قطر وإسرائيل.. “غرام الأفاعي” ترسخه الصفقات وتعززه وحدة الأهداف

أميرة رضا

كتبت – علياء عصام الدين

يبدو أن التحركات المشبوهة التي تقوم بها الدوحة في قطاع غزة، والأيادي التي تمتد لدفع القضية الفلسطينية إلى المجهول، لا تزال مستمرة.

وتواصل الدوحة التلاعب بالقضية الفلسطينية عبر فتح قنوات اتصال مع الكيان الصهيوني لتحقيق إنجازات تخدم مصالحها، كان أخرها اقتراح دفع قطر لرواتب موظفي حماس وموافقة الجانب الإسرائيلي.

علاقات دافئة

لطالما كانت العلاقة بين قطر وإسرائيل علاقة دافئة قائمة على أساس المصالح المشتركة وممتدة عبر التاريخ، ولا يتوانى “تنظيم الحمدين” على إبرام الصفقات مع الشيطان ذاته إذا كان سيحقق من خلاله مصالحه الخاصة.

وتزعم الدوحة حرصها على حقوق الشعب الفلسطيني والعمل على نقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إلا أنها تقيم علاقات قوية مع الكيان الصهيوني، الجلاد الذي يبطش بالشعب الأعزل، ففتحت ذراعيها لاستقبال حفيد وزير دفاع جيش الاحتلال الأسبق موشيه ديان، وشمعون بيريز في 1996.

ومؤخرًا استقبلت قطر بحفاوة فريق الجمباز الإسرائيلي، وكشفت تقارير إسرائيلية منذ أيام عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الدوحة.

 صفقة مشبوهة

ظهر اقتراح دفع قطر لرواتب موظفي حماس على السطح ليشعل النارمن جديد بين الدوحة والسلطة الفلسطينية التي أكدت مرارًا على ضرورة التنسيق عبرها بشأن كل ما يخص القطاع.

تدعي قطر أنها تتدخل في سياق المحادثات بهدف المصالحة بين حماس وفتح والتي توسطت فيها القاهرة وأصرت فيها حماس على أن يكون دفع الرواتب جزءًا من الاتفاق مع السلطة.

وافقت إسرائيل على السماح لتنظيم الحمدين بنقل أموال حكومة حماس في قطاع غزة لدفع رواتب موظفي القطاع العام، وقال تقرير نشرته “هآرتس” إن إسرائيل مهتمة بتشجيع نقل الأموال القطرية لمنع انهيار إنساني قد ينفجر في وجوهنا.

وكانت مفاوضات قد جرت بين الطرفين حصلت بموجبها إسرائيل على ضمانات بأن المال سيتم تخصيصة لأهداف محددة ولم يتضح بعد موافقة إسرائيل النهائية على الصفقة أو مشروع مفصل منها.

ومن المتوقع أن يستخدم المال لدفع الرواتب بغزة في الأسبوعين المقبلين، حيث أعدت وزارة المالية قائمة تحوي أسماء الموظفين الذين سيحصلون على رواتب بناء على توجيهات القطريين.

ومن المرجح أن تحوي القائمة أسماء لمسؤولين أمنيين في الشرطة والقوى الأمنية التابعة لحماس للحصول على رواتب من الدوحة.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد استخدم الرواتب كورقة ضغط وعقاب لحماس على إنشاء مجلس إداري مستقل في غزة.

في المقابل تطالب حماس منذ سنوات السلطة الفلسطينية بدفع رواتب موظفي القطاع العاملين في الحركة منذ اسيتلائها على غزة في 2007، بيد أن رام الله تصر على تسيلمها النشاطات الحكومية أولا بما فيها جمع الضرائب.

استفزازات ومناكفات

تعاود قطر الالتفاف وتطويق السلطة الفلسطينية وتهميشها من خلال الاتفاق مباشرة مع الكيان الصهيوني دون الرجوع للسلطة بحجة حل أزمة الرواتب.

وأثارت تحركات الدوحة حفيظة رئيس السلطة الفلسطينية محمود -عباس أبو مازن – الذي رفض في وقت سابق تدخل أي دولة في قطاع غزة دون المرور عبر بوابة السلطة الفلسطينية والتنسيق من خلالها.

وكانت قطر قد خصصت مبلغ 60 مليون دولار لشراء سولار من شركات إسرائيلية والتعاون من تحت الطاولة مع نيكولاي ملادينوف مبعوث السلام للشرق الأوسط بغية إدخال حافلات إلى غزة دون التنسيق مع القيادة الفلسطينية.

ولم تكن اتفاقات الدوحة مع الجانب الإسرائيلي هي الاستفزاز الوحيد للسلطة الفلسطينية، فأدوار قطر المشبوهة في القطاع لا تعد ولا تحصى، وجاءت زيارة الوفد القطري برئاسة حمد بن فهد آل ثاني في إطار الاستفزازت والمناكفات التي اعتادت قطر على القيام بها لتوسيع نفوذها في القطاع.

وقد حرصت قطر على دعم حماس وتنفيذ الأجندة الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني، وبينما تظهر في للعيان فيدور المصلح والمحب للخير والهادف للمصالحة تسعى بشكل حثيث على تنفيذ أجندتها في إفشال المصالحة بإشعال فتيل الخلافات بين حماس والسلطة بتهميش متعمد للسلطة الفلسطينية لن يمر مرور الكرام بالنسبة للأخيرة.

ودأبت قطر في محاولات تطويق السلطة الفلسطينية عبر عقد اتفاقيات للتهدئة مع حماس تصب في خانة من يقاومون دور الحكومة الوطنية في القطاع.

مظلة العمل الإنساني

إن التواجد المستمر لقطر في الأراضي المحتلة تحت مظلة الدعم والعمل الإنساني أضحت مستفزة لأبعد الحدود وتثير علامات استفهام لا تنتهي، فالسيطرة على قطاع غزة عن طريق المال والمساعدات الموجهة من قطر إلى حركة حماس على رأس أولويات تنظيم الحمدين.

وتسعى الدوحة لإحكام السيطرة على الحركة من جانب والتواجد المستمر في الداخل الفلسطيني من جانب آخر واستغلال الحركة ضد خصومها.

وتستغل قطر فكرة المساعدات العينية والمالية لغزة وأخيرًا دفع رواتب موظفي القطاع ليصب في خانة تعزيز نفوذ حماس بالقطاع الأمر الذي يدفع الأخيرة للتنصل من التزامها بالمصالحة وهو هدف قوي بالنسبة للدوحة.

وتلجأ قطر لدفع رواتب الموظفي في القطاع للحفاظ على وجودها في غزة، كما فعلت سابقًا في شراء الغاز وإدخاله إلى القطاع عبر قناة الأمم المتحدة.

وتحاول الدوحة بكل الطرق إفشال الدور المصري ونسف جهود المصالحة، لتحافظ على نفوذها في الأراضي المحتلة ولتذهب القضية إلى الجحيم في سبيل الوصول إلى أهدافها وتنفيذ أجندتها في الداخل الفلسطيني.