على غرار تيريزا ماي.. هل يسقط جونسون في براثن البريسكت؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

صادق البرلمان البريطاني ضد إرادة رئيس الوزراء جونسون على قانون يوقف خططه للخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق. معارضة البرلمان دفعت جونسون للدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهي دعوة رفضتها المعارضة، واشترطت حسم مسألة الخروج من دون اتفاق، فكيف السبيل إلى طلاق سلس بين لندن وبروكسل؟ وما مصير جونسون؟
وفيما سبق، فقد علق رئيس الوزراء جونسون البرلمان البريطاني أملًا في تمرير البريكست بدون عرقلة النواب للقرار. تداعيات قرار تعليق البرلمان كانت مجازفة حقيقية من قبل جونسون، حيث خرجت أكثر من 40 مظاهرة في لندن ومدن أخرى بالمملكة المتحدة ضد قرار رئيس الوزراء، وسعيه للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وذلك في ظل دعوات للعصيان المدني.
وحتى على صعيد أنصاره، خسر رئيس الوزراء البريطاني زعيمة حزبه في اسكتلندا، روث ديفيدسون، والتي تقدمت باستقالتها بعد يوم واحد من قرار تعليق عمل البرلمان.
الحقيقة أن ديفيدسون كانت من المدافعين البارزين عن بقاء بريطانيا داخل التكتل الأوروبي، وهو سبب الصدام بينها وبين جونسون، وقالت في هذا الصدد: “رغم أنني لا أخفي الصراع الذي استشعرته بسبب بريكست، فقد حاولت رسم طريق لحزبنا يقر بنتيجة الاستفتاء ويحترمها، وفي الوقت نفسه يسعى إلى تعظيم الفرص وتقليل المخاطر بالنسبة للشركات والقطاعات الرئيسية في اسكتلندا”.
انتخابات مبكرة
ولم يقتصر الأمر على زعيمة المحافظين في اسكتلندا، ففي صفوف المحافظين المعتدلين أيضا، أثار تعليق عمل البرلمان استياءً، ووصفه وزير المال السابق فيليب هاموند، المعارض للخروج من الاتحاد بلا اتفاق، بأنه “فضيحة دستورية”.
وعلى الجانب الآخر في بروكسل، واصل الاتحاد الأوروبي تحذيراته لرئيس الوزراء البريطاني، من أنه في حال خروج بريطانيا من التكتل من دون اتفاق فإن المملكة المتحدة وحدها هي من ستتحمل المسؤولية والعقبات.
ومع إصرار جونسون على إدخال تعديلات جوهرية على اتفاق الانسحاب الذي أبرمته رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع بروكسل، تسود مخاوف من تزايد احتمالات خروج بريطانيا من التكتل من دون اتفاق، الأمر الذي أدى إلى وجود دعوات لانتخابات عامة جديدة.
الفرصة الأخيرة

ولوّح مسؤولون برئاسة الحكومة بالدعوة لانتخابات رغم تأكيد جونسون أنه لا يريدها، وقال وزير الخارجية دومينيك راب: إن رئيس الوزراء سيعرض تفاصيل بشأن الانتخابات المبكرة المحتملة التي قد تجرى في 14 أكتوبر المقبل، قبل أسبوعين من حلول موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

فيما قال زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن: “نريد انتخابات عامة للإطاحة بعصبة جونسون المتصنعة الشعبوية. علينا الاتحاد لمنع الخروج دون اتفاق. قد يكون هذا الأسبوع فرصتنا الأخيرة”.
كما يؤكد كوربن، على أن الانسحاب من دون اتفاق سيضع بريطانيا تحت رحمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والشركات الأمريكية، وأشار في هذا الإطار إلى 3 مرات سابقة رفض فيها البرلمان البريطاني اتفاق الانسحاب الذي أبرمته رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي والاتحاد الأوروبي، معتبرًا أن هذا الأمر عمّق الأزمة المستمرة منذ 3 سنوات، وهو ما يهدد وضع بريطانيا كواحدة من أهم المراكز المالية في العالم، ووجهة مستقرة للمستثمرين الأجانب، ويجعلها تحت رحمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والشركات الأمريكية.
الإطاحة بجونسون
وتتطلب الدعوة لانتخابات مبكرة تأييد ثلثي أعضاء مجلس العموم البالغ عددهم 650 نائبا، وينطوي هذا على مخاطر لجونسون، حيث سبق أن اتخذت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، قرارا مماثلا لتسفر الانتخابات المبكرة عن خسارة حزبها الأغلبية.

وتؤكد المؤشرات جميعها أن الخاسر الأول في إقرار “بريكست” دون اتفاق هي بريطانيا، فقد أعلنت رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي، الأربعاء الماضي، استعداد بلادها لتحل محل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

وتؤكد الرئيسة الجورجية أن “80% من الشعب الجورجي يؤيد منذ نحو 15 عامًا الانضمام إلى أوروبا”، وأن “طموح جورجيا الأوروبي لم يكن يومًا بهذا العزم”.
بينما يستمر الوضع مرتبكًا في بريطانيا بين احتمالات غير مؤكدة، أولها الإطاحة برئيس الوزراء الحالي على غرار ما حدث مع رئيسة الوزراء السابقة، حال الموافقة على مذكرة الحجب التي يسعى إليها زعيم العمال جريمي كوربن، أو أن يصل الأمر إلى بريكست وطلاق قاسٍ دون اتفاق، أو العودة مجددًا إلى مفاوضات وإرجاء البريكست مجددًا، وهو احتمال بعيد جدًا.
انهيار اقتصاد بريطانيا

وبمطالعة المشهد، نجد أن أزمة “البريكست” قد ألقت بظلالها بالفعل على اقتصاد لندن، حيث سجلت الأسهم البريطانية تراجعًا خلال التعاملات اليومية، وسط تزايد المخاوف بشأن احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

كما هبط سعر صرف الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى في عامين مقابل الدولار، مع تأثر معنويات الأسواق باحتدام الخلافات السياسية في بريطانيا بشأن الخروج من الاتحاد، واحتمال تنظيم انتخابات مبكرة.