قانون “قيصر”.. أداة ضغط أمريكية لتمرير الحل السياسي في سوريا

وليد أبوالمعارف

رؤية –  محمود سعيد

يدخل قانون “قيصر” الذي أقرّه الكونجرس الأمريكي حيّز التنفيذ في الأول من يونيو/ حزيران المقبل، يأتي ذلك مع مواصلة الليرة السورية تراجعها، حيث وصل سعر أمام الدولار الواحد في السوق السوداء إلى 1450 ليرة، لتصل العملة السورية إلى أدنى مستوياتها عبر التاريخ، قانون “قيصر” كذلك يختلف عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا في السنوات الماضية على النظام؛ لأنه يشمل كل من يتعامل مع النظام من داخل سوريا وخارجها، حتى إنه سيطال مواقع داخل الدولة على عكس العقوبات السابقة التي كانت تطال أفراداً محددين.

النظام في دمشق يمر بأزمة اقتصادية حادة جاءت بفعل المراحل الأولية من قانون سيزر (قيصر) الأمريكي حيث تلقى العام الماضي صدمة اقتصادية مصرفية قوية هزته من جهة لبنان، وهي منع تمرير الحوالات المالية إلى سوريا بالقطع الأجنبي خصوصاً الدولار، وهو ما حرم من ملايين الدولارات شهرياً وبطريقة لا يمكن لمليشيات “حزب الله” الإرهابية اللبنانية أن تتدخل لمنعها رغم هيمنتها على مفاصل الدولة اللبنانية، حيث يعاني كذلك الاقتصاد اللبناني من انهيار كبير وتخرج مظاهرات كبيرة في المدن اللبنانية احتجاجا على الوضع الاقتصادي وتعاني البنوك اللبنانية من شح السيولة، فضلا عن تفشي كورونا في سوريا بسبب وجود أعداد كبيرة من المليشيات الإيرانية.

4 دفعات من العقوبات

فيما أوضح المعتقل اللبناني السابق في سجون إيران نزار زكا، العضو في فريق CESAR –بحسب “العربية”- “أن 4 دفعات من العقوبات من ضمن القانون تبدأ اعتباراً من منتصف يوليو وتستمر حتى نهاية أغسطس/ آب المقبل، وتتضمّن أسماء مسؤولين وشركات خاصة في سوريا ولبنان والعراق وإيران وروسيا”، كما لفت إلى “أن العقوبات ستشمل كيانات حزبية وشركات وأفرادا قدّموا الدعم الاقتصادي والسياسي للنظام السوري منذ تاريخ توقيعه قانون “قيصر” في 19 ديسمبر الفائت وحتى اليوم”.

كما أكد زكا أن هناك ضغوطاً أمريكية شديدة على النظام وعلى كل من يتعامل معه، بدءاً من حزب الله في لبنان، ووصولاً إلى الحشد الشعبي في العراق. وأضاف أن “شخصيات رسمية من مختلف الطوائف في لبنان ورجال أعمال تربطهم علاقات تجارية بالنظام سيكونون تحت قبضة “قيصر”.

نقص في الموارد المالية

فيما كشف “عدنان سليمان” -الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق- أنّ “سوريا تعاني من نقص في الموارد المالية”، ولفت إلى أنّ القوة الشرائية في سوريا تآكلت بحدود 93% منذ 2010، وقال: إن النظام بحاجة إلى 10 مليارات دولار بالحدّ الأدنى سنوياً ليكون الاقتصاد شبه متوازن، 2 مليار بالحدّ الأدنى لشراء موارد الطاقة والأغذية والأدوية، ولكنْ هناك شحٌّ مالي وشح بالقطع الأجنبي، ما يشير إلى أنّ الأمر سيزداد صعوبة في قادم الأيام.

روسيا وقيصر

من جهتها، تحاول روسيا كسب الوقت قبل تنفيذ قانون قيصر، حيث أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارتي الدفاع والخارجية بإجراء محادثات مع النظام لتسلم منشآت إضافية سورية منها بحرية، ويأتي ذلك في إطار توسيع قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، وأشار مراقبون إلى أن روسيا في سباق مع الزمن لإعادة فتح الطرق الدولية في شرق الفرات وحلب – اللاذقية (M4)، في خطوة استباقية منها لإيجاد حلول بديلة في حال فرضت أمريكا عليها فعلاً عقوبات بسبب قانون قيصر، خاصة وأن موضوع فتح الطرق الدولية ستكون له آثار إيجابية كثيرة على اقتصاد النظام.

قانون قيصر

القانون سمي بهذا الاسم نسبة إلى ضابط سوري منشق يدعى “قيصر” سرب 55 ألف صورة توثق مقتل 11 ألف في سجون النظام، وبموجب القانون ستفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات قاسية على الأشخاص المتورطين بارتكاب انتهاكات وجرائم ضد الشعب السوري، كما يستهدف الدول الداعمة لنظام الأسد (كروسيا وإيران ولبنان والعراق) ويفرض على ترامب معاقبة الشركات التي تتعامل مع النظام أو مصرف سوريا المركزي، وجاء في القانون المنشور في الموقع الإلكتروني للكونجرس أن “الأعمال القتالية لبشار الأسد ضد الشعب السوري أودت بحياة نصف مليون مدني، وأدت إلى تدمير نصف البنية التحتية في سوريا، وأجبرت أكثر من 14 مليون شخص على مغادرة منازلهم خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأنتجت أسوأ أزمة إنسانية منذ أكثر من ستين عاما”، كما انتقد المشروع -الذي جاء في خمسة فصول- موقف المجتمع الدولي، وقال: إن “التحركات الدولية كانت غير كافية لحماية المدنيين من هجمات القوات النظامية وغير النظامية التي تدعم نظام بشار الأسد، ومنها حزب الله”.

وعدّد المشروع الأسلحة التي تستعمل ضد الشعب السوري، ومنها البراميل المتفجرة، والأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى أساليب أخرى كالحصار والتعذيب والإعدامات والاستهداف المتعمد للمرافق الطبية، وغير ذلك، بموجب مشروع القانون، فإن كل من يزود شركات الطيران السورية التجارية بالطائرات، أو يتعامل تجاريا مع قطاعي النقل والاتصالات التي تديرها الحكومة، أو يدعم صناعة الطاقة في البلاد؛ سيكون عرضة للعقوبات أيضا.

القانون يترك كذلك الطريق مفتوحاً للحل الدبلوماسي، لأنه يسمح للرئيس الأمريكي برفع هذه العقوبات في حال لَمَسَ جديةً في التفاوض من قبل النظام بشرط وقف الدعم العسكري الروسي والإيراني للأسد. كما يمكن للرئيس ترامب رفع العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأمريكي.