ترامب وبوتين.. قمة تاريخية على صفيح دولي ساخن

حسام السبكي

حسام السبكي

تحت شعار “قمة اللا توقعات”، يلتقي الزعيمان الأمريكي “دونالد ترامب” والروسي “فلاديمير بوتين”، اليوم الإثنين، في العاصمة الفنلندية “هلسنكي”، التي تحتضن قمة تاريخية تجمع زعيمي البلدين، أو القطبين العالميين التقليديين، خاصًة فيما بعد حقبة “الحرب الباردة”، وما تلاها من توتر دائم في العلاقات بين الجانبين، كان آخرها أزمة أو شبهة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي لم يُحسم الجدل والشكوك حول صحتها حتى الآن.

وبالحديث عن قمة “ترامب وبوتين”، وما تصفه وسائل الإعلام العالمية، حول “اللا توقعات”، من ورائها، فقد عبرت تصريحات حديثة للزعيم الأمريكي، حول عدم تفاؤله -إن جاز التعبير- بخروج القمة بنتائج ملموسة بين الجانبين.

وقال ترامب، لمحطة (سي.بي.إس)، ”أذهب (إلى اللقاء) بتوقعات محدودة“، وتابع ”لست ذاهبا بتوقعات كبيرة”.

وقال جون بولتون -مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض لبرنامج (هذا الأسبوع) على شبكة (إيه.بي.سي)- ”طلبنا والروس وافقوا على أن (الاجتماع) سيكون مفتوحا. نحن لا نتطلع لنتائج ملموسة“.

 الأمر ذاته أكده السفير الأمريكي لدى روسيا أيضًا “جون هانتسمان” حول كون اللقاء بين ترامب وبوتين، مجرد “اجتماع”، ولا ينبغي وصفه بـ”القمة”.

قلق أوروبي

حالة من القلق، باتت واضحة على الأوساط السياسية والإعلامية الأوروبية، وفي مقدمتها حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، من التقارب الأمريكي الروسي مؤخرًا، والذي يدعمه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، منذ قدومه إلى البيت الأبيض، قبل أكثر من عام ونصف العام، بشكلٍ سري، وآخر علني، عبر تصريحات “ناعمة”، لتهدف لإدخال العلاقات الأمريكية الروسية في مرحلة جديدة أكثر إيجابية.

وعبرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، عن حالة القلق الأوروبي، حيث أكدت على وجوب ألا يسعى ترامب إلى التوصل لتسويات كبيرة خلال هذه القمة.

وأوضحت الصحيفة، أن بوتين قد تابع بلا شك التصريحات التي أدلى بها نظيره الأمريكي في بروكسل ولندن مؤخرا، محذرة من أن تقويض العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الأوربيين يصب في مصلحة بوتين.

وأردفت الصحيفة أن لقاء ترامب مع بوتين “سيكون الأسهل في جولته الأوروبية”.

وأشارت إلى أنه في حال تعاطى ترامب مع بوتين خلال اللقاء كصديق قديم، فإنه بذلك سيكون قد أضر بالأمن الدولي.

وتابعت الصحيفة بالقول: إن الاتفاق على لقاء يجمع بين ترامب وبوتين جاء على الرغم من أن روسيا لم تفعل أي شيء لمعالجة القضايا التي جعلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تفرض عقوبات منذ عام 2004.

ورأت الصحيفة أن بوتين وترامب عليهما توظيف أول قمة لهما للتوصل إلى اتفاقات تمهد لنوع من الثقة تجاه بعض القضايا الملحة في الوقت الحالي.

حالة التوتر الأوروبية، تبدو جليًا أيضًا، في تصريحات “ترامب” المثيرة مؤخرًا، والتي وصف خلالها الاتحاد الأوروبي بالخصم فيما يتعلق بالتجارة.

ففي مقابلة أجرتها معه محطة (سي.بي.إس) وبثت يوم الأحد، وصف ترامب الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا بأنهم خصوم اقتصاديون للولايات المتحدة، وقال: ”أعتقد أن الاتحاد الأوروبي خصم.. ما الذي فعلوه لنا في مجال التجارة“.

واستفزت تصريحات “ترامب”، رئيس المجلس الأوروبي “دونالد توسك”، للرد على الرئيس الأمريكي، مستخدما واحدة من العبارات المفضلة لترامب. وقال: ”أمريكا والاتحاد الأوروبي أعز أصدقاء.. من يقول إننا خصوم يروج أخبارا كاذبة“.

وفي سياق حالة “عدم التفاؤل”، عبرت روسيا هي الأخرى، عن صعوبة المحادثات مع الولايات المتحدة، خاصةً فيما يتعلق بالشأن السوري، بسبب موقف الولايات المتحدة من إيران حليفة روسيا وأحد أقوى الأطراف في الصراع السوري، فضلًا عن عدم استطاعة موسكو استغلال نفوذها للضغط على طهران لسحب قواتها من سوريا، خاصةً وكبار المسؤولين الإيرانيين الذين زاروا روسيا الأسبوع الماضي، سخروا من فكرة انسحابهم من سوريا.

