“العقيدة الفاسدة”.. فتنة جديدة بمصر

كارم عبدالغفار

كتبت – سهام عيد

أثارت تصريحات الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، المتعلقة بالعقيدة المسيحية التي وصفها بـ”الفاسدة”، حالة من الجدل في الشارع المصري بين المسلمين والأقباط، كما رفضها عدد من علماء الأزهر وقالوا إن الاختلاف يجب ألا يكون حواراً في الميدان العام.

وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إنه قرر منع “عبدالجليل” من صعود المنابر حتى يعتذر عما قاله، وأضاف في مداخلة هاتفية ببرنامج “كل يوم”، الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة “ON E”، مساء أمس الأول، إن تصريحات “عبدالجليل” جعلته في قمة الأسى والانزعاج، وإن لم يعتذر عن تصريحاته فلن يصعد أي منبر مجدداً.

رد “عبدالجليل” على قرار وزير الأوقاف، قائلًا: “عن أي شىء أعتذر، هل أعتذر عن قول الله تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه)”.

وأضاف، في تصريحات صحفية: “أعتذر عن جرح المشاعر فقط، لكن لا يمكن الاعتذار عن العقيدة، هل أعتذر عن قول الله تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه)؟، وأكرّر تأكيدي على الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين – في تصورنا، كما أن عقيدتنا فاسدة في تصورهم، وهذا لا يعني استحلال الدم أو العرض أو المال بأي حال من الأحوال”.

قررت قناة المحور الفضائية إنهاء التعاقد مع “عبدالجليل”، فيما رد الأخير موجهًا حديثه لمالك القناة: “قناته وهو حر فيها”، وأنه على استعداد للحساب أمام هيئة كبار علماء الأزهر: “لو أثبتوا أني خاطئ سأخلع عمامتي”.

في غضون ذلك، عقد مجمع البحوث الإسلامية اجتماعاً طارئًا، أمس، لبحث الأزمة، وأكد أن ما صدر عنه تعبير عن رأي شخصي، ولا يمثل الأزهر.

مع تصاعد الأزمة، أصدر عبدالجليل بيان رسمي، اعتذر فيه عن “جرح مشاعر المسيحيين”، لكنه أكد على صحة موقفه وأنه مؤمن بعقيدته، وغير المسلمين مؤمنين أيضا بعقيدتهم ولهم حق التعايش.

وبرر وكيل وزارة الأوقاف السابق ما ذكره خلال برنامجه وأثار عاصفة من الغضب: “نشرح القرآن الكريم منذ شهر يناير قبل الماضي من أول سورة الفاتحة، حتى وصلنا لسورة آل عمران، وما ذكرته كان تفسيرًا لإحدى الآيات”.

وأوضح أنه أكد خلال اللقاء ضرورة التعايش، وتابع: “نحن لا نستحل الدماء ولا الأعراض ولا الأموال ولا نحاكم الناس على الدين، نفسر القرآن لجمهورنا من المسلمين”.

شيخ الأزهر يفسر نفس الآية التي فسرها عبدالجليل

عرضت الإعلامية رشا نبيل، فيديو مسجلًا لشيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وهو يفسر نفس الآية القرآنية التي قامت بتفسيرها الشيخ سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف، الذي وصف المسيحيين على إثرها بالكفار.

وقال “الطيب”، خلال الفيديو المعروض ببرنامج “كلام تاني”، المذاع على فضائية “دريم”، إن البعض الذين يقوم بتفسير القرآن وهو غير مؤهل لفهمه بشكل دقيق، ولذلك ننادي بأن القرآن إما أن يسأل عنه الملمون به وإما أن نتعلم أصول اللغة.

وأضاف أن كلمة الإسلام المذكورة في قوله تعالى “إن الدين عند الله الإسلام”، تعني الدين الإلهي، وسيدنا إبراهيم عليه السلام بشر بالإسلام، “ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك “، وسيدنا نوح قال: “وأمرت أن أكون من المسلمين”، وسيدنا موسى نفس الشيء، حتى سيدنا عيسى عليه السلام “فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ”، كل الأنبياء جاءوا بدين الإسلام وقالوا نحن مسلمون لله”.

علماء الأزهر والأوقاف اعترضوا على توقيت تصريحات “عبدالجليل”، لا سيما أنها تتزامن مع هجمات إرهابية ضربت عددًا من الكنائس في مصر وأودت بحياة العشرات.

3 اتهامات يواجهها سالم عبدالجليل

بحسب خبراء القانون، فإن هناك عدد من الاتهامات يواجهها عبد الجليل بسبب تصريحاته الأخيره وهي: “ازدراء الأديان، ونشر أخبار من شأنها الإضرار بالسلم العام بالمجتمع، وإثارة الفتنة بالبلاد”.

وبالفعل تقدم الدكتور سمير صبري ببلاغ لنيابة أمن الدولة، للتحقيق معه وفق قانون الطوارئ، وتقدم المحامي نجيب جبرائيل بجنحة مباشرة أمام محكمة جنح أكتوبر ضد عبد الجليل يتهمه فيها بازدراء الأديان.

وقال المحامي طارق نجيدة، أن التهم التي قد يواجهها “عبد الجليل” تتلخص في “تكدير السلم العام، وإثارة فتنة بالبلاد، وازدراء الأديان”، مشيرًا إلى أنه لا يحبذ اتخاذ الأمور في هذا المجري القانوني لتكرار هذه المواقف لأكثر من مرة من قبل شيوخ أو قادة سياسيين خلال الفترة الماضية، معتبرًا الحلول القانونية لا تأتي بجديد.

 

جاءت أزمة تصريحات عبدالجليل في وقت تعالت فيه الأصوات بتجديد الخطاب الديني، لا سيما بعد انتشار الأفكار المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، فضلا عن إعداد مجلس النواب قانونًا جديدًا لتنظيم “إصدار الفتوى”، وتشكيل مجلس جديد لمكافحة الإرهاب والتطرف، فهل تتغلب “الهوية المصرية” على “التفسيرات الشاذة للنصوص الدينية” أم تقع في فخ “فتنة جديدة” تستغلها التنظيمات الإرهابية لضرب هوية الدولة؟
https://www.youtube.com/watch?v=jDJhUxi9wGo
https://www.youtube.com/watch?v=mtpIwt2hRs4