفات البشرية التقلب فنحن نريد الحرية وفي ذات الوقت نريد أن نقاد ونريد أن نتمتع بالحماية والرخاء دون تضحيات، نريد الملك ونريد قتله في ذات الوقت، لذا عندما تكون قائد المجموعة يكون الناس مستعدين باستمرار للانقلاب عليك في اللحظة التي تبدو فيها ضعيفًا أو تواجه انتكاسة، لذا يجب عليك أن لا تستسلم للأحكام المسبقة ولا تبالغ في التملق لكسب الود حتى لا يشك الناس في قوتك ويرتابون في دوافعك.

إن السلطة هي الفن الدقيق في خلق مظهر القوة والشرعية والعدالة وبمجرد اكتساب وإتقان هذا الفن ستكسب ثقة الناس وسيقفون معك كقائد لهم بغض النظر عن الظروف السيئة.

قانون العدوانية

يبدو الناس من حولنا متحضرين ومهذبين لكن تحت القناع الكل يريد السلطة ويسعى لها ويحاولون تصيد الأخطاء والغفلات واستغلال الظروف فيصبحون أكثر عدوانية ويسلكون طريقهم عبر ترويع الناس، هؤلاء البشر على استعداد للقيام بأي شئ بغية الوصول، والحل مع مثل هذه النماذج الخطيرة أن تكشفهم وأن تتعلم أن تنظر إلى العداء من خلف الواجهات الودية المصطنعة وأن لا تعطيهم القوة، وعندما يتعلق الأمر بطاقتك العدوانية فتعلم ترويضها وتوجيهها لأغراض مثمرة وناصر نفسك وهاجم المشاكل بطاقة لا هوادة فيها محققًا طموحاتك الكبيرة.  

قانون قصر نظر الأجيال

تميل قيم وأفكار الجيل الذي يندرج منه كل شخص إلى إغلاقنا عن وجهات النظر الأخرى مما يؤدي إلى تقييد العقل والتفكير، بالتالي فإن مهمتنا الأساسية بالنسبة للجيل الذي ننتمي إليه أن نفهم تأثيره علينا واستغلال روحه في تحرير عقولنا من القيود التي يطبعها علينا لنصبح أكثر حرية وإلمامًا بجميع وجهات النظر.

قانون إنكار الموت

معظمنا نقضي حياتنا متجنبين التفكير في الموت وبدلًا من ذلك يجب أن تكون حتمية الموت في أذهاننا بشكل مستمر، ففهمنا لقصر الحياة الإنسانية يملأنا بالإحساس بالهدف والإلحاح والسرعة في تحقيق ما نصبو إليه قبل أن ينفد منا الوقت.

علينا أن ندرب أنفسنا على إدارة النكسات فلا مفر من مواجهة حقيقة الموت ومواصلة الحياة واستغلالها على أكمل وجه، لا تسعى للتفوق وبدلًا من ذلك استغل وجودك الوجيز على هذه الأرض في الوفاء لكل شخص من حولك.

ربما يعجبك أيضا