إضراب المعلمين الأردنيين مستمر .. لا حيلة بيد الحكومة وصوت الحكمة غائب

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

عمّان – باتت جميع السيناريوهات والتوقعات مفتوحة على مصراعيها، بعد إعلان نقابة المعلمين الأردنيين استمرار وبعدما رمت حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز، كل أوراقها في مساعيها لإنهاء الأزمة التي شارفت على إتمام شهرها الأول.

وفي آخر مستجدات الأزمة، أعلن نائب نقيب المعلمين الدكتور ناصر النواصرة، استمرار إضراب أكثر من 130 ألف معلم ومعلمة، يوم الأربعاء، متجاهلًا بذلك، كل الدعوات الحكومية لإنهاء الإضراب والتهديد ببدء إجراءاتها الإدارية للمتغيبين.

وردًا على قرار المحكمة الإدارية التي أعلنت وقف الإضراب، قال النواصرة خلال مؤتمر صحفي عقده مساء الثلاثاء، إن النقابة تنوي الطعن على قرار المحكمة خلال المدة القانونية.

وقال نائب النقيب -الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين- “نحترم السلطة القضائية، وملتزمون بالقانون، لكننا في النقابة نمارس حقنا الدستوري بالتعبير في الرأي بوسائل سلمية”.

وكرر النواصرة دعوته الحكومة للاعتذر عما حدث مع المعلمين أولى أيام الإضراب وتحديدًا يوم الخميس 5 أيلول ، معتبرا ان الاعتذار لا يشكل أي عبء مالي على الحكومة.

وجدد نائب النقيب تمسك النقابة بمطالبها المتمثلة في علاوة الـ50%، ورفض أي مقترح لا يتوافق وتطلعات المعلمين ولا يضمن لهم حياة كريمة، مشددًا على أن أبواب الحوار ما زالت مفتوحة وأن الإضراب دستوري.

قانونية الإضراب

وفي الإشارة إلى قانونية استمرار المعلمين بإضرابهم، قال رئيس اللجنة القانونية بمجلس الأعيان الدكتور كمال ناصر: إن قرار المحكمة الإدارية لم يمس أصل الحق، حيث تضمنت الدعوى وقف الإضراب، فيما قررت المحكمة الإدارية، وفقاً لصلاحياتها وتفضيلها، مصلحة على أخرى ووصلت إلى نتيجة مفادها أن الخطر الذي قد يفوت مع الحق أدى إلى اجتهادها وأصدرت قراراً نافذاً يتطلب مراعاته.

وأوضح في تصريحات صحفية، أن القرار واجب التنفيذ ويجوز الطعن فيه خلال 15 يوماً، متمنياً أن تقوم نقابة المعلمين بالإسراع بالطعن.

ويرى ناصر أن “الحل يكمن في الاحتكام للقانون، والقانون حضارة، والاحتكام للمصلحة العامة واجب، والاستجابة للمعلم مصلحة عامة، ولكن أيضاً، تحقيق مصلحة الطالب وبدء العام الدارسي هي أيضاً، مصلحة عامة، ونحن مع المعلم وكرامته، ومع الطالب، أيضاً”.

بيد أن لديوان التشريع والرأي رأي آخر، يتمثل في أن إضراب المعلمين بشكله القائم حالياً، غير مشروع لمخالفته التشريعات المعمول بها في المملكة، ومن شأنه أن يعرّض الموظّف المضرِب إلى فقد وظيفته في حال استمرّ به.

وأوضح الديوان، أن “الموظف المضرب معرض لفقد الوظيفة إذا استمر في الإضراب لمدة عشرة أيام عمل متصلة أو متقطعة خلال السنة، وذلك بموجب البند (2) من الفقرة (أ) من المادة (169) من نظام الخدمة المدنية”.

وأشار الديوان -في بيان حصلت “رؤية” على نسخة منه- إلى أن حضور المعلم إلى المدرسة وامتناعه عن الدخول إلى الغرفة الصفية وأداء مهامه التعليمية “يدخل في مفهوم التغيّب عن العمل الذي يترتب عليه حرمانه من راتبه الأساسي وعلاواته عن المدة التي يتغيب فيها عن عمله سنداً لأحكام الفقرة (أ) من المادة (22) من نظام الخدمة المدنية”.

الحكومة الأردنية استنفدت أوراقها

وكثفت الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة التربية والتعليم اليوم الثلاثاء، خطابها للرأي العام، بضرورة إرسال أبنائهم للمدارس والانتظام في الدوام المدرسي، لكن على أرض الواقع كان المشهد مخيبًا لآمالها.

وعلى مدار ساعات اليوم، اجتهدت الحكومة في تكرار أنها ستبدأ باتخاذ الأجراءات الإدارية بحق كل معلم يتغيب عن الدوام المدرسي ولا ينتظم بالدوام مع الطلبة داخل الصفوف الدراسية.

كما لم تفلح الحكومة في خطة استدعاء المعلمين البدلاء ليحلوا مكان المعلمين المضربين عن العمل، في وقت انقسم فيه الشارع بين مؤيد للحكومة وطيف أوسع للنقابة والمعلمين.

من يتحمل المسؤولية؟

إلى ذلك، حمّلت 30 منظمة وحزبا ومؤسسات مجتمع مدني، حكومة الرزاز مسؤولية استمرار إضراب المعلمين، بسبب ما اعتبرته “تعنتها إزاء مطالبهم، وعدم استجابتها لأي مبادرة تم طرحها من قبل النقابة وجهات الوساطة”.

وأصدرت المنظمات بيانًا -حصلت “رؤية” على نسخة منه- أكدت فيه “رفضها القاطع لممارسات الحكومة الأردنية طيلة الأسابيع الماضية والحملات الإعلامية المضللة التي هدفت خلالها إلى الطعن بمشروعية الإضراب وقانونيته، وتحميل نقابة المعلمين وحدها مسؤولية انقطاع الطلاب عن الدراسة”.

وأعلنت المؤسسات في البيان، رفضها بتجييش الحكومة للمواطنين ضد المعلمين عبر “حملات شيطنة شاركت فيها وسائل إعلام منحازة، وليس انتهاءً بالإجراءات العقابية غير القانونية بحق عدد من المعلمات المشاركات بالإضراب”.

وأشارت النقابات إلى أن “هذه الإجراءات تظهر أن الحكومة قصدت التأزيم دون حساب نتائج هذه الأفعال على السلم المجتمعي وعلى مستقبل العملية التربوية برمتها، ووضعت الطلبة في مواجهة معلميهم”.

أما البرلمان الذي لم يكن له دور بارز في الأزمة، فطالب عدد من أعضائه نقابة المعلمين وقف الإضراب والالتزام بقرار المحكمة الإدارية على الفور.

وطالب النائب علي الخلايلة في تصريح صحفي، إن الجميع ملزمون باحترام الدستور والقضاء والقوانين الناظمة، مشددا في الوقت ذاته “أن على اعضاء المعلمين مراعاة مصلحة الوطن العليا وحق ابنائنا في التعلم والذي يعتبر حقا فوق اي مصلحة”.

وأمام إصرار المعلمين على الإضراب وتمسكهم به لتحقيق مطالبهم، وفي ظل استنفاد الحكومة لمعظم علاجاتها الجراحية للأزمة دون جدوى، يرى مراقبون أن العام الدراسي برمته بات مهددًا بالإلغاء، ما لم يتدخل حكماء الدولة لحل الأزمة.