“مجزرة المسجدين” بنيوزيلندا.. قصص تروي بطولات وتضحيات

شيماء مصطفى

رؤية – محمود طلعت

بدم بارد وبأسلحة رشاشة على ألحان موسيقى عسكرية صاخبة، نفذ الإرهابي الأسترالي برينتون تارانت جريمته الشنعاء التي أطلق فيها الرصاص صوب المصلين في نيوزيلندا، ما أسفر عن مقتل 50 شخصا وجرح 50 آخرين.

المجزرة التي استهدفت مسجدين في مدينة كرايس تشيرتش برزت خلال قصص بطولية تقشعر لها الأبدان نسلط الضوء على أبرزها.

الطفل الرضيع “ابن رشد”.. والده شكّل درعا لحمايته

انتشرت على نطاق واسع صورة اعتبرت الأكثر تعبيرا عن المشاعر الإنسانية، في مذبحة المسجدين بنيوزيلندا، لأب حمى ابنه الرضيع من الرصاص خلال هجوم السفاح الأسترالي برينتون تارانت.

الصورة أظهرت الأب “زولفيرمان” وهو ممدٌ أرضا، وابنه “ابن رشد” البالغ من العمر عامين، بعد إطلاق النار الذي استهدف المصلين في مسجد لينوود، الذي توّجه إليه السفاح بعد إطلاق النار على المصلين في مسجد النور.

ووفق تقارير إعلامية، فإن الأب ألقى بجسمه على طفله وغطاه بالكامل ليخفيه، بحيث لا يراه السفاح، وبهذه الطريقة أبعد عنه الموت بإبعاد الرصاص الذي تلقاه عنه في جسمه وحده.

ومع أن شظايا من الرصاص أصابت فخذ الطفل الصغير، إلا أنها لم تمنعه من زحزحة نفسه عن جسم أبيه، ليخرج ويتفقده وهو ملقى في غيبوبة كاملة على سجادة لطختها الدماء.

وتُظهر اللقطات التي التقطت بعد الحادث ابن رشد وهو يجلس بجانب والده المصاب. وأصيب ابن رشد إصابات طفيفة في الساق، وخضع والده لجراحة عاجلة وحالته مستقرة.

وقالت ألتا ماري، زوجة زولفيرمان، لصحيفة “نيوزيلند هيرالد”: “زوجي شكّل درعاً لحماية ابننا خلال الهجوم على مركز لينوود الإسلامي، مما تسبب في تلقيه معظم الطلقات وإصابته إصابات أكثر خطورة من ابننا”.

حنكة أفغاني تنقذ 100 مصل من “مجزرة المسجدين”

كتبت وسائل الإعلام عن حنكة رجل أفغاني تمكن من إنقاذ زهاء 100 مصل في الهجوم الإرهابي على مسجد لينوود في نيوزيلندا.

الأفغاني عبدالعزيز (48 عاما) رحل عن بلاده منذ سنوات إلى نيوزيلندا، واستقر في كرايست تشيرش قبل عامين ونصف، حيث فتح متجرا للأثاث يعيش على إيراده، وكان داخل المسجد مع أطفاله الأربعة، وهرع إلى الخارج تاركا إياهم في المسجد عندما سمع أحدهم يصرخ ويحذر من إطلاق نار في الخارج.

يقول عبدالعزيز: “عندما رأيت المهاجم بزي عسكري، لم أكن أعلم إن كان مجرما، أم عسكريا. وبعد أن تداركت ما يحدث، وقعت يدي على آلة لمسح البطاقات الائتمانية كانت قريبة مني، فعاجلته بها ليلقي سلاحه ويعود على أدراجه إلى سيارته”.

وأضاف: “عندما ابتعد، حملت البندقية التي ألقاها وصوبتها عليه فيما كان عائدا نحو المسجد ثانية وبيده بندقية ثانية، ثم خشي مني ظنا بأنني سأقتله بالبندقية التي تبيّن لي أنها فارغة من الطلقات. وبعد أن استدار ليغادر بالسيارة، رميت البندقية باتجاهه فأصابت زجاج السيارة الذي تحطم في وجهه، وهو يغادر المكان بسرعة جنونية”.

وتابع قوله: “عندما رآني المهاجم حاملا السلاح، عاد إلى سيارته، ورميت السلاح على زجاج سيارته وحطمته، الأمر الذي دفعه للفرار بالسيارة مسرعا”، مما ساعد زهاء 100 من المصلين على الاختباء في المسجد والنجاة.

30 ثانية فصلت منتخب بنجلادش عن المجزرة

بتفاصيل تقشعر لها الأبدان، روى لاعب كريكت من بنجلادش قصة إفلاته وزملائه في المنتخب الوطني للكريكت من الموت، خلال هجوم المسجدين في نيوزيلندا.

وكان من المقرر أن يتوجه أعضاء منتخب بنجلادش للكريكيت، الذي يخوض مباريات ودية في نيوزيلندا، إلى المسجد في مدينة كرايس تشيرتش لأداء صلاة الجمعة، قبل الذهاب للتدريب، لكن تفاصيل صغيرة أجلت رحلتهم 30 ثانية، كانت كافية لتأخيرهم عن الهجوم الدامي.

نجم الكريكيت البنجلادشي تميم إقبال، قال: إن حافلة الفريق كان من المفترض أن تغادر للمسجد الساعة 1:30 ظهرا، لكن نجم الفريق رياض بهاي تأخر قليلا في مؤتمر صحفي إلزامي، ليعود بعدها لغرفة الملابس.

وأوضح إقبال أن اللاعبين انشغلوا قليلا بتحد ودي لكرة القدم بين اثنين من عناصر الفريق، داخل غرفة تبديل الملابس الخاصة بالمنتخب، الأمر الذي أخر الفريق “بضعة دقائق” إضافية، وفقا لإقبال.

وتوجهت الحافلة بعدها مباشرة للمسجد في كرايس تشيرتش، لكن عناصر الفريق تفاجأوا بمناظر “مرعبة” عند الوصول قرب المسجد، حيث رأوا رجلا ملقى على الأرض، ثم وجدوا رجلا مغطى بالدماء ويترنح خارج المسجد.

وقرر سائق الحافلة الوقوف خارج المسجد قرب أحد السيارات، ليستفسر عما حصل، لترد عليه امرأة مذعورة منهمكة بالبكاء قائلة: “لا لا لا تذهبوا للمسجد، الأمر يحصل في المسجد”.

وقال إقبال: إن الذعر انتاب جميع اللاعبين، حتى إن سائق الحافلة تسمر في مكانه ولم يحركها، مما أثار خلافا كبيرا بين اللاعبين والسائق، وبقيت الحافلة هناك حوالي 7 دقائق، حتى وصلت الدفعة الأولى من رجال الشرطة.

ومن رواية نجم منتخب بنجلاديش للكريكت، يبدو أن الحافلة وصلت أثناء الهجوم، أو بعده بـ30 ثانية، حسبما قدر إقبال، وكانت التفاصيل الصغيرة التي عاشها الفريق في نيوزيلندا كفيلة لإنقاذ أرواحهم من المجزرة.