كتبت – علياء عصام الدين 

3 يوليو تاريخ ذو ثقل، فهو التاريخ الذي غير وجه المنطقة بعد ثورة ضد الإخوان المسلمين في مصر.

في 3 يوليو نجحت مصر في فرط عقد تنظيم الإخوان نهائيًا بعزل محمد مرسي والإطاحة بنفوذ الجماعة وأحلامها في لحظة تاريخية أنقذت مصر والمنطقة من كارثة وشيكة.

لقد ضرب 3 يوليو بفكرة خلق أحزاب إسلامية “معتدلة” عُرض الحائط ووضع حدًا نهائيًا للفكرة التي قام على جوهرها قبول نموذج “الرعب” المتمثل في تسيس الدين وتديين السياسة .

ذلك النموذج الذي أضحى مستحيلًا في العالم الإسلامي الذي يعاني من أزمة مفاهيم ووعي بالتراث والسياسة والدين على السواء.

استطاع 3 يوليو أن يغير كثيرًا من المفاهيم التي حكمت العقل الغربي تجاه الإسلاميين، فلم تعد الجماعات الإسلامية هي الضامن للاستقرار، كما فقدت مع الوقت قدرتها على تحريك الشارع.

المشكلة لم تكن في تنظيم الإخوان والقضاء عليه لكن تظل في كيفية قتل الفيروس الذي زرعه الإخوان في عقول ملايين العرب والمسلمين بإمكانية قيام “خلافة إسلامية” معتدلة.

اتساع بؤر الفوضى في الدول العربية كان وشيكًا في حال استمرار الإخوان فالجماعة المسيطرة كانت ستوفر ساحة خصبة لتنظيم القاعدة وكل التنظيمات الجهادية التي تبحث عن ملاذ أمن لها.

لقد كان من مصلحة طهران أيضًا على الجانب الآخر ترك المجال لقيام تحالف سني يظهر وكأنه يشكل تهديدًا وشكيًا على دولة الخميني، تحالف يقوم على أعتابه تحالف مضاد يتمثل في تنفيذ المشروع الإيراني في شكل “الهلال الشيعي” ليكتمل بهما طرفي السباق الإسلاموي.

من هنا بدأ الوعي بخطورة الموقف، لقد اجتمع الطرفين على عداء الخليج أحدهما يبذل قصارى جهده لتحويله لبؤرة شيعية والآخر يسعى لتوظيف ثرواته ضمن مشروع إيديولوجي إسلامي.

ولما كانت مصر المنصة التي انطلقت منها الحركات المتشددة، كان لا بد أن تكون السد الذي سيقف في وجهه، لا تستطيع أي دولة أخرى القيام بهذه المهمة القاسية والتي تتطلب سياسة النفس الطويل.

استطاعت الإمارات والسعودية ومصر أن تكشف المستور وتزيح الستار عن مصدر دعم الإرهاب في المنطقة فكشفت حقيقة تورط ” قطر” في تمويل ودعم الإخوان وغيرها من التنظيمات والمليشيات المتطرفة.

الدوحة الراعي الرسمي لمصالح الجماعة التي استماتت عبر منصتها “الجزيرة” في ضرب الصف الوطني المصري وبث بذور الفتنة.

لقد وقعت كل من الدوحة وأنقرة في فخ الإخوان، فغلبوا التشدد العقائدي على السياسة ولم يدركوا متطلبات المرحلة التي تعقب تاريخ 3 يوليو ورفضوا اللحاق بقطار التغيير.

خرجت كل من قطر وتركيا من موقفهم المتشبث بدعم الإخوان من دائرة “صفر مشاكل” إلى “صفر علاقات” فبدت تركيا في عزلة مع محيطها الأوروبي، وها هي قطر تأن تحت وطأة مقاطعة إقليمية واسعة لا مفر منها سوى الاستجابه لمطالب الدول العربية التي انهت مهلتها لقطر في ذات التاريخ 3 يوليو.

لم تكن مصادفة أن تنتهي مهلة الممول والداعم للإرهاب في ذات اليوم الذي أطاحت فيه مصر برأس الجماعة.

وكالمستجير من الرمضاء بالنار لجأت قطر لتركيا وإيران دون جدوى وأضحت على شفى حفرة من عقوبات جديدة .

لقد هيأت مصر المنطقة لمرحلة جديدة، مرحلة ما بعد الإخوان، لكن كثيرين لم يتفهموا طبيعة المرحلة ولا أسرار هذه الخطة التي دأبت مصر على تنفيذها لانتشال العالم العربي من قبضة الإرهاب والتطرف.

لم يكن 3 يوليو سوى بداية لرحلة طويلة وشاقة ربما تستهلك أجيالًا لتصل لنهايتها فالمسألة تحتاج لوقت ومشروع حقيقي لاستعادة المنطقة لوعيها الذي تم غسله، من خلال جيل من الحكام العرب الجدد المختلفين المؤمنين .