سوريا.. «المنقلة» لعبة شعبية تقاوم النسيان وآثار الحرب

إبراهيم جابر
لعبة المنقلة

رؤية

دمشق – “المنقلة”.. لعبة شعبية تراثية، مازالت تحتفظ بمكانتها في المنازل السورية، حيث لا يكاد يخلو منزل من هذه اللعبة التي تشبه “الشطرنج”، وتحديدا في شمال البلاد.

هذه اللعبة تصنع من ألواح خشبية، وبها تجويفات صغيرة يستخدم فيها الحصى، وتعتمد على حسابات رياضية دقيقة يترتب عليها تحركات اللاعب، ومن ثم حساب الربح والخسارة أمام منافسه الآخر، وفقا لـ”سكاي نيوز”.

ففي المقاهي والساحات المفتوحة للمنازل الريفية في الرقة تحتدم المنافسات بين اللاعبين، لاسيما من كبار السن، للفوز باللعبة التي تحظى برواج وحضور شعبي مميز.

وأمام منزله في حي البدو، يتجمع رجال الحي حول العم خلف، الرجل السبعيني الذي يتقن اللعبة منذ أكثر من 60 عاما.

ويوضح الرجل لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن قواعد اللعبة تبدأ بتوزيع 7 أحجار في كل تجويف باللوح، وعددها الإجمالي 14 تجويفا، بينما يبلغ عدد الحجارة 98 حجرا صغيرا، كما أن للمنقلة حفرة على اليمين وأخرى على اليسار.

ويضيف: “بعد توزيع الحجارة بالتساوي في كل تجويف يبدأ اللعب من اليسار إلى اليمين، فيما يتنافس في هذه اللعبة لاعبان ويكون الفائز من يجمع أكبر عدد من الحجارة”.

من جانبه، يقول راكان، اللاعب الآخر، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن المنقلة اليوم تتكون من لوح من الخشب طوله متر واحد، وهي لعبة ثنائية؛ تبدأ بصناعة سبع حفر صغيرة بالأرض، أو بعمل تجاويف في لوح خشبي بشطرين متقابلين.

ويلفت إلى أنه “توضع في كل حفرة مجموعة من الحصى الصغيرة، ويحاول كل لاعب أن يحصل على حصى خصمه، وعدم تمكينه من كسب حجارته، وهذا الأمر يحتاج إلى عملية حسابية ذهنية تلعب الخبرة والفطنة والتركيز دورا كبيرا فيها”.

ووصف العم خلف لعبة المنقلة بأنها تعكس “الجانب الإيجابي” للحياة الاجتماعية المشتركة، إذ تتميز بأجواء الود التي تبقى مسيطرة على اللاعبين، بخلاف بعض الألعاب الأخرى.

وأشار إلى أنها لعبة لا ينساها كبار السن، ويعتبرونها وسيلة للتسلية، لاسيما أنها صنعت مما وفرته الطبيعة من مواد كالحجارة والأخشاب، كما تعتبر جزءا لا يتجزأ من التقاليد الموروثة في سوريا، وتحتفظ بمكانة خاصة لديهم.

وتابع: “اللعبة التراثية تتحدى الألعاب الحديثة، كونها تعتمد على الذاكرة والحسابات الرياضية والتركيز”.

ودأبت المؤسسات الثقافية المعنية بحفظ التراث في شمال سوريا، على تعريف الجيل الجديد بالموروث المادي والحضاري للمنطقة، عبر إحياء الألعاب التراثية؛ ومن بينها لعبة المنقلة، وتخصيص بطولات خاصة بها.

وتشهد مدن وبلدات الرقة والحسكة بطولات خاصة باللعبة كطقس سنوي، فيما كانت تقام قبل أزمة الحرب في سوريا بطولات موسمية على مستوى البلاد.

ووفق المؤرخ السوري سهيل العمر، فإن تاريخ “لعبة الأجداد” يرجع إلى 1400 عام قبل الميلاد، مضيفا: “لقد عُثر على لوح حجري لأحد معابد مصر القديمة في مدينة منفيس، بولاية الأقصر والطيبة”.

وتابع: “لعبة المنقلة انتقلت من مصر القديمة إلى سوريا عبر البدو، حيث حظيت بانتشار واسع، كما وجدت نسخ معدلة لها في الهند وماليزيا والفلبين وغيرها، وخلال التوسعات الاستعمارية غزت اللعبة الساحل الشرقي لأميركا”.

ربما يعجبك أيضا