ملفات ساخنة 

على الرغم من كون اللقاء أو القمة التي تجمع بين “ترامب” و”بوتين”، تصنف تحت بند “الاجتماع المفتوح”، والذي من المقرر أن يستعرض عشرات القضايا والملفات، إلا أن هناك، مسائل ملحة ينبغي أن لا تخرج القمة دون مناقشتها على الأقل، انتظارًا لنتائج أكثر إيجابية عن فصول النقاشات السابقة حولها.

1. انتخابات الرئاسة الأمريكية:

يعد ملف التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أحد أكثر الملفات الشائكة، في العلاقات المتوترة أصلًا بين البلدين، والتي يرى فيها خصوم “ترامب”، الوسيلة التي وصل بموجبها الزعيم الجمهوري إلى البيت الأبيض.

ورغم نفي الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وعدد من معاونيه، للاتهامات الأمريكية، وتصديق “ترامب” للنفي الروسي في ذلك، تظل القضية محل بحث دقيق داخل أروقة السياسة والقضاء الأمريكي، وتبقى “حُبلى” بالكثير والمزيد من التفاصيل.

فأجهزة المخابرات الأمريكية تعتقد أن روسيا حاولت دفع الناخبين للتصويت على ترامب، بينما وصف الرئيس الأمريكي التحقيق في إمكانية تدخل روسيا وعلاقتها بفريقه الانتخابي بأنه “تصيد له”، متهمًا الديمقراطيين بالتآمر عليه بعد خسارتهم في الانتخابات.

2. الحد من الانتشار النووي:

مع تفاخر الزعيمان “ترامب وبوتين”، بقدرات بلديهما النووية، فإنه من الضروري التأكيد على الاتفاق الموقع بين الجانبين، على خفض حجم ترسانتهما النووية، التي تعد الأكبر في العالم، والذي يسري حتى 2021، وفي حال الموافقة على تمديد الاتفاق المذكور، فإن هذا سيكون إيجابيًا.

3- العقوبات الأمريكية:

تشكل العقوبات الأمريكية خصوصًا، والأوروبية بشكل عام، محور إزعاج بالغ بالنسبة للروس، حيث فرضت الإدارة الأمريكية على أشخاص وشركات روسية، عقوبات، عقب ضم موسكو شبه جزيرة القرم، إضافةً لدعمها الدائم للانفصاليين في أوكرانيا، إلى جانب دورها البارز في دعم نظام الأسد وإيران وميليشياتها في سوريا، فضلًا مزاعم تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

وبشكلٍ عام، فإن الكونجرس الأمريكي، يمتلك صلاحيات تخفيف العقوبات، إلا أن الروس يبدون أكثر ترحيبًا بأي قرار سيأخذه ترامب من شأنه عدم توسيع العقوبات.

4- الأزمة السورية:

منذ دخول الروس، على خط الأزمة السورية، ووقفهم إلى جانب نظام الأسد، الذي تحولت له الدفة على الأرض، على حساب فصائل المعارضة المسلحة، وذلك على غير المزاج الأمريكي، الذي يسعى بشكلٍ أو بآخر، إلى إنهاء وجود الأسد على سدة الحكم في سوريا.

وبوجه أكثر تحديدًا، فإن من المقرر أن يركز لقاء الزعيمين “ترامب وبوتين”، على الرغبة الإسرائيلية في ابتعاد إيران والميليشيات التي تدعمها عن جنوب غربي سوريا القريبة من حدودها، ومن المتوقع أن يطرح ترامب تلك المسألة، ولكن من غير المعروف، ما إذا كان بوتين سيعرض على ترامب تحديد نشاطات إيران في سوريا.

5- التحدي النووي لكوريا الشمالية:

رغم حالة التقارب غير المسبوق، بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، مؤخرًا، على هامش اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ونظيره الكوري الشمالي “كيم جونج أون”، وما أبداه ترامب من ارتياح، عبر عنه في تصريحات حديثة، بكون الزعيم الكوري الشمالي “شخصية عظيمة” و”مفاوض جيد”، إلا أن القلق الأمريكي من عودة سنوات التوتر في شبه الجزيرة الكورية ما يزال قائمًا.

ويبدو القلق الأمريكي واضحًا في ضوء ما قاله مسؤولون أمريكيون من أن روسيا ساعدت بيونجيانج في الماضي على الالتفاف على عقوبات دولية، وعليه فإن إجراء محادثات بخصوص الأسلحة النووية والتحدي النووي لكوريا الشمالية يعد أمرًا بالغ الأهمية.