عضوية فنلندا والسويد والحرب الروسية الأوكرانية تُسطّران مشهد الختام لـ«قمة الناتو»

رنا أسامة

البيان الختامي لقمة الناتو في مدريد وصف روسيا بأنها "أكبر تهديد مباشر لأمن الحلفاء والسلام والاستقرار في المنطقة الأوروبية الأطلسية".


اختتمت قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، اليوم الخميس 30 يونيو 2022، أعمالها في العاصمة الإسبانية مدريد، بعد 3 أيام من المباحثات.

وأثمرت القمة عن قرارات بعيدة المدى في خِضم أكبر أزمة تواجهها أوروبا على وقع الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 4 أشهر، وكان من أبرز القرارات دعوة فنلندا والسويد للانضمام للحلف، والموافقة على المفهوم الاستراتيجي الجديد، وإحداث تحوّل جوهري في آلية الردع والدفاع.

الناتو حلف دفاعي.. وقمة مدريد علامة فارقة

وفق بيان الناتو الختامي، شدّد رؤساء حكومات ودول الحلف على أنهم مُتحدون في وقت حرج لأمنهم وسلامهم واستقراراهم الدولي، من أجل إعادة التأكيد على الروابط الدائمة بينهم عبر الأطلسي. وأضاف البيان أن “الناتو حلف دفاعي لا يُهدد أي دولة، ويظل أساس دفاعنا الجماعي والمنتدى الأساسي لمشاورات الحلفاء وقراراتهم الأمنية. والتزامنا بمعاهدة واشنطن، بما في ذلك المادة 5، لا يزال قائمًا”.

وفي هذه البيئة الأمنية المتغيرة جذريًّا، أشار البيان إلى أن قمة مدريد تُمثل علامة فارقة في تعزيز الحِلف وتسريع تكيّفه، مضيفًا: “نحن متحدون في التزامنا بالديمقراطية والحرية الفردية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. ونلتزم بالقانون الدولي وبأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. ونحن ملتزمون بدعم النظام الدولي القائم على القواعد”.

إدانة الحرب الروسية الأوكرانية بأشد العبارات

أدان بيان الناتو الحرب الروسية الأوكرانية بأشد العبارات الممكنة، باعتبار أنها “تقوض على نحو خطير الأمن والاستقرار الدوليين، وتمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”، مُذكّرًا بأن “القسوة المروعة التي تمارسها روسيا أحدثت معاناة إنسانية هائلة ونزوحًا جماعيًّا، ما أثر تأثيرًا مروعًا في النساء والأطفال”.

وحمّل البيان روسيا المسؤولية الكاملة عن هذه “الكارثة الإنسانية”، داعيًا إيّاها إلى “تمكين الوصول الآمن والمُستدام للمساعدات الإنسانية دون عوائق”، فضلًا عن وقف هذه الحرب على الفور، والانسحاب من أوكرانيا، إلى جانب دعوة بيلاروسيا إنهاء “تواطؤها مع موسكو.”

ترحيب حار بمشاركة زيلنسكي

وفق البيان، رحّب قادة الناتو ترحيبًا حارًا بمشاركة الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في قمة مدريد، مُعربين عن تضامنهم الكامل مع حكومة وشعب أوكرانيا في الدفاع عن بلادهم، ودعمهم استقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامتها الإقليمية، داخل حدودها المعترف بها دوليًّا، المُمتدة عبر مياهها الإقليمية.

وكذلك أيّد قادة الناتو حق أوكرانيا في الدفاع عن النفس، واختيار الترتيبات الأمنية الخاصة بها، مُرحبين بجهود الحلفاء المشاركين في دعم أوكرانيا، وتقديم المُساعدة اللازمة لتوفير هذا الدعم.

روسيا أكبر تهديد مباشر.. والصين تتحدّى مصالح الناتو

ذكر بيان الناتو أن الحلف يواجه تهديدات واضحة من الاتجاهات الاستراتيجية كافة، واصفًا روسيا بأنها “أكبر تهديد مباشر لأمن الحلفاء والسلام والاستقرار في الرواق الأوروبي للأطلسي”، في حين لا يزال الإرهاب يُمثل تهديدًا مباشرًا لأمن دول الحلف وللاستقرار والازدهار الدوليين، مضيفًا: “سيواصل الحلفاء مواجهة تهديدات روسيا، والرد على أعمالها العدائية بما يتفق مع القانون الدولي”.

وأضاف “نواجه تهديدات سيبرانية وفضائية ومختلطة وتهديدات غير متكافئة، إلى جانب الاستخدام الضار للتكنولوجيات الناشئة والمدمرة. ونواجه منافسة منهجية من أولئك، بما في ذلك جمهورية الصين الشعبية، الذين يتحدّون مصالحنا وأمننا وقيمنا، سعيًا لتقويض قواعد النظام الدولي”.

