هدر الطعام في عالم جائع.. الغذاء أكبر بكثير من حدود “أطباقنا”

ولاء عدلان

 كتبت – ولاء عدلان

رغم  أن التبذير والهدر من العادات المذمومة، إلا أنها تكون حاضرة بقوة خلال الشهر الفضيل في بلادنا العربية، جراء ارتباطه بإقامة العزائم الرمضانية التي تكون حافلة بكل ما لذ وطاب، وبكميات تفوق الحاجة، يكون مصير أغلبها سلة المهملات في نهاية الأمر!.. وتقدر كمية الطعام التي يتم هدرها سنويا  على الصعيد العالمي بنحو 1.3 مليار طن من الغداء الموجه للاستهلاك البشري مقابل نحو  821 مليون شخص يعانون من الجوع، وأكثر من 113 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي!.
 
بحسب منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة يقوم الفرد الواحد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بهدر 250 كيلوجرام من الطعام الصالح للأكل سنويا، وفي الدول المتقدمة تقدر هذه النسبة بـ115 كلج مقابل 11 كلج في الدول الفقيرة، وفي بعض الدول العربية الغنية تقدر قيمة ما يتم هدره من الطعام سنويا بالمليارات ففي السعودية يصل الرقم إلى 13.3 مليار دولار سنويا، هذا الرقم ينخفض لأقل من النصف في بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث تتراوح نسبة هدر الطعام  يبين 95 إلى 115 كلج سنويا للفرد.

هدر الطعام في مواجهة “الجوع”
تقول الـ”سي إن بي سي” في تقرير لها، إن تخفيض هدر الطعام عالميا بنسبة الربع سنويا، من شأنه أن يساعد على إطعام نحو 870 مليون جائع، ما يعني القضاء على ظاهرة الجوع حول العالم، فضلا عن ذلك من شأن خفض الهدر بمعدلات تتراوح بين 20% و50% أن توفر لبلدان العالم من 120 إلى 300 مليار دولار، إذ  تقدر قيمة ما يتم هدره من الطعام في البلدان الصناعية سنويا بـ 680 مليار دولار.

يشير مصطلح هدر الأغذية بحسب تعريف منظمة “الفاو”، إلى التخلص من أو استخدام بديل غير غذائي للطعام الآمن للاستهلاك البشري، أما فقد الأغذية فيعرف على أنه فقد للطعام في سلسلة التوريد بين المُنتِج والسوق، وتؤكد المنظمة الأممية أن مشكلة هدر الطعام تعد من أهم مخاطر تهديد البيئة والاقتصاد والتنوع البيولوجي، وفي حين تهدر الشعوب نحو ثلث ما يتم إنتاجه من الأغذية، يوجود نحو مليار شخص داخل دائرة الجوع.

وتضيف يجسد الغذاء أكثر بكثير مما هو موجود على سطح أطباقنا، إذ يمثل هدره إساءة لاستخدام الموارد البشرية والمياه والطاقة والأراضي والموارد الطبيعية الأخرى التي دخلت في إنتاجه، والحد من فقده أمر بالغ الأهمية لخلق عالم خالٍ من الجوع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في العالم.

 في أبريل الماضي كشف التقرير العالمي حول الأزمات الغذائية الذي يصدره الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع الفاو، أن نحو 113 مليون شخص في 53 دولة حول العالم عانوا من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال 2018، مقابل نحو 143 مليون شخص في 42 دولة على بعض خطوة واحدة من دائرة الجوع الحاد،  و 821 مليون يعانون من الجوع المزمن.

أسباب الجوع الجذرية بحسب تقرير الأزمات الغذائية العالمي، أبرزها الصراعات، وعدم الاستقرار، وتأثير الصدمات الناتجة عن تغير المناخ، والصدمات الاقتصادية، وعدم الاهتمام بالبنية التحتية الريفية.

إنقاذ الأرواح
يقول المدير العام لـ”الفاو” جوزيه غرازيانو دا سيلفا: يتضح جلياً من التقرير العالمي للعام 2018، أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو الشكل الأكثر تطرفًا للجوع، لا يزال مرتفعًا للغاية، ويجب أن يحرك  هذه الرقم العالم على نطاق واسع، لتعزيز قدرة الأشخاص المتضررين والضعفاء على الصمود، عبر العمل الإنساني والتنمية المستدامة وتعزيز فرص السلام.. لأن إنقاذ الأرواح يتطلب إنقاذ سبل العيش.

 هنا تبرز الحاجة إلى تقليل فقد الطعام، لإنقاذ سبل العيش المتمثلة في موارد إنتاج الغذاء نفسه، فبحسب منظمة الأغذية والزراعة، تهدر شعوب الدول الغنية حوالي 222 مليون طن من الغذاء سنويا، ما يعادل تقريبا صافي إنتاج الأغذية في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء “230 مليون طن سنويا”.

ولتقليل هدر الغذاء حول العالم تعمل “الفاو” بالتعاون مع الحكومات والهيئات الدولية الآخرى على:

1-  وضع سياسات وبرامج للحد من فقد الأغذية وهدرها، على المدى الطويل.

2-  زيادة التوعية العامة حول الآثار السلبية لهدر الغذاء.

3-  التنسيق بين الجهات الفاعلة في سلسلة الإمداد بالأغذية، تحديدا المزارعين، ومقدمي الخدمات، والمجهزين، والتجار، بالتعاون مع القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني.

4-  توفير المعلومات حول التعامل الآمن مع الأغذية، وتخزين الغذاء بشكل صحيح في المنزل، وفهم تواريخ ” يفضل الاستهلاك قبل” على الأغذية على نحو جيد يقلل من الهدر الغذائي.

5-   دعم البرامج والمشاريع التي يجري تنفيذها من جانب القطاعين الخاص والعام لمواجهة هذه المشكلة.