مظاهرات الانفصاليين تتجدد.. هل ستشهد إسبانيا “كتالونيكسيت”؟

شيماء مصطفى

رؤية- محمود رشدي 

بين الفينة والأخرى، تشتعل الأحداث بإقليم كتالونيا الإسباني رغبة في الانفصال عن الدولة، معتبرين أن هويتهم تختلف عن الهوية الإسبانية، وفي الأيام الأخيرة اندلعت التظاهرات للضغط على الحكومة للإفراج عن قادتهم المعتلقين.

ونظرً ا لأن التكنولوجيا ذللت الطرق أمام قوى التغيير؛ إذ فتحت مجالات عدة على منصات التواصل للتعبير عن آرائهم بعيدًا عن قبضة الأمن، حتى تلك التي تخترقها السلطات، يسارع المحتجين لتطبيقات أخرى أكثر أمانًا من بينها تسونامي الديمقراطي “Tsunami Democratic” الذي تستخدمه احتجاجات كتالونيا.

أجرى رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز محادثات طارئة مع قادة المعارضة الكتالونية، الأربعاء، لبحث الاحتجاجات العنيفة للانفصاليين في كتالونيا. 

مواجهات الشرطة والمعارضة

لليوم الثاني على التوالي، تظاهر الآلاف من مواطني إقليم كاتالونيا تأكيدا على مطالبهم بالاستقلال عن إسبانيا، الأمر الذي أدى للاشتباكات مع أفراد من الشرطة والأمن المركزي. 

تخطت المتظاهرات مبدأ السلمية، وبدأت في إشعال النيران والحرائق بالمؤسسات الحكومية، ومحاولة لاقتحام مكاتب الحكومة في العاصمة برشلونة.  وقال ميريتسيل بودو، المتحدث باسم الحكومة الإقليمية في كاتالونيا، إنهم يشعرون بالتعاطف مع المتظاهرين ويتفهمون غضبهم.

ويستخدم المحتجون تطبيق إلكتروني، يعتقد أنه مشفر كباقية البرامج المستخدمة في وقت الاحتجاجات لاستبعاد فكرة الاختراق من قبل السلطات الحكومية مثلما استخدام المحتجون الإيرانيون تطبيق تليجرام،  يساعد في توجيههم إلى أماكن التجمع للاحتجاج في مدن الإقليم.

اعتلقت الشرطة عدد من المحتجين وأطلقت الغاز المسيل للدموع، محاولة تفرقة المتظاهرين الذين يحاولون الوصول للمؤسسات الحكومية في العاصمة برشلونة.

قد اندلعت تلك التظاهرات للاعتراض على حكم المحكمة الإسبانية بالسجن لتسعة من قادة الإقليم القوميين والمؤيدين لانفصال كتالونيا، ما أغضب عدد كبير من الأفراد وخروجهم للاحتجاج بعدد من المدن مثل برشلونة جيرونا وتاراغونا. 

وقام آلاف المتظاهرين، يوم الإثنين، بسد الطرق المؤدية إلى مطار إل برات في برشلونة، والذي يمثل مركز النقل الرئيسي. وتم إلغاء أكثر من 100 رحلة بينما خاض المتظاهرون معارك مع شرطة مكافحة الشغب في مباني الركاب.

أدانت المحكمة الإسبانية القادة الانفصالين بالسجن لفترات تتراوح ما بين سبعة وثلاثة عشر عامًا، كما أصدرت أحكام بالغرامة على متظاهرين آخرين، وترى المحكمة أن تلك الأعمال غير قانونية يحاسب عليها، وشددت الأحكام نظير دورهم في دعم استقلال 2017.

هل ستشهد إسبانيا “كتالونيكسيت”؟

يعد انفصال إقليم كتالونيا هي القضية الأهم داخل أروقة الأحاديث الإسبانية والأوروبية، ولا سيما عقب قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، فهل تشهد إسبانيا، هي الأخرى استقلال إقليم كتالونيا؟.

يعد إقليم كتالونيا من أغنى أقاليم الإسبانية، إذ يستحوذ وحده على 20%  من الثروة القومية، كما أن يستحوذ على ربع الصادرات الأسبانية، ويقطن به قرابة 7.5 مليون نسمة، أي 16% من الشعب الأسباني. كما تمثل مدينة برشلونة، عاصمة الإقليم، واحدة من أكبر مناطق البحر المتوسط الذي يشتمل على أكبر الموانئ البحرية الكبرى، ومراكز الشركات العالمية.

يبلغ إجمالي الناتج القومي لإقليم كتالونيا 210 ملايين يورو، وهو ما سيجعل حصة كل مواطن كتالوني حوالي 27 ألف يورو سنويًا، ويعنى هذا أن مدريد ستخسر حوالي 19 % من ناتجها القومي الإجمالي. إضافة إلى  قرابة 26 % من الصادرات الصناعية بالإقليم، علاوة على ذلك،  يسيطر كتالونيا على أكثر من 65% من حركة النقل والمواصلات الخاصة بتجارة إسبانيا الدولية، الأمر الذي سيزيد معه تكلفة التصدير الإسبانية للخارج. حسبما أشارت دراسة نشرها بنك “ناتيكسيس” الإسباني.

ناهية عن هوية الإقليم المستقلة عن باقي دولة إسبانيا، فمواطني الإقليم يرون أن لهم هوية خاصة بها ولغة تختلف عن اللغة الرسمية يعتز بها متحدثيها، وثقافة أخرى مختلفة عن باقي أفراد الدول الإسبانية. فالإقليم يملك علمه الخاص الذي يمثل ثقافة سكانه وقيمهم وسكانه يريدون سماع النشيد الوطني الخاص بهم.

بغض النظر عن دوافع الإقليم للاستقلال، تتشدد إسبانيا في رفض الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة، في تخوفها من توالي دعاة الاستقلال من أقاليم أخرى، مثل أقليم الباسك، الأكثر قومية وتعصبًا لقوميتهم من الكتالونيين ذات أنفسهم، بجانب احتمالية تصدر القوميين المتعصبين باقليم كتالونيا المشهد السياسي، ما يؤدي للنداء ببناء كتالونيا العظمى التي كانت قائمة في فترة العصور الوسطى عبر ضم جزر البليار ومنطقة فالنسيا. وهذا ما عبر عنه وزير العدل قائلًا “أخشى بشدة من أن استقلال إقليم كتالونيا سيؤدي بالفعل إلى وضع نهاية للدولة الإسبانية، لأن استقلال كتالونيا سيكون مثل توالي سقوط قطع الدومينو عند إسقاط القطعة الأولى”.