إقرار مفهوم استراتيجي جديد

اتخذ قادة الناتو، وفق البيان، قرارات من بينها إقرار مفهوم استراتيجي جديد، يصف البيئة الأمنية التي تواجه الحلف، ويُعيد التأكيد على قيمه، مع توضيح هدفه الرئيس والمسؤولية التي تقع على عاتقه لضمان دفاعه الجماعي على أساس نهج شامل.

وكذلك يُحدد المفهوم المهام الأساسية الثلاث للناتو، مُمثلة في الردع والدفاع، ومنع الأزمات وإدارتها، والأمن التعاوني، على أن يوجّه ذلك المفهوم عمل الحلف في السنوات المُقبلة عبر الأطلسي، بحسب البيان.

مواصلة دعم أوكرانيا سياسيًا وعمليًا

أعلن بيان قادة الناتو مواصلة وتعزيز دعم أوكرانيا، الشريك الوثيق للحلف، سياسيًّا وعمليًّا، في وقت تواصل فيه “الدفاع عن سيادتها وسلامتها الإقليمية ضد الهجوم الروسي”.

وأضاف: “بالاشتراك مع كييف، قررنا تعزيز حزمة الدعم، لتسريع تسليم المعدات الدفاعية غير الفتاكة، وتحسين دفاعاتها السيبرانية وقدرتها على الصمود، ودعم تحديث قطاعها الدفاعي لتعزيز قابلية التشغيل البيني على المدى الطويل، مع دعم جهود إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب”.

أساس جديد لآلية الردع والدفاع للناتو

قرر الناتو في خِتام قمة مدريد وضع أساس جديد لآلية الردع والدفاع على المدى الطول، للدفاع عن كل شبر من أراضي الحلفاء، ضد أي تهديدات وتحديات، بما يتماشى مع النهج الشامل للحلف، برًا وبحرًا وجوًا وإلكترونيًّا وفضائيًّا.

وأشار البيان إلى أن دور الناتو في مكافحة الإرهاب جزء لا يتجزأ من هذا النهج، في حين يلتزم حلفاؤه بنشر قوات إضافية قوية جاهزة للقتال على جناحه الشرقي، حيثما ومتى لزم الأمر، مدعومة بتعزيزات موثوقة ومتوفرة بسرعة، ومعدات جاهزة مسبقًا، بما يُسهم في منع أي عدوان على أراضي الناتو.

الصمود مسؤولية وطنية

قال البيان إن الصمود مسؤولية وطنية والتزام جماعي، موضحًا أن الناتو يعمل على تعزيز قدرته على الصمود، بما في ذلك من خلال الأهداف الموضوعة على المستوى الوطني، مسترشدًا بالأهداف التي وضعها الحلفاء معًا، فضلًا عن تعزيز أمن الطاقة، وضمان تزويد القوات العسكرية للحلف بإمدادات طاقة موثوقة.

وتابع: “سنعمل على تسريع تكيّفنا وتعزيز قدرتنا على الصمود أمام التهديدات السيبرانية والهجينة، باستخدام أدواتنا السياسية والعسكرية بطريقة متكاملة”، للرد على الأنشطة الإلكترونية الخبيثة، فضلًا عن إقرار سياسة دفاع كيميائيّة وبيولوجيّة وإشعاعيّة ونوويّة جديدة.

تدابير لتكثيف دعم شركاء الناتو

في ضوء البيئة الأمنية المتغيرة في أوروبا، قرر قادة الناتو اتخاذ تدابير جديدة لتكثيف الدعم السياسي والعملي، المصمّم خصيصًا للشركاء، بما في ذلك البوسنة والهرسك، وجورجيا، ومولدوفا.

وجاء في البيان: “سنتعاون معها لبناء منظومة النزاهة لديهم، وتعزيز قدرتها على الصمود، ودعم استقلالها السياسي. كما سنعمل على تعزيز دعم بناء قُدرات شركائنا من الجنوب”.

الالتزام بسياسة الباب المفتوح

جدد البيان التزام الناتو بسياسة الباب المفتوح للحلف، بدعوة فنلندا والسويد للانضمام إليه، والموافقة على بروتوكولات الانضمام. وأوضح: “قبل انضمام أي عضو جديد للحلف، ينبغي معالجة المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الحلفاء بطريقة صحيحة”.

ورحّب بالمذكرة الثلاثية المُبرمة بين تركيا وفنلندا والسويد في هذا الصدد”، مُضيفًا أن “انضمام فنلندا والسويد سيجعل الناتو أكثر أمانًا، وسيعزز من قوته وسيجعل الرواق الأوروبي للأطلسي أكثر أمانًا”.

ربما يعجبك أيضا