تحت قبة العدل الدولية.. طهران تواصل شدّ الحبال مع واشنطن

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تبدأ محكمة العدل الدولية، اليوم الإثنين، أولى جلساتها للنظر في دعوى قضائية رفعتها إيران، على خلفية إعادة تفعيل العقوبات الأمريكية ضدها إثر انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي جرى توقيعه عام 2015.

وتطالب طهران -في الدعوى التي حركتها منذ يوليو الماضي- بالرفع الفوري للعقوبات الأمريكية التي أعيد فرضها في مايو الماضي، وتقول إنها تلحق ضررا بالغا باقتصادها الوطني، وتمثل خرقا لاتفاقية صداقة مبرمة بين الدولتين منذ عام 1955، كما تطالب بالحصول على تعويضات أمريكية عن الأضرار المالية التي تسببت فيها هذه العقوبات، وذلك دون أن تحدد المبلغ المطلوب.

وتشمل الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ مطلع هذا الشهر، تجميد التعاملات المالية وواردات المواد الأولية بين البلدين، ومن المقرر أن تعقبها في نوفمبر المقبل تدابير تطال قطاعي النفط والغاز إضافة إلى البنك المركزي الإيراني، كما يتوقع أن تنضم معظم الشركات الأوروبية لواشنطن في هذه الخطوة خشية أن تخسر تعاملاتها المالية مع الولايات المتحدة.

هذه العقوبات تظهر إصرار ترامب على تنفيذ ما هدد به عندما قرر بشكل أحادي الانسحاب من الاتفاق النووي باعتباره يتضمن عيوبا تضمن للنظام الإيراني الاستمرار في برنامجه البالستي ودعمه للإرهاب، في الوقت الذي سارع الموقعون الآخرون على الاتفاق وهم ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين لإنقاذه، وضمان استمرار العمل به وخضوع مواقع إيران النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة،  مقابل السماح لطهران ببيع نفطها في الأسواق العالمية ولشركات أجنبية لبدء الاستثمار في البلاد.

يبدو أن إيران من خلال هذه الدعوى تحاول تغيير بعض قواعد اللعبة مع “أمريكا – ترامب” وتقديم نفسها للمجتمع الدولي بصورة الدولة الملتزمة بمساراته القانونية، ومن الغريب أنها لجأت إلى الاحتجاج على العقوبات باتفاقية صداقة وحقوق قنصلية جرى توقيعها قبل ثورة الخميني التي بدأت عقودا من العداء مع أمريكا.

طهران تعرف جيدا أن محكمة العدل الدولية لا تملك سلطة فرض تطبيق أحكامها، ومن السهل على واشنطن تجاهل أي حكم قد يصدر عنها، فماذ تريد من هذه الخطوة؟
 

يقول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: إن الدعوى تعكس التزام بلاده بسيادة القانون في وجه ازدراء الولايات المتحدة للدبلوماسية والالتزامات القانونية.

ويرى بعض الخبراء أن الرئيس الإيراني حسن روحاني راهن بكل ما لديه لإبرام الاتفاق النووي وخطب ود الدول العظمى عام 2015، واليوم يجد صعوبة في الدفاع عن موقفه أمام الرأي العام الإيراني مع تراجع الدعم له تدريجيا وسط زيادة الاحتجاجات الاجتماعية نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي هذه الدعوى مجرد محاولة لحفظ ماء الوجه، وربما لإحراج واشنطن أمام الشركاء الأوروبيين.

ومن المتوقع أن تستمر جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في الدعوى الإيرانية لأربعة أيام على أن يصدر قرارها في غضون شهر، ومن ثم سيقوم محامو الولايات المتحدة بالطعن والدفع بضرورة ألا يكون للمحكمة – المختصة بالتحكيم في النزاعات بين الدول وصاحبة أعلى سلطة قضائية في منظومة الأمم المتحدة- سلطة قضائية في هذا النزاع، وبأن معاهدة الصداقة لم تعد سارية وبأن العقوبات التي فرضتها لا تمثل خرقا بأي حال.

إذ الأمر يأتي ضمن سياسة شد الحبال بين أمريكا وطهران، وربما نشهد خلال ما تبقى من 2018 طاولة حوار تجمع روحاني وترامب على غرار قمة كيم – ترامب، لا سيما وأن الرئيس الأمريكي سبق وأن أعلن انفتاحه على التحاور مع القيادات الإيرانية وبدون شروط مسبقة.