بعد غبار المعارك.. الموصل تلتقط أنفاسها من جديد

شيماء مصطفى

رؤية – محمد عبدالله

عاد صخب الحياة من جديد إلى أسواق الجانب الغربي من مدينة الموصل العراقية، فمنصات البيع تزخر بالخضر والفاكهة والحلويات، والمتسوقون يتجولون بحرية ودون خوف وسط الزحام بعد غياب دام لسنوات.

لكن في كل مكان تظهر آثار آلام مادية ونفسية ليس من السهل تجاوزها. فبعد أشهر من استعادة القوات الحكومية السيطرة على شرقي المدينة من تنظيم داعش الإرهابي، إلا أنه ومع ذلك لا يبدو الكل متفائلاً بسبب نقص الخدمات وإنعدام الأمن.

عودة الحياة

الحياة تعود شيئاً فشيئاً إلى الموصل وكذا البسمة إلى أطفالها بعدما فتحت نحو 47 مدرسة أبوابها لعودتهم من جديد إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع دام لسنوات بسبب سيطرة داعش على المدينة العراقية.

وبينما يستمتع الكثير من الأطفال في العالم بالعطلة الدراسية، يذهب الموصليون إلى المدارس لتعويض التأخير الذي سببه النزاع، فيما تواجه السلطات العراقية تحدياً لإعادة الأطفال الذين شردتهم الحرب إلى المدارس حيث يعيش مئات الآلاف من أبناء الموصل في مخيمات في انتظار إعادة منازلهم.

مدينة أشباح

ثلاث سنوات قضتها الموصل تحت سيطرة داعش قبل استعادتها من قبل القوات الحكومية بعد معارك استمرت ثمانية أشهر تحولت بعدها إلى “مدينة مدمرة”.

تسعة آلاف وحدة سكنية تعرضت لأضرار جسيمة أو دمرت بالكامل، وهذا الرقم يستثني الدمار الذي شهدته المدينة القديمة غرب الموصل التي كانت مسرحاً للقتال الأكثر احتداماً، حيث رجحت تقارير الأمم المتحدة رصدتها أقمار صناعية أن بالمدينة القديمة نحو 16 ألف بناية سكنية، أكثر من 5500 منها تعرضت لأضرار  بينها 3300 أضرارها جسيمة، بينما لحق الدمار الكامل لنحو 500 مبنى ووحدة سكنية.

المرافق العامة هي الأخرى لم تسلم من الدمار، فنحو 10% من طرق الموصل الغربية تعرضت لأضرار، إضافة إلى نحو 2% من طرق الموصل الشرقية بحسب تقارير أممية.

وأشار التقرير إلى أن نحو 400 منشأة تجارية وصناعية دمرت في المدينة. والجسور الخمسة التي كانت تربط غرب المدينة بشرقها دمرت بشكل كامل، ليبقى الجسر العائم الذي شيده الجيش لنقل معداته الرابط الوحيد لسكان المدينة الذين يريدون عبور نهر دجلة.

برلمانيون عراقيون من نينوى أكدوا أن شبكة نقل المياه ومحطة الكهرباء بالمدينة تم تدميرهما كذلك، إضافة إلى أن 25% من المؤسسات التعليمية تعرضت لأضرار جسيمة.

اتهامات بالتقصير

تواجه السلطات العراقية اتهامات بالتقصير من قبل سكان الموصل في تقديم المساعدات اللازمة لهم، إذ لم تنته معاناة النازحين الفارين من ويلات الحروب والقتال بانتهاء معركة استعادة مدينتهم، بل “مستمرة” وتزداد سوءاً بعد آخر في ظل أوضاع معيشية وانسانية صعبة في مخيمات الإيواء.

وبحسب تقرير منظمة الهجرة الدولية فإن معارك الموصل تسببت في نزوح أكثر من مليون عراقي أغلبهم في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

ووصف بيان منظمة “هيومن رايتس ووتش” المخيم الذي وصفته السلطات العراقية بأنه بهدف “إعادة التأهيل” يصل إلى حد مركز احتجاز للبالغين والأطفال، الذين لم يتهموا بارتكاب أي مخالفة.

ترقب مشوب بالقلق ينتاب سكان المدينة العراقية “المنكوبة” على أمل عودة الحياة إلى ما كانت عليه بعد استعادتها من قبضة تنظيم داعش، وإن كانت هواجس الطائفية وإنعدام الأمن لا تزال تسيطر على الكثير منهم.
https://www.youtube.com/watch?v=DCvMIVNBvm8
https://www.youtube.com/watch?v=S3zWYQnHd3g