الاقتصاد السعودي بين خطر الانكماش وطموحات 2020

خالد شتات

 
كتبت – ولاء عدلان
 
أكد صندوق النقد الدولي تراجع عجز الموازنة العامة للسعودية من مستوى 17.2 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى 9.3 في المائة، في 2017، متوقعًا أن يصل إلى أقل من 1 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2022، وذلك في حال نجح توجه القيادة السعودية نحو تقليص الاعتماد على العوائد النفطية.
 
يبدو أن المملكة تسير بخطى واثقة على طريق خفض الاعتماد على النفط، إذ توقع الصندوق في ختام مشاورات المادة الرابعة مع السعودية، ارتفاع نمو القطاع غير النفطي في المملكة إلى 7.1 في المائة بنهاية 2017، ويأتي هذا بعد عام من كشف ولي العهد محمد بن سلمان عن خطته لعصر ما بعد النفط  “رؤية 2020”.
 
“النفط” كلمة السر
 
خطة الأمير الشاب تسعى إلى تغيير وجه المملكة النفطي، بالاعتماد على خطط التنمية المستدامة وإعادة هيكلة وخصخصة العديد من القطاعات والشركات الوطنية، بهدف توفير مبلغ 30 مليار دولار بعد 3 أعوام من الآن، إلى جانب رفع الإيرادات غير النفطية إلى 100 مليار دولار، واستثمار 50% من ممتلكات صندوق الاستثمارات العامة في استثمارات خارجية بحلول عام 2020، لمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020 بزيادة قدرها نحو 800 مليار دولار.
 
إلا أن استمرار الوتيرة المنخفضة لأسعار النفط يجعل الخبراء الاقتصاديين أكثر تشككا حول إمكانية تحقيق بعض أهداف هذه الخطة على المدى المتوسط، تقول مونيكا مالك -كبير الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري في مقابلة مع “بلومبيرج”- ما لم نبدأ في رؤية بعض العوامل المعززة للنمو الاقتصادي وفي مقدمتها ارتفاع أسعار النفط، فإن وتيرة الإصلاحات المالية من المرجح أن تبقى أبطأ مما كانت عليه في عام 2016، عندما خفضت السلطات الحكومية الإنفاق وخفضت الدعم الحكومي لقطاعات الطاقة.
 
فيما يرى المحلل الاقتصادي لأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقطاع البحوث بالمجموعة المالية/ هيرميس محمد أبو باشا، أن نمو القطاع غير النفطي لايزال ضعيفا، إذ إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ضمن خطة محمد بن سلمان من خفض للإنفاق الحكومي وتخفيض لدعم المحروقات والإعلان عن بيع حصص من شركات وطنية متعددة بما في ذلك أرامكو لا تعد كافية لتحقيق النمو بالنسبة المرجوة.
 
خطر الانكماش
كانت شبكة بلومبيرج الأمريكية توقعت -في تقرير لها- أن يسجل الاقتصاد السعودي هذا العام انكماشا للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية 2009، في حال استمرت أسعار النفط بعيدة عن الطفرات السعرية المرتفعة، وعزز هذه التوقعات غير المتفائلة تخفيض صندوق النقد لتوقعاته الخاصة بالنمو الكلي الإجمالي للناتج المحلي في المملكة إلى ما يقرب من الصفر.
 
وقالت ديما جردانه -رئيس بحوث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ستاندرد تشارترد/ دبي، في تصريحات لـ”بلومبيرج”- حتى الانتعاش في أسعار النفط إلى ما يصل إلى 55 دولارا للبرميل لن يكون كافيا لتحقيق التوازن المطلوب لمعالجة عجز واحدة من أضخم ميزانيات الدول في الشرق الأوسط بحلول عام 2020، موضحة أن الاقتصاد السعودي في حاجة إلى أسعار نفط تصل إلى 70 دولارا  ليعود إلى سابق عهده فيما يتعلق بمعدلات النمو.
 
وارتفعت أسعار النفط، الثلاثاء، بأكثر من 3% لتتجاوز مستوى 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أكثر من شهر، مدعومة بإعلان السعودية عن تقييد صادراتها النفطية عند 6.6 مليون برميل يوميا في أغسطس بما يقل بنحو مليون برميل يوميا عن المستويات المسجلة قبل عام، إلا أن هذا التقييد للإنتاج النفطي يهدد باستمرار انكماش اقتصاد أكبر دولة منتجة للنفط بالعالم، خاصة مع استمرار سياسات ترشيد الإنفاق الحكومي.
 
إذن سيختبر الوضع الاقتصادي المتراجع بالمملكة خلال الفترة المقبلة قدرة خطة ولي العهد على إجراء إصلاحات صارمة وإعادة هيكلة الاقتصاد للخروج من عنق الزجاجة النفطية، هذا على الرغم من أن النفط سيظل كلمة السر في نجاح هذه الخطة.