آخرها “آبل”.. عقوبات فرنسية قاسية تضرب أعتى شركات التكنولوجيا الأمريكية

حسام السبكي

حسام السبكي

يبدو أن سيف الغرامات الفرنسية، التي تستهدف شركات التكنولوجيا الأمريكية، بات أسرع من ذي قبل، كان آخرها شركة “آبل” العملاقة، في توجه اقتصادي يبدو رافضًا للسياسة الأمريكية، التسلطية على الأسواق العالمية، التي تسعى للاستحواذ والاحتكار، غير عابئة بقواعد التوازن المالي والتبادل التجاري المشترك.

آبل في مرمى الغرامات الفرنسية

في خطوة حاسمة، قررت سلطة مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة في فرنسا، تغريم شركة الإلكترونيات الأمريكية “آبل” 1.1 مليار يورو ما يعادل 1.2 مليار دولار، بعد الانتقادات التي تم توجيهها للأمريكية بدعوى أن اتفاقياتها من شركتي توزيع منافية لقواعد المنافسة الحرة.

وذكرت سلطة مكافحة الاحتكار الفرنسية أن آبل تآمرت مع اثنين من موزعي الجملة وهما “تك داتا” و”إنغرام ميكرو”، في خطوة قلصت قدرة موزعي الجملة الذين يتعاملون مع منتجات أخرى من منتجات آبل غير آيفون مثل أجهزة الكمبيوتر آبل ماك على المنافسة في السوق.

في غضون ذلك، تم تغريم شركتي التوزيع 76.1 مليون يورو و63 مليون يورو على الترتيب.

ونقلت وكالة “بلومبرغ” للأنباء عن إيزابيلا دي سيلفا رئيسة مكتب حماية المنافسة الفرنسي قولها في بيان، أمس الإثنين، إن “آبل وشركتي التوزيع اتفقت على عدم منافسة بعضها البعض وحرمان شركات إعادة البيع من تأجيج المنافسة بينها، وبذلك تم تعقيم السوق لصالح منتجات آبل”.

وتعود هذه القضية إلى شكوى تقدمت بها شركة أي بيزوس عام 2012 .

ووصفت “آبل” في بيان الغرامة بأنها “مخيبة للآمال”، واصفة القرار الفرنسي بأنه “سيسبب فوضى بالنسبة للشركات في مختلف الصناعات”، قائلة إنها تعتزم الاستئناف.

الغرامات الفرنسية الجديدة، تعد سلسلة ربما تتواصل في المستقبل، خاصةً مع أي ممارسات غير قانونية للعملاقة الأمريكية، ففي فبراير الماضي، ففي عقوبة نادرة، بعد ما يقترب من 3 سنوات من اعتراف الشركة الأمريكية، تعمد إبطاء هواتفها الأقدم من دون إبلاغ المستخدمين بهذا الإجراء، فرضت هيئة الرقابة على المنافسة ومكافحة الاحتيال في فرنسا، غرامة قدرها 27 مليون دولار، متهمة الشركة بارتكاب “جريمة خداع”.

وأكدت الهيئة الرقابية الفرنسية أن المستهلكين لم يتلقوا إخطارًا بأن هواتفهم القديمة من تصنيع آبل ستشهد خفضا متعمدًا في سرعة التشغيل، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

وفي 2017، أكدت آبل أنها اتخذت إجراءات لإبطاء سرعة بعض الهواتف التي تنتجها، لكنها بررت ما فعلته برغبتها في أن “تعيش هذه الهواتف عمرا أطول”.

وأصدرت الشركة بيانا أكدت فيه أنها توصلت إلى تسوية للمشكلة مع الجهة الرقابية الفرنسية.

ورغم النفي والإنكار المضاد بين الجانبين، أكدت “بي بي سي”، إن آبل مستمرة في خفض سرعة هواتف من طرازات أقدم منذ أن أكدت أنها تفعل ذلك في 2017.

عقوبات أخرى

لم تكن آبل الشركة الأمريكية الوحيدة التي طالتها العقوبات الفرنسية، ففي أواخر العام الماضي فرض المكتب غرامة قدرها 150 مليون يورو على شركة خدمات الإنترنت جوجل، بدعوى انتهاك قواعد عمل منصتها الإعلانية غوغل آدس لقواعد المنافسة الحركة.

فقد أعلنت سلطة المنافسة الفرنسية، في 20 ديسمبر الماضي، أنها فرضت غرامة قدرها 150 مليون يورو على شركة جوجل الأمريكية لاستغلال وضعها المهيمن على سوق الإعلانات المرتبطة بمحرك البحث ( جوجل آدس).

ودعت السلطة، بحسب وكالة “الأنباء الفرنسية”، التي لم تفرض أي عقوبة من قبل على المجموعة العملاقة، جوجل على “توضيح قواعد عمل منصتها الإعلانية “جوجل آدس” وإجراءات تعليق حسابات” بعض المعلنين.

تهديدات متبادلة

البُعد السياسي كان حاضرًا في العقوبات الفرنسية ضد الشركات الأمريكية، وإن لم ينف هذا أحقية تلك الشركات للعقوبات، بحسب القوانين المعمول بها في فرنسا، إلا أنه بالعودة إلى ديسمبر ما قبل الماضي، نجد تعهدات وزير الاقتصاد الفرنسي بـ”رد قوي على العقوبات الأمريكية”، وذلك بعد أن هددت واشنطن بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المئة على سلع فرنسية بقيمة 2.4 مليار دولار.

وبررت حينها الولايات المتحدة الرسوم الجمركية، على فرض باريس على عملاقة الإنترنت “غوغل” و”أمازون” و”فيسبوك” و”أبل” ضرائب تعتبرها واشنطن “تمييزية”.

ووصفت التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على الشركات والمنتجات الفرنسية، بأنها قد تعزز الانقسام بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وأطلق التهديد الأمريكي عشية لقاء بين ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في لندن، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في ديسمبر 2019.